اعداد وترجمة عمار كاظم محمدذكرت صحيفة الهيرالد تربيون في تقريرها الصادر يوم امس انه في ظل الحالة الاقتصادية البائسة في بغداد تدور الحياة حول تلك السلع المتواضعة للقمامة. ففي احدى الصباحات الاخيرة كان حامد طارش ينزل كيسا للقمامة يحتوي على العلب و"سكراب" المعادن وهو يظهر يدا مسودة نادرا ما لامسها الماء الجاري، فبالنسبة لحامد البالغ من العمر 22 عاما فان القمامة هي رأس ماله فهو يترك البيت كل يوم في الساعة الثالثة صباحا الى المزابل في الجوار قبل ان تجيء شاحنات الازبال مسرعا كي يتجنب الشرطة ومتنافسا مع جامعي القمامة الآخرين.
امام امتداد البلوك الاسمنتي حيث يسكن كان يلقي بغنيمته في صفيحة حيث يجتمع لديه ما يقرب من 15 باوندا من علب الالمنيوم التي يساوي ثمنها 6 دولارات فقط. هذه الكتل من معادن الخردة والاسلاك التي بعد ان يجدها يقوم بحرقها لكي يزيل العازل عنها كلها تساوي 2 دولار ويجتمع لديه في نهاية اليوم ما قيمته 10 دولارات يشتري بها الطعام لنفسه وزوجته واثنين من اطفالهما. حامد طارش يقول انه يحصل على ما يعادل 4 دولارات يوميا اما بالنسبة لليوم فقد كان استثنائيا وربما لن يحصل على شيء يوم غد "فانت لا تستطيع ان تعرف"، كانت عيناه محتقنتان واطرافه تبدو ثقيلة من الاعياء، مضيفا "ان كليو غراماً من اللحم يبلغ سعره ما يعادل 15 دولاراً انه امر مستحيل فانا لا استطيع شراء سكر للشاي". وبينما الاقتصاد العراقي تبدو عليه حالة الوهن فقد وجد حامد عيشه في الاقتصاد الهامشي الذي ينظم حياة احياء بكاملها من حوله حيث اصدقاؤه كانوا على خطاه في السوق الجديد للزبالين الليليين. السماسرة الذين يشترون تلك النفايات بمقدار سنت للباوند الواحد في عربات تجرها الاحصنة القذرة من اكثر الاجزاء بعدا في المدينة حيث حولها اكوام واكوام من النفايات التي تعج بالذباب ويتم حشدها وتجميعها، يقول حسون علي سمسار يبلغ من العمر 27 عاما وهو يشير الى البيوت العشوائية المتلاصقة على مدى البصر كمدينة بحجم صغير للمهجرين "ان الناس تعيش هنا على القمامة والحيوانات". حسون اب لأربعة اطفال كآلاخرين قال انه كان يبحث عن عمل منتظم لكنه لم يجد، وهو يكسب في بعض الايام 20 دولارا بينما لا يحصل على شيء في ايام اخرى يقول "في البداية كان امرا محرجا ان ندع الناس الاخرين يرونا ونحن نشتري القمامة وكنا نهتم بما نبدو عليه لكننا بمرور الوقت نسينا الامر الى جانب ان تلك التجارة كانت تجري بسرعة من حولنا حيث كان الجميع يشترك فيها". كان حسون وحامد يعيشان تقريبا في منطقة فقيرة واحدة تسمى مدينة النصر او حي النصر وهي واحدة من عشرات المستوطنات التي تشكلت حول بغداد منذ عام 2003 ومدينة النصر واحدة من اكبر المناطق التي نما حجمها مع تصاعد موجات العنف حيث وفد اليها المهجرون من مناطق اخرى وازدادت مؤخرا بشكل أكبر لأن البطالة اجبرت الآخرين من المؤجرين على ترك بيوتهم ومع ارتفاع ازمة السكن التي تعاني منها بغداد توجد الكثير من الاراضي الخالية لكن الاستيلاء عليها غير قانوني مما دفع الناس الذين يعانون من هذه الازمة الى البناء عليها لحماية عوائلهم.ويعتقد سكان هذه المدينة ان عددهم يبلغ 500 الف نسمة ويخمن مجلس المحافظة ان هناك حوالي 600 الف نسمة يحتلون 42 معسكرا حول مدينة بغداد وهو ما يبلغ تقريبا عدد سكان مدينة بوسطن لكن في بلاد لا توجد فيها احصاءات سكانية حيث تخاطر بعض الاجهزة الحكومة بالذهاب الى هناك فهو اعتقاد اكثر من كونه حقيقة. يقول المحافظ صلاح عبد الرزاق "ان اولئك الناس يلتقطون القمامة لعدم وجود فرص العمل"، مضيفا أن تلك العشوائيات ليست قانونية فان المحافظة لم توفر خدمات مثل التعليم والعناية الطبية والامن والكهرباء والمجاري والماء النظيف، تحت ظروف كهذه يمكن ان تصبح هذه الاحياء مأوى للمجرمين واللصوص والارهابيين والمختطفين لكننا لا نستطيع ترحيلهم لأنه لا توجد بدائل". ثجيل براح مواطن يبلغ من العمر 58 سنة انتقل الى حي النصر قادما من محافظة ميسان في ذروة العنف عام 2005 بسبب عدم وجود فرصة عمل له في المحافظة التي جاء منها لكن الوضع في بغداد كان أسوأ، في ذلك الوقت وكان يقف امام غرفتين بناهما من " البلوك " على ارض شاغرة حيث يعيش مع زوجته وخمسة اطفال حيث يقوم ثلاثة من الاطفال بالذهاب الى المدرسة بينما اخرج الاثنان الباقيان للعمل في جمع القمامة من اجل اعانة العائلة حيث يقومون بالطبخ والتدفئة باستخدام الخشب لأن النفط غال جدا بالنسبة لهم كما يقول الاب وحينما لا يكون لديهم خشب فهم يلفون انفسهم بالبطانيات بينما كان هناك خندق لمياه المجاري يمر من امام البيت.يقول ثجيل "ان اصعب شيء هو ارسال الاطفال لجمع القمامة فانا اخشى ان لايعودا في يوم ما فهما اذا ذهبا في الصباح اخاف عليهما اما في المساء فالامر اسوأ فربما تراهم قوات الامن وهم يحفرون في القمامة فيظنون انهما يخفيان مواد متفجرة، يقول الاب: لقد عشنا فترة الظلم ايام صدام لكن الحكومة اليوم لاتفعل لنا اي شيء. لجامعي القمامة رموزهم وشفرتهم الخاصة مثل اتفاقية شكلية حول المكانات التي يجمعون منها والاوقات كي لا تحدث مشاكل فيما بينهم. يقول كرار البالغ من العمر 16 عاما الذي يعيش ف
محافظ بغداد: سكان العشوائيات يلجأون إلى النفايات بسبب البطالة!
نشر في: 12 يناير, 2011: 07:50 م