TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > ستراتيجية الصين في بنغلادش تعرض منطقة جنوب آسيا للخطر

ستراتيجية الصين في بنغلادش تعرض منطقة جنوب آسيا للخطر

نشر في: 29 سبتمبر, 2024: 12:16 ص

ترجمة عدنان علي
اشارت تقارير الى ان الاضطرابات السياسية الأخيرة في بنغلادش قد حفزت لنقاشات حادة حول المستقبل فيما يتعلق بالتطرف والامن الوطني لجنوب آسيا. وعند الفحص الدقيق يتبين لنا بان الحالة السياسية في بنغلادش، وعلى نطاق أوسع منطقة جنوب آسيا، تكشف عن صعود عناصر متطرفة ناشئة لديها القدرة على تعطيل السلام الإقليمي والعالمي. فالصين التي سعت منذ فترة طويلة الى تقليص نفوذ الهند في جنوب آسيا، عملت ولأسباب عدة على تغذية المشاعر المعادية للهند داخل السياسة الوطنية في بنغلادش وغيرها من دول جنوب آسيا. ولم تهدف بكين الى موازنة نفوذ نيودلهي التقليدي في المنطقة فحسب، وبالتالي تقليص الامتياز الستراتيجي للهند، بل سعت أيضا الى توسيع دورها كقوة إقليمية مهيمنة وفرض قوتها خارج جوارها التقليدي. وقد أصبحت هذه الطموحات واضحة بشكل متزايد، حيث أصبحت الصين الان أكبر مصدر للمعدات العسكرية الى دكا وتمنح قروضا كبيرة لبنية الأساسية لتعزيز نفوذها. ونتيجة لذلك اتخذت المصالح الستراتيجية للصين في جنوب آسيا نهجا متعدد الأوجه، وخاصة من خلال نفوذها المتزايد في بنغلادش. في حين تؤكد الصين نفسها كشريك في التنمية، وتستثمر بكثافة في البنية الأساسية، يبدو أن تدخلها في بنغلاديش له تداعيات كبيرة على الأمن الإقليمي، وخاصة في الهند وكامل جنوب شرق آسيا في مكافحة التطرف. هذه الستراتيجية المزدوجة، من ناحية، قمع السكان المسلمين محليًا من خلال معسكرات إعادة التأهيل في شينجيانغ، ومن ناحية أخرى، الترويج بشكل غير مباشر للجماعات الإسلامية في بنغلاديش، تثير مخاوف شديدة بشأن نوايا بكين الحقيقية وكذلك ديناميكيات الأمن الأوسع في جنوب آسيا وخارجها. لطالما كانت بنغلادش شريكا رئيسيا في ستراتيجية الهند الإقليمية لمكافحة الإرهاب وخاصة في التعامل مع الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل حركة الجهاد الإسلامي، وجماعة المجاهدين في بنغلادش وشبكاتهما. مع ذلك فان نفوذ الصين المتزايد ي بنغلادش يعقد هذا المجال من التعاون الذي صمد امام اختبار الزمن خلال النظام السابق. ومع تعزيزي الصين لعلاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع دكا، يبدو ان الجماعات الإسلامية تكتسب المزيد من الحرية، وخاصة منذ تولي الحكومة الجديدة السلطة. هذه الجماعات كانت معروفة أيضا بعلاقاتها التاريخية مع الجماعات الإرهابية الدولية مثل تنظيم القاعدة وداعش، مما يعقد ذلك من ديناميكية أمن المنطقة على نحو أكبر. على سبيل المثال، ارتبطت جماعة إسلامية منذ فترة طويلة بالتطرف الإسلامي، كما أن توافقها مع الأهداف الستراتيجية للصين يسمح لها بشكل غير مباشر بالعمل بحرية أكبر، مما يعقد جهود الهند للحد من التطرف داخل حدودها بمساعدة بنغلاديش. إن الإيديولوجيات الإسلامية المتطرفة التي تروج لها جماعات مثل جماعة إسلامية وحفظة الإسلام بينما يتم الترويج لها أيضًا من خلال التدخل الصيني، لديها القدرة على الانتشار إلى بلدان ذات تعداد سكاني مسلم كبير، مثل ماليزيا وإندونيسيا وحتى سريلانكا. وقد شهدت هذه المناطق، وخاصة ماليزيا وإندونيسيا، ارتفاعًا في الأنشطة الإسلامية المتطرفة، وبنغلاديش في طريقها إلى العمل كأرض خصبة جديدة لهذه الأنشطة المتطرفة. ونظرًا للطبيعة العالمية للشبكات المتطرفة، فإن هذا الانتشار قد يؤدي إلى تعميق انعدام الأمن الإقليمي وزعزعة استقرار أجزاء من جنوب