اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > شرارة التغيير

شرارة التغيير

نشر في: 14 يناير, 2011: 04:54 م

ميعاد الطائيلم يكن الشاب التونسي محمد بو عزيزي يعلم ان العمل الذي قام به سيكون الحجر الذي سيحرك البركة الراكدة منذ سنين طويلة، حيث قام هذا الشاب بمفاجأة الجميع عندما أقدم على إحراق نفسه أمام مبنى المحافظة التي رفضت النظر في أمره وهو يحمل إليها همومه وحالة اليأس التي وصل إليها.
محمد الشاب الجامعي الذي يعيل أفراد عائلته الثمانية ويواجه صعوبة بالغة في توفير أسباب العيش لأنه لم يحظ بوظيفة فلجأ الى تشغيل العربة التي ورثها من والده ليبيع الفاكهة، إلا ان الأجهزة الحكومية وبدلا من ان توفر له فرصة العمل بما يتناسب مع شهادته  طاردته وصادرت العربة محتوياتها، ما اضطره الى مراجعة المحافظ فمنع من الدخول ولم يسمع احد من المسؤولين صوته فقام بإحراق نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد التونسية ليعبر عن حالة اليأس التي وصل إليها هذا الشاب وجميع أقرانه من المواطنين الذين حرموا من فرص العمل ويعانون تردياً في مستوى المعيشة نتيجة السياسات التنموية غير الناجحة والتي لم تنجح في محاربة الفقر والبطالة ولم تراع مصلحة المواطن العربي.ومن الجدير بالذكر ان تونس قد شهدت في الفترة الأخيرة اعتصاما لحملة الشهادات الذين لم يحصلوا على فرص العمل، ولقد تزامنت حادثة الشاب محمد مع هذه الاعتصامات لتعطيها دافعاً إضافياً وتمنحها شحنات قوية للتواصل وازدياد أعداد المتظاهرين، حيث شعرت الحكومة بالقلق من هذه الاحتجاجات ما جعلها تواجه المتظاهرين بالقوة لقمع الحشود التي تزايدت بعد انتحار شاب آخر هو حسين فالحي ليزيد من عزم المتظاهرين للتواصل في طريق الاحتجاج حتى نيل المطالب المشروعة.ولقد أخطأت الحكومة التونسية في عدم استيعاب الوضع بصورة حضارية حيث لم تستمع للأصوات المطالبة بالحقوق والحريات وحق المواطن بالعيش بكرامة فلجأت لاستخدام القوة في قمع الاحتجاجات خوفاً من انتشارها، فأطلقت النار على المتظاهرين بدلا من سماعهم والتحاور معهم فسقط القتيل الأول في هذه القضية برصاص قوات الأمن وهو الشاب محمد بشير العماري (24 عامًا) وهو أيضا أحد خريجي الجامعة العاطلين من مدينة منزل بوزيان وهو ما أعطى زخما كبيرا للمتظاهرين ومثّل قتله وقوداً إضافياً لكي تنتشر نيران هذه التظاهرات والاحتجاجات في مدن تونس لتصل الشرارة الى المكناسي وجلمة والرقاب وسيدي علي بن عون والمزونة وبئر الحفي وسوق الجديد، وصفاقس وجبنيانة ومدن أخرى.ما نريد ان نقوله هنا ان سياسة قمع الحريات لم تعد تنفع الأنظمة الحاكمة لأسباب عديدة منها: الوعي الذي صار يتمتع به المواطن في كل بلدان العالم بعد الانفتاح العالمي والتطور العلمي والتكنولوجي حيث لم يعد بإمكان الأنظمة الاستحواذ على وسائل الإعلام واحتكارها للترويج لأفكارها الرامية الى عزل شعوبها عن الاتصال بالعالم الخارجي، وقد أصبحت الشعوب العربية اليوم تدرك جيدا ان هناك انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان يقوم بها القائد الضرورة وان حب الرئيس والولاء للحزب الحاكم والتصفيق له ووضع صوره في كل الزوايا، كل هذه الأشياء لن تساعد المواطن على العيش بكرامة وحرية، إنما يفعل ذلك خطط تنموية علمية مدروسة تساعد البلد على استيعاب أبنائه وتوفير فرص العمل الكفيلة بتوفير مستوى معيشي يضمن كرامة الإنسان.لقد أدرك المواطن العربي بعد عقود طويلة انه يضحي ويضحي دون مقابل في وطن لا يقدم له سوى الأزمات والعيش المذل بعيداً عن ممارسة حقه بالتعبير عن رأيه وحقوق أخرى كثيرة غابت وتلاشت أمام مفاهيم الوفاء للقائد والرئيس وحزبه الحاكم.نقول للأنظمة التي لم تعتبر مما حصل في تونس ان ما فعله التونسي محمد بو العزيزي يعبر عما هو مكبوت في صدور شبابكم الذين يعانون منذ سنوات طويلة ضنك العيش ما اضطر الكثير منهم للهجرة وترك الوطن للبحث عن كرامة العيش في دول أخرى.نعتقد إنما حدث اليوم في تونس مرشحاً للحدوث في الكثير من دول العرب لان المعاناة واحدة والمشاكل متشابهة، وعلى الأنظمة ان تدرك ان ممارسات القمع وتكميم الأفواه لم تعد تنفع في مواجهة هذه الأزمات لان المواطن صار يعرف حقوقه في ظل تنامي اهتمام العالم بحقوق الإنسان والقوانين الدولية التي تحمي هذه الحقوق من المتجاوزين عليها من القادة القوميين الأبطال.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram