اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > القبضة الفولاذية

القبضة الفولاذية

نشر في: 12 يناير, 2011: 05:06 م

محمد صادق جرادكان من الطبيعي ان تظهر تلك المشاكل الاجتماعية التي يعانيها المواطن المغاربي بصورة عامة والجزائري والتونسي بصورة خاصة حيث عبرت الاحتجاجات والتظاهرات في مدن عربية كثيرة عن اليأس والإحباط اللذين أصابا الشباب العربي من جراء غياب فرص العمل على مدى عقود من الزمن إضافة إلى استمرار الغلاء المعيشي الذي تزامن مع الأزمة العالمية وبغياب مساعدة الدولة .
قد يسال سائل هنا: ما الذي ساعد على ظهور هذه المشاكل في هذا التوقيت بالذات علما أنها موجودة منذ عقود طويلة؟ فما الذي جعلها تطفو على السطح بهذه القوة ؟ وأين كانت هذه الأصوات والمطالبات عبر العقود الماضية ؟لا يخفى على احد إن الأنظمة في هذه الدول هي أنظمة قوية قد أحكمت سيطرتها على الملفات العسكرية والأمنية والمخابراتية على حساب الملفات الاقتصادية والتي تتعلق بحياة المواطن ما خلف إهمالا كبيرا قد اثر على المستوى المعيشي للمواطن .هذا من جانب ومن جانب آخر نجد ان الأزمة العالمية قد ساهمت في زيادة حجم الأزمة وتفاقمها لتمس الحياة الاقتصادية والمعيشية للشعب وتشكل خطرا حقيقيا على المستوى المعيشي للفرد.ونرى ان أهم الأسباب التي أدت الى انفجار الوضع هو السياسة التي تتبعها هذه الدول في إدارة الأزمات المشابهة على مدى العقود الماضية حيث تتخذ السلطات سياسة تكميم الأفواه وعدم الاستماع للآخر، ولقد تبين هذا جلياً في طريقة معالجة هذه التجمعات والمطالبات، حيث جوبهت بالرصاص والاعتقالات الجماعية، الأمر الذي دعا لتدخل أطراف خارجية تمثلت بمناشدات أوروبية وخاصة فرنسا بمطالبات لإطلاق سراح المعتقلين والنظر في مطالب المتظاهرين . ما نلاحظه اليوم في هذه التظاهرات إنها تمتد من مدينة إلى أخرى وان المشاركين فيها بدأوا يتخلصون من الخوف الذي لازمهم لسنوات عمرهم الطويلة، فبعد سيدي بو زيد وصلت الى القصرين ومدن أخرى في تونس لتمتد الى الجزائر وسط مخاوف حقيقية لوصول الشرارة الى المغرب، حيث استمرت الاحتجاجات في تونس منذ 17/12 لحد الآن وقتل مجموعة من المتظاهرين إضافة الى انتحار اثنين منهم احتجاجا على الأوضاع المزرية التي يعيشونها .وبالرغم من كون أسباب التظاهر بدأت اقتصادية إلاّ إنها أصبحت اليوم سياسية ترفض سياسات الأنظمة في تغييب دور الشعب ومصادرة حقه في التعبير عن الرأي من خلال قمع المتظاهرين وقتلهم وزجهم في السجون . وصار من الضروري ان تدرك الأنظمة العربية بأن الحلول لا بد من أن تكون عن طريق التفاوض وسماع الآخر وإيجاد المعالجات المناسبة عبر الحوار المشترك بعيداً عن صوت الرصاص لأننا أصبحنا اليوم نعيش في زمن التكنولوجيا العالمية التي لن ينفع معها التكتيم الإعلامي الذي كانت تمارسه الأنظمة سابقا، فصفحات الفيس بوك وحائطه الحر تمتلئ اليوم بهواجس الناس وتطلعاتهم التي لم تعد تخنقها الحدود أو أجهزة الأمن والمخابرات، وإننا نعيش اليوم ضمن منظومة دولية تعمل على مراقبة أي انتهاك لحقوق الإنسان يقوم بها حاكم ضد رعية .فلقد ورد في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للامم المتحدة في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948 ما يأتي ((ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدماً وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية )) ويبدو ان هذه الشرارة التي أطلقها ذلك الشاب التونسي ستأخذ حجماً أكبر لتعبر عن رفض الشعوب حياة البؤس والمهانة وكلّما ازداد الضغط عليها ازدادت عنفا وإصراراً على استرجاع حقوقها .خلاصة القول ان على الحكام ان يسارعوا لحل المشاكل الاجتماعية والسياسية التي تعانيها شعوبهم بوضع الخطط التنموية الكفيلة بمعالجة الأزمات وعليهم ان يدركوا إننا اليوم في ظل العولمة والتطور العلمي والتكنولوجي نحتاج لسياسات اقتصادية وإصلاحات سياسية جديدة تتناسب مع مقومات الدولة الحديثة لنواكب العالم ولنسير على خطى الأمم المتحضرة بعيداً عن القبضة الفولاذية التي تعمل على إسكات الأصوات والتي لم تعد صالحة للعمل بعد اليوم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram