TOP

جريدة المدى > عام > مخرجون ونقاد: شيوع ثقافة الوصول السهل للمحتوى الابداعي الى اوسع شريحة

مخرجون ونقاد: شيوع ثقافة الوصول السهل للمحتوى الابداعي الى اوسع شريحة

المنصات الرقمية أثرها بالدراما فنيا واقتصاديا

نشر في: 24 سبتمبر, 2024: 12:01 ص

استطلاع /علاء المفرجي

المنصات الرقمية هي الوسيلة التي احدثتها الثورة الرقمية، في عالمنا المعاصر والتي أصبحت فرس رهان في مجال مشاهدة الأفلام والدراما على الشاشة الفضية، وتأتي مشكلة البحث في السؤال الرئيسي وهو ما هو تأثير المنصات الألكترونية على الدراما والأفلام التي يقدمها التلفزيون فنيا واقتصاديا واجتماعيا؟. وأثرها في صناعتها، وهل ستحدث تغييرا كبيرا في العرض او المشاهدة او الإنتاج..
واذا كانت السينما لم تتأثر تاريخيا بكل الاختراعات المقاربة لها، مثل الثلفزيون، في ان يلغي حضورها، وبقت صامدة، فهل ستتمكن المنصات الالكترونية من ذلك. وهل ستزاحم التلفزيون بكافة فضائياته.. وما حدود انتشارها مستقب