شرق آسيا، مما يعكس المسار الذي شهدته بنغلاديش. وعلاوة على ذلك، فان دعم بكين للجماعات المتطرفة التي تميل الى معاداة الهند قد خلق المزيد من الفرص لزعزعة الاستقرار في العلاقات الهندية – البنغالية. وبقدر ما يتعلق الامر بالهند فان مخاوفها الأمنية متجذرة بخبرتها مع المجاميع المتطرفة التي عملت سابقا من بنغلادش بدون عقاب. ان هذه الشبكات طالما ما كانت تعبر الحدود بعملياتها مخترقة الإقليم الشمالية الشرقية للهند مع نشر الأفكار المتطرفة والأنشطة الإرهابية. ولهذا فان نفود الصين في بنغلادش قد عمل ليس فقط على اضعاف قدرة الهند على مواجهة هذه المجاميع على نحو فعال، بل أيضا فتح الأبواب لنشر العناصر المتطرفة لمناطق أخرى أيضا. ولعل الجانب الأكثر إرباكاً في ستراتيجية الصين هو نهجها المتناقض تجاه الإسلام. ففي حين تنفذ الصين تدابير صارمة في شينجيانج، مثل معسكرات إعادة التأهيل التي تهدف إلى محو هوية المسلمين الأويغور، يبدو أنها تعزز بشكل غير مباشر العناصر الإسلامية في بنغلاديش من خلال التحالف مع حكومة إسلامية. وتخدم هذه السياسة المزدوجة المتمثلة في قمع الإسلام في الداخل مع تعزيز العلاقات مع العناصر المتطرفة في الخارج، الأهداف الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للصين، ولكن على حساب الأمن الإقليمي فضلاً عن الكشف عن نواياها الحقيقية في تعزيز بيئة صحية للمتطرفين في بنغلاديش وخارجها. ومن خلال السماح للمتطرفين الإسلاميين بالازدهار في بنغلاديش، تهدف الصين إلى إضعاف جهود مكافحة الإرهاب في الهند وجنوب شرق آسيا وخلق وكيل محتمل يمكنها من خلاله التأثير على الديناميكيات الإقليمية. ومن الواضح أن المصلحة الاستراتيجية الطويلة الأجل لبكين في تقليص نفوذ الهند في جنوب آسيا تنطوي على غض الطرف عن صعود الجماعات الإسلامية المتطرفة في بنغلاديش، على الرغم من أن هذا يهدد الأمن والاستقرار الإقليميين. وبالتالي، فإن الآثار الأوسع نطاقاً لستراتيجية الصين في بنغلاديش مثيرة للقلق بالنسبة للمشهد الأمني في جنوب آسيا. إن الصين، من خلال التحالف مع حكومة ذات ميول إسلامية والسماح للجماعات ذات الميول المتطرفة بالعمل بحرية، تخلق وضعاً يمكن أن يخرج عن السيطرة في وقت لاحق، إن لم يكن عاجلاً. وهذا لا يقوض فقط معركة الهند ضد التطرف، بل ويهدد أيضاً بانتشار الأيديولوجيات المتطرفة في جميع أنحاء المنطقة. وبفضل الدعم الصيني، اكتسبت بعض الفصائل السياسية المزيد من الجرأة، الأمر الذي ترك انطباعاً بأن العناصر المتطرفة سوف تحظى بالتسامح في دكا تحت إشراف بكين. وهذا ينطبق بشكل خاص على الهند، لأن الجماعات ذات الميول المتطرفة تتحالف بالفعل مع الخطاب المناهض للهند، باستخدام الدعم الصيني كدرع ضد النفوذ الهندي. لذلك، مع اعتماد دكا بشكل متزايد على الاستثمارات الصينية والمساعدات العسكرية، يجب أن تجد سياستها الخارجية قدراً أعظم من الاستقلال في صنع القرار مقارنة بالتحول الذي تشهده حالياً من المخاوف الأمنية الهندية. ومن شأن العلاقات الثنائية الضعيفة أن تؤثر سلباً على قدرة كل من الهند وبنجلاديش على التنسيق في المسائل الأمنية، بما في ذلك مكافحة التطرف في كل من البلدين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

"لوس أنجلوس تبدو كغزة".. كلمة لممثلة أميركية تثير غضباً

بغداد / المدىأثارت الممثلة الأميركية جيمي لي كيرتس، موجة غضب عارمة، بعدما شبهت الدمار الذي خلفته حرائق الغابات في لوس أنجلوس حاليا بآثار الحرب الدائرة في غزة.وقالت الممثلة الحائزة على جائزة الأوسكار البالغة من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram