السليمانية / سوزان طاهر
أصبحت أزمة رواتب الموظفين في إقليم كردستان متجددة وبشكل شهري، والمتضرر الأكبر هو المواطن الكردي، نتيجة عدم الاتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم على حل إشكالية الرواتب. بدأت أزمة الرواتب منذ عام 2014، إثر الخلافات بين الحكومتين حول حصة الإقليم من الموازنة وتصدير نفط كردستان.
ورغم إصدار المحكمة الاتحادية قراراً حاسماً بضرورة صرف رواتب الموظفين في كردستان بشكل شهري وإبعادها عن الخلافات السياسية، إلا أن الأزمة ما زالت مستمرة. وتشهد رواتب الموظفين في إقليم كردستان تأخيراً لأكثر من 50 يوماً، وسط مطالبات بحل سريع للأزمة التي تلقي بظلالها على الأوضاع الاقتصادية وحركة السوق في مدن الإقليم.
وكشف نائب رئيس حكومة إقليم كردستان، قوباد طالباني، خلال مؤتمر صحفي عن وجود خطوات إيجابية تُتخذ لحل أزمة الرواتب مع بغداد. وأضاف أن "المجلس الاقتصادي لكلتا الحكومتين اجتمع لمناقشة هذا الملف، وتم تحويل نحو 570 مليار دينار إلى حساب حكومة الإقليم لتوزيع الرواتب، بينما لا يزال هناك جزء متبقي سيتم تخصيصه لضمان توزيع الرواتب بالكامل".
تعليق من حكومة الإقليم
أكد المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هوراماني، أن حكومة الإقليم قدمت كل التسهيلات المطلوبة من بغداد. وبين في حديثه لـ"المدى" أن "أربيل أبدت تعاوناً كبيراً مع الحكومة الاتحادية، وسلمت جميع الأرقام والبيانات المتعلقة بالموظفين وأعدادهم، ولم ندخر جهداً في التعاون معهم".
وأشار إلى أن "الحكومة الاتحادية تتحمل مسؤولية التأخير الحاصل في الرواتب، حيث لم تلتزم بقرارات القضاء العراقي التي نصت على ضرورة دفع الرواتب بشكل شهري ومنتظم".
بدأت مشكلة الرواتب في إقليم كردستان منذ 9 سنوات نتيجة خلافات مالية وسياسية مع بغداد تتعلق باتهام الأخيرة للإقليم بعدم الوفاء بحصته النفطية المحددة في قانون الموازنة الاتحادية، الذي يُلزم الإقليم بتسليم 250 ألف برميل من نفطه إلى بغداد.
وبحسب إحصاءات رسمية صادرة عن حكومة الإقليم، عمدت حكومة كردستان في عام 2015 إلى ادخار رواتب 4 أشهر لعدم قدرتها على السداد. وتشمل الأزمة مئات الآلاف من موظفي القطاع العام في الإقليم الذين يعتمدون بشكل أساسي على هذه الرواتب لتغطية احتياجاتهم الأساسية.
تسليم العائدات
من جانبه، أكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفا محمد كريم، أن حكومة الإقليم أوفت بالتزاماتها المنصوص عليها في قانون الموازنة. وأوضح محمد كريم في حديثه لـ"المدى" أن "النفط متوقف عن التصدير منذ عام 2023 بسبب قرار محكمة باريس، وأيضاً قرار المحكمة الاتحادية الذي نص على عدم أحقية الإقليم بتصدير النفط".
وأضاف أن "الإقليم يلتزم بتسليم 50% من الإيرادات غير النفطية بشكل شهري إلى وزارة المالية الاتحادية، وأما النفط فهو تحت إشراف شركة "سومو"، وتوقف التصدير يعود إلى الجانب التركي وليس إلى الإقليم".
وتابع محمد كريم أن "أزمة الرواتب تتحملها بغداد، حيث تبرز حجج شهرية تهدف إلى الضغط على حكومة الإقليم، وتحديداً الحزب الديمقراطي الكردستاني لأهداف انتخابية، خاصة مع اقتراب موعد انتخابات كردستان. ولا يوجد أي عائق فني أو قانوني يعيق إرسال الرواتب بشكل شهري".
وأعلنت وزارة المالية والاقتصاد في إقليم كردستان عن إيداع نحو 100 مليار دينار إيرادات مالية عن الإيرادات غير النفطية لشهر أيار الماضي. ومر أكثر من عام ونصف على وقف تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، إثر قرار محكمة التحكيم الدولية في باريس.
خلافات فنية
من جهته، أشار النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، غريب أحمد، إلى وجود خلافات فنية ما زالت تعيق التوصل إلى اتفاق حول الرواتب. وأوضح أحمد في حديثه لـ"المدى" أن "ديوان الرقابة المالية الاتحادي زار الإقليم واطلع على كل التفاصيل والأرقام، ولكن هناك إشكاليات فنية تتعلق بالإيرادات غير النفطية وكيفية تسليمها، وأيضاً تسليم نفط الإقليم إلى بغداد والاستفادة منه في الإنتاج المحلي".
وأضاف أحمد أن "بغداد لديها اعتراضات على قيام حكومة الإقليم بتعيين مجموعة من المحاضرين والعقود والأجهزة الأمنية، حيث تطالب بأن يكون التعيين بالتنسيق مع وزارة المالية الاتحادية حصراً، كي لا تزيد النفقات".
ومؤخراً، زارت وزيرة المالية، طيف سامي، على رأس وفد من ديوان الرقابة المالية الاتحادي مدينة أربيل، والتقت عدداً من المسؤولين، بينهم رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، لغرض التفاهم على قضية الرواتب والإشكاليات المالية والاقتصادية.
رواتب موظفي الإقليم.. أزمة كل شهر بلا معالجات نهائية
نشر في: 25 سبتمبر, 2024: 12:31 ص