المخرج جمال امين: السينما تأثرت بشكل كبير من ناحية الاكتشافات الرقمية، ومنها المنصات
اولا السينما تأثرت بشكل كبير من ناحية الاكتشافات الرقمية وهذه اثرت بشكل كبير على نوعية الصورة واساليب الانتاج وطرق معالجة الصورة.
ثانيا المنصات فهي التي ستؤدي بالإطاحة على أكثر وأكبر فن شعبي في العالم. السينما تمتلك طقوس خاصة في طريقة عرض الفيلم وهي تصبح مؤثرة في نفس وعقل وعاطفة الانسان عندما يتم عرض الفيلم في القاعات الكلاسيكية حيث انها تساعد على الالفة والحب والعلاقات الاجتماعية وهنالك ابهار كبير وسطوة من شكل قبل الشاشة الكبيرة وظلام القاعة. عندما يذهب الناس للسينما اي انهم يخرجون من البيت وهذا بحد ذاته حرية نعم حرية الخروج والذهاب الى السينما كانت السينما ملتقى لأعضاء اي حزب مثلا وللأصدقاء وللحبيبة والعوائل. كل هذه الطقوس ستقتلها المنصات التي جعلت من الفيلم او المسلسل عبارة عن مصحات عقلية او مصحات للعجزة والمرضى نعم أصبحنا نشاهد الفيلم او المسلسل في الحمام او على سرير النوم او اثناء الطبخ. والاعمال اغلبها عبارة عن حوارات ولغوا ولا قيمة للصورة لان المنتج يعرف مسبقا طريقة المشاهدة. كما ان الفقراء والبسطاء لم يحظوا بهكذا خدمات دليفري نعم سينما دليفري .عندما كان المستفيد الاكبر من طقوس السينما هم الفقراء من ناحية التأثير في الوعي والثقافة . وهؤلاء فقدو سحر السينما وتأثيرها عليهم لانهم لا يملكون (الكريدت كارت) لغرض الاشتراك في هكذا منصات. المنصات لها تاثير سلبي اخر في وصول اي فيلم مهما كانت فكرته اي انها بدون رقابة ونحن لاندعوا الى الرقابة بقدر ما ننبه الى ان دور العرض لايذهب لها الاطفال والمراهقين وايضا هنالك اختيارات لافلام تتلائم مع طبيعة المجتمعات .
الناقد والأكاديمي د. صالح الصحن: تتابع المنصات ما يتحقق من حالات المنافسة الساخنة بين رجالات الانتاج
شكلت المنصات الرقمية الحديثة في عالم اليوم ظاهرة مرئية فائقة الانتشار والاستحواذ على ذائقة التلقي، أذ طرحت بوصفها منافسا مهما أمام وسائل العرض البصري من سينما وتلفزيون فقد كانت ولا زالت تخضع لتصميم كبار الخبراء في التخصص بشؤون الاعلام والفنون السمعية والبصرية والتقنيات الرقمية المتقدمة، ومن هذه المنصات هي نتفليكس وامازون وهولو وستارز بلاي وتيلي والشاهد سينموز وغيرها الكثير. فقد تم تصميمها بأشكال باهرة في صنعة تقديم الفديوات والمقاطع وعروض الافلام والمسلسلات والبرامج بتقنيات السرعة والمؤثرات البرامجية المدهشة، والعروض المباشرة الانية والبقاء على قيد التواصل مع المتلقي، دون انقطاع، الأمر الذي حولها بفعل الانترنيت إلى مكتبة متاحة أمام الجمهور عند الحاجة إليها في اللحظة. وهذا ما ينتمي إلى «العصر الرقمي» الذي يشمل مناحي عديدة في حقول الحياة، والذي اختص بمرافقة المرء في تنقلاته العديدة ومخاطبته مرئيا وسمعيا دون عناء، فهو يلاحقه أينما يحل، في الخبر والاعلان والفيلم والمسلسل والبرنامج والموسيقى والرياضة والمقاطع المثيرة والتقارير والصحافة ومن قلب الأحداث والوقائع الانية، ولدرجة انه أصبح مصدرا موثوقا به، عدا ما يحصل من اختراقات في تغيير وتشويه الحقائق والمعلومات. ومن خلال الموبايل يستطيع المرء التنقل بحسب ما يشاء مختلف المنصات والتطبيقات الاليكترونية عبر الديجيتال ومشاهدة العديد من الفعاليات المرئية في السينما والتلفزيون من افلام ودراما، وبأسلوب تقني شخصي، يتيح للمشاهد التحكم وبرمجة توقيتات العروض دون عناء أو