بغداد/ تميم الحسن
مرت 36 ساعة (حتى لحظة كتابة التقرير)، دون أن تعلن الفصائل العراقية عن ضربة جديدة ضد اسرائيل بالتزامن مع تصاعد عمليات القصف جنوبي لبنان.
وعوضا عن ذلك بدأت زعامات الفصائل واحزاب في "الإطار التنسيقي" بالانشغال بحملات الإغاثة إلى المتضررين بالحرب، بعد دعوة بهذا الخصوص من مرجعية النجف.
وخلال الساعات الأولى من صباح أمس، تجدد القصف المتبادل بين "حزب الله" وإسرائيل، الذي بدأ مساء الاحد الماضي، واوقع مئات القتلى.
وأعلنت الفصائل العراقية مشاركة "رد حزب الله"، بصواريخ وطائرات مسيرة، حتى صباح يوم الاثنين.
وترجح معلومات إحتمال "ضغوط داخلية وخارجية" ربما اوقفت انجرار الفصائل العراقية إلى الحرب.
وكان اخر بيان للمجموعة التي تسمى بـ"المقاومة العراقية"، صباح الاثنين، إذ أعلنت استهداف قاعدة مراقبة لواء جولاني الإسرائيلي بطائرات مسيرة.
وبحسب المعلومات أن "طهران وواشنطن معا وجدت من غير المصلحة توسع الحرب"، خصوصا وان هناك محاولات لاعادة التفاوض حول الملف النووي الايراني.
بزشكيان الرئيس الإيراني (مسعود بزشكيان)، أكد يوم الاثنين، استعداد بلاده لترك السلاح والركون للمفاوضات.
جاء ذلك في إحاطة قدمها بزشكيان في نيويورك التي وصلها للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها التاسعة والسبعين.
وقال بزشكيان "مستعدون لوضع كل أسلحتنا جانبا لكن السؤال هو عن مدى استعداد إسرائيل لفعل الشيء نفسه".
وأضاف الرئيس الإيراني: "حلفاؤنا لا يتلقون الأوامر منا ويتخذون قراراتهم وفق تقديرات الدفاع عن أنفسهم".
وأكد استعداد إيران للحوار مع واشنطن وحل الخلافات ويجب عليها الالتزام بتعهداتها.
وشدد الرئيس الإيراني على عدم سعي طهران لامتلاك القنبلة النووية، مشيرا إلى أن "هذا النوع من السلاح ليس في عقيدتنا العسكرية".
ويصنف بزشكيان بانه من اكثر الإصلاحيين في إيران الذين يسعون إلى "التهدئة" مع الولايات المتحدة والغرب، بحسب ما قاله احمد الياسري، رئيس المركز العربي- الاسترالي للدراسات الستراتيجية.
واضاف الياسري لـ(المدى) وهو باحث في الشؤون الإيرانية، أن "بزشكيان لا يؤمن بالفصائل، ويمكن اعتباره شيعيا يساريا، وهو من أوقف الرد الايراني على اسرائيل".
بزشكيان كان قد زار بغداد منتصف ايلول الحالي. واختار العراق كأول وجهة خارجية له منذ استلامه السلطة في تموز الماضي، قبل توجهه إلى نيويورك.
وتتهم واشنطن، طهران بدعم بعض الجهات المسلحة في العراق، التي كانت قد دخلت في هدنة مع الولايات المتحدة منذ شباط الماضي.
وتقسم الفصائل المسلحة في العراق الى صنفين: موالي للحكومة، والثاني مرتبط بايران، وفق الدبلوماسي السابق غازي فيصل.
فيصل وهو يدير المركز العراقي للدراسات الستراتيجية قال لـ(المدى) إن "الفصائل الموالية لطهران لا تمتثل لأوامر الدولة، وتتبع اجندة الولي الفقيه في إيران، وهي من تستطيع ايقافها او استمرار نشاطها".
ويوم الأحد الماضي، كانت مايسمى بـ"المقاومة العراقية" قد أعلنت إطلاق صواريخ على إسرائيل نوع "أرقب"، وهي صواريخ كروز متطورة.
ويوم الاثنين كانت مسيرات "الأرفد" أطلقت من العراق تجاه إسرائيل، وهي مسيرات تستخدم في الغالب في اليمن تحت إسم (صماد- 2)، وفي لبنان (نورس)، ومداها يصل بين 500 و1000 كم متر. وبلغ مدى النسخة العراقية "500كم"، نقلا عن منصات تابعة للفصائل.
