بغداد/ تميم الحسن
تظهر أكثر من قوة شيعية بمواجهة تعديل "العفو العام" الذي يوصف بأنه "قانون سُني"، ولا يستبعد ان تكون الاعتراضات ذات علاقة بالازمة الأخيرة بين "الإطار التنسيقي" والحكومة.
تعديل القانون، المطروح الآن أمام البرلمان، صنع داخل الحكومة، وهو ضمن ورقة الاتفاق السياسي، أو ما يمكن اعتباره شروط السُنة مقابل التصويت على حكومة محمد السوداني في 2022.
بالمقابل فان قوى "الإطار التنسيقي" اضطرت اليوم إلى استخدام القانون الذي تجاهلته قرابة عامين، في "صفقة مقايضة" مقابل "الأحوال الشخصية".
الطرفان إذاً، (الحكومة والإطار) يرغبان في تمشية القانون الآن -كل حسب التزاماته- لكن بالمقابل العلاقة ليست هي الأفضل بين السوداني والتحالف الشيعي، بحسب ما يتم تداوله في الأوساط السياسية.
السوداني حتى الآن لم يعلق على تطورات "العفو العام"، وكان قد أرسل التعديل إلى البرلمان في تموز الماضي، والذي يتضمن فقرة واحدة فقط تتعلق بتعريف الجريمة الإرهابية.
وفي هذا التوقيت كانت بداية صعود الازمة بين الحكومة و"الإطار التنسيقي"، لاسباب غير معروفة حتى الان، لذلك تجاهل الاخير القانون، ويئس السُنة من تمريره.
قال رشيد العزاوي، امين عام الحزب الإسلامي في ذلك الوقت، بأنه "لا توجد نية حقيقية لاقرار العفو العام".
الصفقة السرية
قبل شهر بالتحديد ظهر مقطع فيديو مصور من داخل البرلمان، لمجموعة من النواب الشيعة وهم يهددون بعرقلة قانون العفو العام.
ورد ياسر الحسيني وهو نائب مستقل في الفيديو، الذي ظهر مع النواب الغاضبين على رفع "الأحوال الشخصية" من جدول أعمال الجلسة: "كمكون شيعي لن نحظر الجلسات القادمة.. وقانون العفو ما يمشي".
في تلك اللحظة أطلقت شرارة الصفقة السرية (الأحوال مقابل العفو)، التي ستكون "علنية" بعد ذلك، بحسب ما كشف النائب عن ديالى رعد الدهلكي.
وقال الدهلكي قبل أيام في لقاء تلفزيوني إن "رئيس البرلمان بالوكالة محسن المندلاوي هدد بسحب قانون العفو من جلسة الاثنين (أول أمس) في حال عدم التصويت على الأحوال الشخصية".
وفي وقت بدا فيه "الإطار التنسيقي" بحاجة الى تحريك القانون (العفو العام) الذي كان مركونا على الرف من أجل تمرير "الأحوال الشخصية" الذي أثار عاصفة من الانتقادات حتى بين الشيعة، اصطدم مع رئيس الحكومة.
قالت نور نافع، وهي نائبة عن الديوانية، في جلسة يوم الاثنين والتي شهدت قراءة قانوني "الأحوال والعفو" في وقت واحد، ان "رئاسة المجلس رفضت استلام تواقيع 124 نائبا يرفضون طرح قانون الأحوال الشخصية".
ورد محسن المندلاوي، رئيس البرلمان بالوكالة، وهو من المتحمسين لتمرير القانون، في الجلسة التي بثت على الهواء، على النائبة: "تكلمين بشيء مفيد".
ماذا لو نجح السوداني؟
وقع "الإطار التنسيقي" في حيرة التوازن بين السماح للقوى السُنية بالحصول على القانون الذي كان ضمن مطالب "ورقة الاتفاق السياسي" دون قيد أو شرط، أو يخسر "الأحوال الشخصية".
ويُعتقد، بحسب تسريبات، أن تمرير العفو العام سيزيد من شعبية السوداني، لانه يتحمل تنفيذ بنود ورقة الاتفاق السياسي، وحكومته من أرسلت التعديل.
ومنذ شهر بدأت العلاقة تتوتر بين الطرفين على خلفية مايعرف بـ"شبكة جوحي" للتنصت، وملف "سرقة القرن".
ويُشاع إن إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس الإيراني كان في بغداد، وعقد مفاوضات محدودة مع بعض الزعامات الشيعية لتطويق الازمة داخل "الإطار التنسيقي".
ويحاول نوري المالكي، زعيم دولة القانون، الذي يوصف في الأوساط السياسية بأنه من جبهة المعارضة للسوداني، إيجاد توازن في موقفه من العفو العام.
قال قبل أيام في خطبه المتلفزة -وهو تقليد كان دأب عليه اثناء وجوده بالسلطة وعاد اليه مؤخرا- بانه "يدعم العفو العام" لكن يرفض "اخراج الارهابيين".