انقطاع أو الخضوع لسلطة القناة الفضائية وبرنامجها المعلن، كما وفرت المنصات الرقمية فرص العرض الاني للأفلام الجديدة المعلن عنها حديثا، باوسع مشاهدة بمستوى تقني عال في الدقة والترجمة والتحكم، ذلك ما أثر بشكل واضح على رغبة المشاهدة السينمائية التقليدية في صالات العروض، وكذلك متابعة ما يثار من جدال أو ضجة، وحوارات وكتابات نقدية عن هذه الافلام التي قد تحقق جدلا كبيرا في الفهم والتفسير والتحليل من خلال المحتوى الفكري والصنعة الجمالية لها. ويمكن تأشير ما حققته المنصات الرقمية من أثر تنافسي كبير ضد العروض التلفزيونية السينمائية من خلال نسب المشاهدات المليونية التي وصلت إلى اقرب ما تتسم به:» نهم المشاهدة «والتي شكلت منافسا خطيرا أمام السينما والتلفزيون كوسائل انتاج وعرض في ذات الوقت. وكذلك تتابع المنصات ما يتحقق من حالات المنافسة الساخنة بين رجالات الانتاج وأصحاب المنصات في التسابق لتقديم ما هو أفضل وبأسلوب أقرب إلى كسب ذائقة الجمهور وزيادة نسبة المشاهدة والوصول إلى تحقيق نسب التكامل بين الانتاج ووسائل العرض، وقد تعمل بعض المنصات على كسب جمهور التلقي إلى جانبها بمزايا العرض الاقرب إلى ذائقة كبار السن وتقديم ما يروق لهم من مشاهدات تراعي اذواقهم وكذلك مراعاة رغبة الأطفال أو فئة الشباب لتحقيق ما ينسجم مع ميولهم واذواقهم ومستويات التفكير والنبض العاطفي، فضلا عن سوق الإعلانات المنوع والمثير الذي يقترب إلى حد كبير من هذه الميول والموضات. وطرح العديد من آخر الصرعات والمبتكرات في الملابس والازياء واخبار نجوم السينما والإكسسوارات والمقتنيات والمطاعم والسياحة والتجميل والمكياج والعطور والمجوهرات وكل ما يقترب من رفاهية وميول التلقي.
الناقد والاكاديمي د. سالم شدهان: المنصّات سوف نجد بأنها في المجمل تحمل سياسات وأهداف اخرى
وفّرت المنصات الإلكترونية مساحات إضافية للعروض الفنّية للسينما والتلفزيون بل و تفوّقت على محطّات وفضائيّات لها تأريخ طويل في الإنتاج والعرض وباتت منصّة مثل (نتيفلكس) جهة منتجة مهمّة تفوّقت على هوليود في سيطرتها على الانتاج والعرض وحصولها على الجوائز والسيطرة على تسويق الافكار, فهي وفي آخر احصائية أعلنت بأنّ عدد مشتركيها وصل الى 270 مليون مشترك, من هنا نستطيع أن نقول بأن للمنصّات تأثير كبير في تغيير الافكار في العالم ويمكنها أن تكون مؤثّرة ومسيطرة على الانتاج العالمي
اقتصاديا وفنّيا. ولو تتبّعنا سياسات معظم المنصّات سوف نجد بأنها في المجمل تحمل سياسات وأهداف اخرى ليس فنّية لكنّها تستغل الفن كي تحقق أهداف معينة , فنيتفلكس مثلا لا تخفي سياسة ترويجها للمثلية وأعلنت ذلك بصراحة عمليّا من خلال انتاج الكثير من الافلام والمسلسلات التي تروّج للمثلية. ومن هذا نجد أنّها مؤثرّة اجتماعيا وخطيرة الى درجة أنها تنتج لجميع المجتمعات, وخطابها موجّة وخطير لكنّنا لا نستطيع التخلّي عن مشاهدتها. ومن أجل أن تحقّق ذلك عليها أن تكون في مستويات فنّية متميزة لذا فإنها تعنى بالنص المكتوب أولا وفق أفكار وأهداف تعنيهم مستعينة بذلك بمن يحقق هذا التفوّق التقني مستغلة بذلك جميع التطورات التكنولوجية حتى في الكتابة, ومن ثم تقنيّات الادارة الفنية والتصوير والاخراج حتى تظهر تلك النتاجات بأبهى صورة لذا كانوا يبحثون دائما عن الجديد والتجديد وبذلك تحقق تطوّرا فنّيا على معظم نتاجاتهم التي حققّوا من خلالها ارباحا وباتوا يعدّون من اباطرة الانتاج والتأثير, فهم ينتجون كي يعرضوا في