وتضم مايعرف بـ" "المقاومة الإسلامية في العراق" فصائل أبرزها كتائب حزب الله والنجباء وكتائب سيد الشهداء، وهي ثلاثة فصائل مستهدفة بعقوبات أميركية.
وفي الأشهر الأخيرة، أعلن هذا التشكيل شنّ هجمات بطائرات من دون طيار على أهداف في إسرائيل.
وكان فؤاد حسين وزير الخارجية، قد شكك في وقت سباق بالبيانات التي تصدرها ما تُسمى "المقاومة في العراق" والتي تعلن فيها بين الحين والآخر شن هجمات تستهدف مناطق داخل اسرائيل.
ومنذ نيسان الماضي، أكّدت إسرائيل وقوع عدد من الهجمات الجوية من جهة الشرق من دون أن توجّه أصابع الاتهام إلى جهة محددة.
وكان قائد فصيل عراقي قد تعهد، بإرسال 100 ألف مقاتل إلى حدود لبنان، بالتزامن مع مقتل قيادي في أحد الفصائل العراقية في سوريا.
وقال ابو آلاء الولائي، وهو مسؤول فصيل "كتائب سيد الشهداء"، في رسالة نشرتها وسائل إعلام "سيأتي سيل بشري عراقي تكتظ به حدود لبنان وخنادقها، فإن فقد (حزب الله) ألفاً من الشهداء، سنمدّه بمائة ألف من الأبطال".
وأعلنت كتائب حزب الله، يوم الجمعة، مقتل أبو حيدر الخفاجي "في اعتداء إسرائيلي أثناء أدائه مهامه كمستشار أمني في دمشق"، بحسب بيان للكتائب نقلته وسائل إعلام قريبة من حزب الله اللبناني.
بعد موقف طهران
عقب كلام بزشكيان الاخير، الرئيس الإيراني، انخرط زعماء الفصائل ورجال الدين في العراق بحملة إغاثة، تزامنت مع طلب من مرجعية السيستاني.
محمد السوداني، رئيس الحكومة، وبعد ساعات من لقائه أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، في نيويورك على هامش اجتماعات الامم المتحدة، أصدر ثلاثة توجيهات بخصوص المواطنين اللبنانيين.
تضمنت تلك التوجيهات؛ تمديد سمة دخول المواطنين اللبنانيين المتواجدين في العراق دون الحاجة إلى السفر لمدة ثلاثين يوماً، وإعفاء اللبنانيين المخالفين، مع منحهم سمات الدخول مجاناً.
وكان السوداني قد شدد أثناء حديثه مع بلينكن على ضرورة "وقف توسع الحرب"، بحسب بيان حكومي.
بالمقابل دعا مقتدى الصدر، زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري)، الى فتح مواكب داخل العراق وفي لبنان لاغاثة النازحين من الحرب.
وكان الصدر قد طالب الحكومة والبرلمان، بـ"تقليل التمثيل الدبلوماسي الأمريكي"، وقال إنه "سيدعم القرار شعبياً".
وأعلن نواب ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، التبرع برواتب الكتلة لإغاثة الشعب اللبناني.
بالمقابل قال "الإطار التنسيقي" في اجتماع عقده يوم الاثنين، إن "بيان المرجعية الدينية العليا يشكل خريطة طريق واضحة لمن يرغب في تقديم الدعم والإسناد إلى لبنان وفلسطين".
ودعا "الإطار" جميع أبناء الشعب العراقي وأصحاب الهيئات والمؤسسات، إلى فتح باب التبرعات وتسيير قوافل الدعم الإنساني، بحسب بيان الاجتماع.
في السياق ذاته دعا الأمين العام لعصائب اهل الحق قيس الخزعلي، إلى تقديم المساعدات الإنسانية الى لبنان وفتح أبواب التبرعات.
وكان الخزعلي وجه رسالة قبل ايام إلى زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، أكد "استعداد شرفاء العراق" للتضحية بأنفسهم، وتحدث عن إرسال "مجاهدين واستشهاديين دون أي تكاليف فمواكبنا الحسينية جاهزة".
زعماء الفصائل و "الإطار" يتحولون لإغاثة لبنان.. ما علاقة خطاب بزشكيان في نيويورك؟
جهود دبلوماسية لإيقاف توسع الحرب إلى العراق
نشر في: 25 سبتمبر, 2024: 12:32 ص