اعطى المالكي طرف الخيط، وآلية المقايضة التي ستبدأ باقي الأطراف الشيعية بترديدها في الإعلام بالتعليق على "العفو العام"، خوفا من انزلاق الوضع وعدم تمرير "الأحوال الشخصية ولذلك سيكون العفو العام بلا قيمة"، بحسب بعض المصادر.
يقول علاء الحيدري، نائب عن البصرة "اخراج الارهابيين بالعفو خط أحمر"، مضيفا "سنستثني جرائم التجسس من القانون. شبكة جوحي لن تشمل بالعفو".
بالمقابل ان بعض الفصائل التي تبدو حسب مواقفها ضد السوداني، و"الإطار التنسيقي" معا، بدأت هي الأخرى باخذ جانب اخر أكثر تشدداُ في الحديث عن العفو العام، هي ثاني قوى شيعية تهاجم القانون.
وتروج منصات أخبارية لتلك الفصائل أن "نور زهير (المتهم الرئيسي بسرقة القرن) سيشمل بالعفو".
ويؤيد باسم خشان، وهو نائب مستقل بات ينتقد الحكومة منذ وقت قريب، هذا الطرح، فيما تحرص تلك المنصات على استضافته بشكل دائم، أو نقل تصريحاته بخصوص "العفو العام".
ما هو قانون العفو؟
في 2016 صوت البرلمان على قانون العفو العام، واستثنى عدة جرائم منها "الإرهابية".
أفرج على ضوء القانون، عن نحو 10 آلاف نزيل، بين شهر تشرين الثاني 2016 ولغــاية 28 شبــاط 2023، بحسب وزارة العدل.
رغم ذلك كانت القوى السُنية تطمح بتوسيع دائرة القضايا المشمولة بـ"العفو".
وطرح أثناء تشكيل الحكومة في 2022، بندا خاصا في "ورقة الاتفاق السياسي" تتعلق بتعديل قانون "العفو العام".
يقول العزاوي يجب أن نعرف بالبداية من المقصودين بالعفو هل هم الابرياء؟ الأبرياء يجب إخراجهم من السجن والاعتذار لهم".
ويؤكد امين الحزب الاسلامي لـ(المدى): "الصحيح ان تعاد محاكمة عدد من المتهمين الذين انتزعت اعترافاتهم بالقوة في إمكان تحقيق غير التي تم فيها التحقيق السابق".
وأكد العزاوي بان لديه "ملفات ووثائق تؤكد وجود حالات عديدة تم فيها اخذت الاعترافت من متهمين بالقوة".
وكانت أطراف سنية قد حذرت في وقت سابق مما وصفته بـ"حملة اعدامات سريعة" للمعتقلين تسبق العفو العام.
وفي تموز الماضي، أرسلت الحكومة تعديل "العفو العام" إلى البرلمان، وتضمن مادة واحدة بديلا عن المادة 4 / ثانيا في قانون 2016، فيما تقول القوى السُنية بان المادة المرسلة "فيها تشديد وقد لاتسمح بخروج أي سجين"، بحسب النائب السابق حيدر الملا، والحالي فهد الراشد.
وتنص مادة التعديل على "يقصد بجريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية بأنه كل من عمل في التنظيمات الإرهابية، أو قام بتجنيد العناصر لها أو قام بأعمال إجرامية أو ساعد بأي شكل من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي، أو وجد في سجلات التنظيمات الإرهابية".
يقدر الملا اعاد الابرياء من المحكومين بقضايا إرهاب بنحو "2000 سجين فقط"، ويقول ان هؤلاء "يمكن اعادة محاكمتهم او التحقيق معهم، وليس الافراج عنهم مباشرة".
ويعتقد الملا حدوث أخطاء في فترة الحكم عليهم، التي كانت إبان انتشار "داعش"، فضلا عن قلة عدد القضاة، الذين قد يكونوا قد تعرضوا الى الضغط بسبب كثرة القضايا.
ويوجد بالسجون العراقية 65 الف محكوماً، من بينهم 20 ألفاً بقضايا الإرهاب.
وفي موقف يمكن وصفه بالمرن يقول عارف الحمامي، عضو اللجنة القانونية في اتصال مع (المدى): "يمكن اعادة المحاكمات إذا كان هناك أبرياء، ويمكن أيضا تعديل مادة تعريف المنتمي إلى الإرهاب".
الحمامي وهو نائب عن دولة القانون يقول: "هناك مفاوضات ووقت غير محدد لعرض القانون على التصويت، لكننا شديدين جدا بمنع عبور أي إرهابي من القانون، وهي مطالب الشيعة والسُنة والكرد".
"العفو العام" مادة دسمة في أزمة "الإطار" مع السوداني.. هل ستعاد المحاكمات؟
شكوك بأحكام صادرة ضد 2000 متهماً بقضايا إرهاب
نشر في: 19 سبتمبر, 2024: 12:14 ص