منصاتهم ويبيعون للعوائل التي باتت تفضّل الاشتراك بثمن زهيد كي تشاهد احدث الانتاجات دون أن تكلّف نفسها وتذهب الى السينما, أو تنتظر اجهزة التلفاز التي ستتحوّل الى محطات اخبارية ولا حاجة بها الى الدراما المكلفة والتي لا تجني من خلالها سوى ما يأتيها من الاعلانات التي ستتوجه هي الاخرى الى المنصات التي توفّر لها مشاهدات عالمية وبالملايين وبإقبال كبير. من هنا نصل الى فرضيّة ستصبح حقيقة وهي ان شركات الانتاج الكبرى ستدخل في مجال منافسة كبيرة مع المنصات الالكترونية وسيتوجه الكثير من مبدعيها الى تلك المنصّات. والفرضية الاخرى والتي ستتحقق هي تحوّل الفضائيات الى مجرّد فضائيات اخبارية وبرامجية, وإن استطاعت شركات الانتاج الكبرى من المقاومة لأرثها التاريخي والمالي فإن الفضائيات سوف لن تستطيع المقاومة وستتفرّغ لمهام اخرى. والشيء المؤكّد هو إن جميع المنصّات ستتنافس نحو الوصول البى ابلغ وافضل وارقى الطرق للوصول الى اهدافهم السياسية والاقتصادية وذلك يتطلّب الارتقاء بالصنعة الفنّية. والنتيجة بالمستقبل على ما أظن بأن العالم سيقسم وقته الى ثلاثة اقسام أو اجزاء: الجزء الأول هو أوقات العمل. والجزء الثاني وهو موضوع البحث (متابعة المنصّات). والجزء الثالث هو النوم . وستفرغ الشوارع في كثير من الاماكن من الناس اثناء وقت المشاهدة وسيتحوّل العالم الى عالم شبيه بعالم فرانسوا تروفو في فيلم (451 فهرنهايت) .
الناقد علي الياسري: مساحات التجريب احيانا وجدت ملاذات للنمو
غيرت التكنلوجيا من مظهر صناعة السينما والتلفزيون كثيرًا على مر السنين، ومع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي في بواكير الالفية الثالثة وشيوع ثقافة الوصول السهل للمحتوى الابداعي الى اوسع شريحة ممكنة اشرعت الابواب لنشوء منصات البث عبر الانترنت بالخصوص لما رافقها من نمو تقني هائل وسريع للمعدات التي تسهل عمل صناع السينما والدراما، فشهد نمط وطريقة المشاهدة تبدل خصوصا مع الاجيال الجديدة المتشبعة بالنهج الرقمي للاستهلاك الترفيهي. اضحت هذه الخدمات البديلة للوسائل التقليدية تقدم محتوى متواصل على مدار اليوم ما سمح بإعادة تشكيل مسار وطبيعة المشاهدة التي يقارب بها الجمهور البرامج والافلام والمسلسلات وكل المحتوى الابداعي المفضل لديهم، وكان للتطور الواسع والمضطرد لسوق الالعاب الالكترونية تأثير كبير على ذائقة شريحة واسعة من الجمهور.
للأمر وجهين فبين تقلص اعداد الذاهبين الى دور السينما في البدايات مع ارتفاع نسبي مؤخرًا لزيارة الصالات من قبل الجمهور الباحث عن طقس المشاهدة للشاشة الكبيرة البيضاء في الصالة بالذات لتلك التي تلقفت التطور التقني وباتت تحدث شاشاتها باستمرار لإضفاء المزيد من الرفاهية، وبين المشاهدة عبر المنصات التلفزيونية للبث عبر الانترنت التي قدمت منتج عالي الجودة من ناحية الصورة لسعت الامكانات المادية الانتاجية التي تقدمها المنصات الى الصناع سواء بالتكاليف او وقت الاصدار حيث تركت له حرية كبيرة بعيدة عن القيود التقليدية للاستوديوهات جميع ذلك سمح لنمو الطلب على المحتوى المرئي المتجدد وهو ما اعاد الكثير من الوهج للمنتج السينمائي. ان شيوع الصناعة بمظهرها السهل نسبيا هذا فتح الباب امام صناع السينما المستقلين والشركات الصغيرة لتحقيق افكارهم في منح الفن المرئي رؤى اكثر حداثة. هكذا قدرت السينما على توظيف كل ذلك لتجديد ثوبها من ناحية الانتاج والتسويق والتوزيع مستثمرة لكل ما تجود به التحديثات على طبيعة