الهيئة المستقلة للنزاهة زعلانة هذه الأيام، بل منزعجة انزعاجاً شديداً، والسبب ان منظمة الشفافية العالمية عادت في تقريرها السنوي للعام الحالي إلى وضع الدولة العراقية في موقعها الحقيقي ومكانها المناسب بوصفها دولة فاسدة، بل بين الدول الأكثر فساداً في العالم.
منظمة الشفافية الدولية التي يوجد مقرها في برلين (ألمانيا) وتأسست في العام 1993، هي تجمع عالمي غير حكومي وغير ربحي ولا يتدخل في السياسة. وهذه المنظمة تسعى إلى مكافحة الفساد السياسي والمالي والإداري في العالم عن طريق نشر الحقائق في هذا الخصوص، معتمدةً مؤشراً علمياً لتحديد ما إذا كانت الدول وحكوماتها فاسدة أم غير فاسدة ودرجة فسادها. وعلى هذا الأساس جاء ترتيب العراق والسودان والصومال في ذيل القائمة، أي الدول الثلاث الأكثر فساداً.
المنظمة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بصدام حسين ونظام حكمه وفلول ذلك النظام، وبالتالي فليس لها مصلحة أو غاية أو غرض في أن تكون دولتنا الحالية ونظامنا الحالي وحكومتنا الحالية بين الأكثر فساداً، بل ان مصلحتها في أن تكون غير فاسدة تماماً. وتقرير المنظمة السنوي لا يقتصر على العراق وإنما هو دولي ويشمل أكثر من 170 دولة.
هيئة النزاهة علّقت في بيان لها على تقرير المنظمة، معبرة عن اعتقادها بان المنظمة تُوقع العراق "تحت حيف متواصل منذ أن دخل في تقارير منظمة الشفافية الدولية"، وقالت "إن العراق ممثلاً بهيئة النزاهة إذ يعرب عن عدم ارتياحه لاستخدام المعايير المحدودة في تقويم أدائه واقتصار هذه المعايير على مصادر من خارجه في تقارير المنظمة فأن التقرير الأخير يعد محبطاً للقناعات التي كنا نعتقد ان هذه المنظمة تعمل بها ويثير القلق من مستقبل التعاون معها".
بعيدا عن تقرير الشفافية الدولية الذي تعترض عليه هيئة النزاهة، وبعيداً عن المعايير المستخدمة والمصادر المرجوع اليها من جانب منظمة الشفافية، ولنعتبر أن المنظمة غير موجودة في الأساس وإنها بالتالي لم تُصدر هذا التقرير المثير لغضب هيئة النزاهة، نرغب في أن تجيبنا هيئة النزاهة على السؤال الكبير الحارق الذي يردده العراقيون، نساء ورجالاً في الصباح والمساء وعند الظهيرة: أين تذهب فلوسنا؟
هل يعرف مسؤولو هيئة النزاهة أن الدخل السنوي لدولتنا يزيد عن 100 مليار دولار؟
إذا كانوا يعرفون فهل بوسعهم أن ينورونا كيف لم تستطع هذه المئة مليار أن تحل مشكلة واحدة من مشاكل البلاد؟.. الأمن، الكهرباء، البطالة، الفقر، الأمية، الصحة العامة البائسة، التعليم المتردي (الأساسي والمتوسط والعالي)، البيئة الملوثة، النقل، الطرق، الزراعة المتخلفة، الصناعة المدمرة، النظافة، المجاري، المادة 140، قانون النفط والغاز، قانون الانتخابات، قانون الأحزاب، قانون التقاعد.
هل تعلم هيئة النزاهة أم لا تعلم أن وراء هذا كله شيئا واحداً هو الفساد .. الفساد المنفلت من عقاله؟
إن كانت تعلم وتزعل أو تنزعج وتغضب من منظمة الشفافية وتقريرها فتلك مصيبة، وإن كانت لا تعلم فالمصيبة أعظم!
لماذا النزاهة زعلانة؟
[post-views]
نشر في: 7 ديسمبر, 2012: 08:00 م