متابعة/ المدى
في ظل تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، في العالم عامة وفي العراق خاصة، يُثار القلق من خشية الاستخدام السيئ لها، بما يشكل هاجسا مخيفا للطبقة السياسية بعد استخدامها كأداة للتسقيط، بحسب مختصين، فيما يحذر برلمانيون من ترك هذه التقنيات لتبعات سلبية مستقبلا.
وانتشرت في الآونة الأخيرة العديد من التسريبات الصوتية التي نسبت لسياسيين عراقيين، ولكن ظهر فيما بعد أنها مصممة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ويقول محمد زهير، المختص في مجال الذكاء الاصطناعي، إن "الذكاء الاصطناعي بإمكانه توليد صوت وفيديو وصورة مزيفة من خلال مجموعة برمجيات، وتكمن سلبياته في استخدامه السيئ من خلال تركيب صور معينة لغرض الإضرار بشخص ما وتكوين صور على جسم وبأصوات مطابقة للحقيقة".
يخلق موجة من المشاحنات
ويضيف زهير، أن "الذكاء الاصطناعي بإمكانه توليد نصوص مزيفة غير حقيقية، وهذه تحتاج إلى إثباتات كثيرة لغرض كشفها سواء كانت باللغة العربية أو الإنكليزية"، مبينا أن "هذه النصوص قد يتم بثها بأوقات غير مناسبة ما يخلق موجة من المشاحنات على مختلف الصعد".
ويتابع أن "هذا الأمر يمكن السيطرة عليه من خلال مراقبة أدوات وسائل التواصل الاجتماعي، وقد تكون تلقائية في حال بروز منشور معين ويحصل على تفاعلات كثيرة، ويمكن لهذه الأدوات أن ترى محتوى المنشور لمعرفة كلماته وهل تم التلاعب بها أم لا، وهل هي حساسة بالنسبة للدولة أو المجتمع أو لا، وبما أن المنشورات كثيرة فيجب التأكد أنه ليس كل منشور مزيفا، بل كل واحد تتوفر فيه بعض النقاط المعينة التي يمكن أن تسبب خطورة معينة".
ويشير زهير إلى أن "الدولة تمتلك بعض أدوات مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه البرامج قسم منها يكون مجانيا والآخر يكون مرتفع الثمن، ويحتاج إلى أموال طائلة".
ويثير الذكاء الاصطناعي حماسا كبيرا حول العالم، فضلا عن مخاوف من أنه قد يحل محل بعض الوظائف البشرية ويؤثر على العمليات الانتخابية ويفوق قدرات البشر، ما قد يؤدي إلى تداعيات كارثية.
واحتل العراق المرتبة 77 عالميا والتاسعة عربيا ضمن قائمة مؤشر الذكاء الاصطناعي للعام 2024 والتي ضمت 11 دولة عربية من بين 83 دولة.
تسبب بأزمة مجتمعية
من جانبه، يبين النائب مختار الموسوي، أن "الذكاء الاصطناعي خلق أزمة كبيرة داخل المجتمع العراقي، وخصوصا الطبقة السياسية".
ويضيف الموسوي، أن "هذا الذكاء ستكون له تبعات سلبية مستقبلا على المستوى السياسي وغيره، وهناك حراك داخل مجلس النواب لوضع آليات وقواعد لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي".
ويشير إلى أن "جدول أعمال البرلمان في الجلسة السابقة التي لم تعقد، كان يضم فقرة تخص الذكاء الاصطناعي لغرض مناقشته، إلا أنها لم تعقد وتم تأجيلها بسبب خلافات جانبية".
يذكر أن العراق حصد في العام 2023 المراتب الأخيرة عربيا على مستوى جهوزية "الذكاء الاصطناعي الحكومي”، بحسب بيانات مؤسسة "أكسفورد إنسايتس"، وشغل هذه المراتب المتدنية حينها، كل من العراق في المرتبة الـ13 عربيا والـ133 عالميا.
دعوة للتدخل الحكومي
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي علي الطويل، أن "التطور التكنولوجي لا يختلف عن التطورات الأخرى، ففي كل فترة نشهد ظهور واحد من هذه البرمجيات، والذكاء الاصطناعي واحد منها، إلا أنه جاء بأسلوب مغاير ويدخل في مجالات غير مألوفة منها ما يتعلق بإدخال الصوت وحركة الجسد على شخصيات معينة".
ويلفت الطويل، إلى أن "كل الحداثة في العالم تستخدم لغرض التطور العلمي والصناعي والاجتماعي وغيرها، إلا في العراق فإنه يستخدم سياسيا بشكل أكثر من الجوانب الأخرى وهذا أمر مؤسف".
وينوه إلى أن "هذه القضية تحتاج إلى توجه حكومي نشط لغرض الحث على استخدام الذكاء الاصطناعي في الجوانب العلمية وعدم الانجرار في ملفات التسقيط وإقصاء الخصوم".
وأصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي أكثر قدرة وفاعلية، وهو ما يحتمل مخاطر كبيرة لسوء استخدامها، حيث يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي إنشاء نصوص وصور وفيديو يصعب تمييزها عن المحتوى الذي يصنعه الإنسان، لذا يخشى الكثيرون بينهم السياسيون من استخدامها في صناعة محتوى مفبرك لاسيما في أوقات الانتخابات التي تشهد تسقيطا سياسيا.
وكان رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، أكد بداية العام الحالي، إدخال المهارات التقنية اللازمة لتطبيق الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية، لافتا إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهود الحكومة لتمكين القوة العاملة العراقية وتأهيلها للتنافس على مستوى عالمي في سوق العمل المستقبلي.
وفي حزيران الماضي، أعلنت رغد الشابندر مسؤولة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مكتب رئاسة الوزراء البدء باستخدام الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية، بهدف بناء اقتصاد معرفي يرتكز على رأس المال البشري، مؤكدة على ضرورة إعداد جيل شبابي يمتلك مهارات الثورة الصناعية الرابعة ليتمكن من العمل في شركات عالمية.
وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، نعيم العبودي، قد دعا خلال مؤتمر أقامته كلية الآداب حول “الذكاء الاصطناعي وإمكانيات التحول في العلوم الإنسانية” إلى إرساء آفاق واعدة في استثمار إمكانات الذكاء الاصطناعي والعمل على جعلها ثقافة معتمدة لدى شرائح العلماء والمبتكرين والأساتذة والباحثين.
المصدر: وكالات
الذكاء الاصطناعي يثير قلق الطبقة السياسية: خلق أزمة كبيرة داخل المجتمع العراقي!

نشر في: 25 سبتمبر, 2024: 06:31 م