وسائل التواصل الاجتماعي لنشر اكبر لمنتجها. وقد يُلاحظ ان المستوى الفني بمعايير الجودة الكلاسيكية اختلف مع ظهور مناهج واساليب تحاول ازالة الفواصل بين السينما والتلفزيون لأسباب استهلاكية، بل ان مساحات التجريب احيانا وجدت ملاذات للنمو. لأن الصناعة بالأساس ترفيهية فما تحققه المنصات من ارباح يتيح لها التوسع في انتاجاتها والسعي لتحقيق اكبر انتشار وهو ما يعطي ثقافة السينما ابعاد اكبر اجتماعيًا والتي صار العديد من الجماهير بسبب التقارب يخلط بينها وبين التلفزيون. لكن المطلوب الان ليس الحفاظ على الصناعة بعد ان اوضح التقدم التقني طبيعة الازدهار، بل حماية الاسس الفنية والمظهر التعبيري البصري للفن السينمائي باعتباره منتج ابداعي بأسس رصينة يعتمد التضمين والترميز وتعدد الطبقات. امر سيخدم بقاء الخط الفاصل بين السينما والتلفزيون كدراما تعتمد التوسع بالحوار والاحداث والشخوص مع هامش للمباشرة اكبر وهي اشياء تقتل السينما بمفهومها التعبيري الفني المُلهم للتأمل عبر تراكم الصور ان استحوذت عليها اكثر.
المخرج ياسر كريم: وجدت لها مكانا كبيرا في المنصات لإنتاج مسلسلات وافلام بعدد اكثر
تأثير المنصات الرقمية على الدراما والأفلام يكمن في تأثيره الإيجابي والسلبي عليها، فالإيجابي يتجلى بإتاحة الفرصة لأصوات شابة جديدة لم تتمكن من انتاج افكارها في الدراما والسينما في وسط سوق الإنتاج التقليدي، العالمي وأيضا المحلي وكلاهما مزدحمان بمنتجين ورؤى و»اجندات» لا تفسح المجال بسهولة للأصوات الشابة بالشكل المطلوب، يشمل ذلك حتى الشركات الشابة برؤاها لإنتاج أفكار خارج الصندوق، تأتي المنصات الرقمية لحل هذه المشكلة وافساح المجال لأصوات شابة، وأخرى من دول وشعوب لم تتم اتاحة الفرصة امامها لإنشاء مسلسلات وافلام نابعة منها، نحن في العراق مثلا على سبيل المثال، لدينا حضارات وادي الرافدين العريقة والقديمة ومن بعده تاريخ مليء بكل القصص التي تصلح كأفلام ومسلسلات، لم تتح لنا الفرصة ان نصنع مسلسلات وافلام بالشكل الذي وصل اليه الغرب، لقد انتجوا الكثير من تاريخهم وتصوراتهم وخيالتهم عن انفسهم وعن الاخرين، لكننا لم نتمكن لحد الان ان نصنع المقدار القليل من ذلك بأنفسنا او بالاشتراك مع اخرين من عالم الغرب. يشبه عالم المنصات عالم الهواتف الجوالة، فلكل شخص منا جواله الذي يلج منه لشبكات التواصل ويمكنه ان يكون مؤثرا ليس في مجتمعه حسب وانما مجتمعات أخرى، هو مثل المنبر الخاص لكل شخص بعد ان كانت المؤسسات هي التي تسيطر وتدير التوجه العام، أصبح الافراد مؤسسات واصبح لفيديو واحد قد ينشره احدهم على حسابه الشخصي في منصات التواصل الاجتماعي تأثير ملموس في الناس خارج وداخل بلده. لربما اكثر مثال على ذلك شركة A24 انها شركة انتاج مستقلة تنتج أفلاما مختلفة نوعا ما، لكنها في الآونة الأخيرة وجدت لها مكانا كبيرا في المنصات لإنتاج مسلسلات وافلام بعدد اكثر، بل انها انتج فيلم The Civil War 2024 الذي حقق إيرادات عالية جدا في شباك التذاكر أيضا.
السلبيات تكمن في ان المنصات باتت تنتج مسلسلات وافلام أكثر من قدرة الناس على المشاهدة، فإما انك ستشاهد اكثر من رغبتك وتتشتت او تفكر مرتين قبل الدخول ما الذي تريد مشاهدته، عندما ادخل الى احدى المنصات خصوصا العالمية منها اشعر كأني داخل وسط سوبرماركت كبير جدا، هناك الكثير من السلع التي لم تكن لدي نية لشرائها ثم اخرج من السوبرماركت بسلة كبيرة، او انني اتردد لشراء أي شيء أصلا لكثرة ما هو معروض. هذا فضلا عن الجانب الاقتصادي والاجتماعي والفني، فرغم كثرة ما نشاهد، الا ان الاصالة باتت مفقودة، لقد كان الناس يذهبون الى دور السينما كطقس، الفيلم يبقى في ذاكرتهم، اما المنصات فهي تسعى للتسلل الى فراشك لجعلك تشاهد مسلسلات وافلام وتسرق الوقت والتركيز والأمان النفسي ولا تبقى في ذاكرتك خصوصا بتفاصيلها الا ما ندر، لقد سرقت المنصات اللمسة الفنية للفرد الفنان، وقولبته لتنتج منه اقتصادا “ابداعيا” وفنا متشابها ولا فردانية فيه.
رهان السينما سيبقى على محتواها ورؤيتها وهما ما يميزانها، فالفن نظرة فردية للمجتمع هدفه فتح الصناديق المغلقة والمحفوظة في عتمة وعي الناس ولا وعيهم، الفات نظرهم للذي لا يرونه او لا يعترفون به علانية.
الناقد والمخرج نزار شهيد: المنصات الرقمية الواجهة الأولى للشباب خاصة في مشاهدة أفلامهم
المنصات الرقمية اليوم تدخل في منافسة كبيرة مع السينما خصوصا» بعد أن حققت المنصات أرباح مضاعفة مع ظهور وباء كرونا بفعل الحصار الصحي الذي فرض على الجميع لكن مع زوال الوباء بدأت دور العرض تستعيد عافيتها تدريجيا» بسبب ان الذهاب الى السينما طقس اجتماعي أضافة الى فقر الإمكانيات الفنية في المنصات الرقمية من حيث حجم الشاشة الكبير وتكوين الكادرات والمؤثرات الصورية والصوتية وهذا النمط من العروض لا يتوفر الا في دور العرض السينمائية مثل نظام أي مكس التي تعزز روح المشاهدة من خلالها قربها للواقع اكثر ، فيلم مثل (1917 ) لا يمكن مشاهدته بمتعة حقيقية من دون شاشات عرض كبيرة وبالمؤثرات الصوتية والصورية التي تجعلك جزء من عالم الفيلم وليس متفرج يراقب الابطال من خلال صورة بعيدة ولنا تجربة حاضرة ..فيلم اوبنهايمر والذي لا يمكن الشعور بمتعته على المنصات الرقمية او في السينما المنزلية مما أدى ان تندفع الشركات الكبرى في انتاج مثل هذه الأفلام ذات التكاليف العالية وبتقنية متطور لا تتوفر في المنصات الرقمية . المنصات الرقمية حققت نجاحات عدة منها أنها انقذت المشاهدين من الرقابة المركزية التي تفرضها بعض الدول على بعض الأفلام التي لا تلائم سياستها ، إضافة الى ارتفاع سعر التذكرة في بعض البلاد التي يعاني سكانها من انخفاض مدخولتهم كذلك استفادت السينما المستقلة من إمكانيات المنصات في التخلص من احتكار أصحاب دور العرض والشركات الكبرى والضرائب التي تفرض على عروضها ومحدوديتها كل هذه الأسباب وهناك أسباب أخرى جعل من المنصات الرقمية الواجهة الأولى للشباب خاصة في مشاهدة أفلامهم مما دفعها كي تعزز رصيدها وتقوم بإنتاج أفلام سينمائية تعزز مكانتها وترفع ارصدتها لكن هذه الأفلام ظلت بحدود تقنيات شاشة العرض المنزلي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الذكرى 150 لولادة شونبرغ

التعالي التكنولوجي في تخيل الذكاء الاصطناعي

فِي حضرَةِ عِمَارَةِ "مَسْجِدِ قُرْطُبَةَ اَلْكَبِيرِ"

تنويعات الوردة

وضـعـُنـا الـبـشـري نتاجُ تفاعل الطاقة والفعالية التطورية مع سلوكنا

مقالات ذات صلة

وضـعـُنـا الـبـشـري نتاجُ تفاعل الطاقة والفعالية التطورية مع سلوكنا
عام

وضـعـُنـا الـبـشـري نتاجُ تفاعل الطاقة والفعالية التطورية مع سلوكنا

لطفية الدليميالسرنديبية Serendipity، مفهوم يعني في بعض دلالاته أن يأتيك الامر مباغتا عن غير تدبّر قصدي مسبّق. لديّ من تجربتي الشخصية مع القراءة بعضُ الحالات التي ترقى إلى مصاف الكشف السرنديبي المدهش. كلّ قارئ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram