متابعة/المدى
في تطور مفاجئ هز الساحة السياسية في لبنان والمنطقة، تعرض حزب الله لضربة قوية باغتيال زعيمه حسن نصر الله، وهو الحدث الذي يثير تساؤلات كبيرة حول مصير الحزب ومستقبله السياسي.

ومع أن الحزب لم يعلن بعد خليفة رسمي لنصر الله، إلا أن هناك ترقباً حذراً داخل صفوف الحزب وخارجه. التطورات القادمة قد تعيد تشكيل إستراتيجيات حزب الله السياسية والعسكرية، خاصة في ظل التوترات الإقليمية والصراع المستمر مع إسرائيل.

ومن جهة أخرى، يشير محللون إلى أن الحزب قد يتجه إلى إعادة هيكلة قيادته لضمان استمراريته وتكيفه مع التحديات الجديدة، فيما يبقى دوره كلاعب رئيسي في الساحة اللبنانية والإقليمية موضع تساؤل.

ويقول رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، العميد الركن المتقاعد هشام جابر، أنه "رغم الخسارة الكبيرة لحزب الله إلا أن كل أمين عام في الحزب يعد نفسه مشروع شهيد، ويعمل دائماً على إعداد خليفته"، مذكّراً بأن نصر الله نفسه تولى قيادة الحزب بعد اغتيال عباس الموسوي.

وبحسب خبراء يتطلب استمرار حزب الله في المعركة مراجعة داخلية عميقة لإعادة ترتيب صفوفه، ومعالجة الاختلالات في الملفات الأمنية والعسكرية، وحتى الإعلامية، بصورة عاجلة، خصوصاً أن الخطاب الإعلامي للحزب كان يرسم صورة متفائلة للمعركة، إلا أن الوقائع على الأرض أظهرت عكس ذلك تماماً.
وفي حال فشل المجتمع الدولي في وقف إطلاق النار، فإن نتانياهو قد ينقل، مشهد العنف من غزة إلى جنوب لبنان، لا سيما، وأنه يمتلك الضوء الأخضر لمواصلة عملياته العسكرية حتى الانتخابات الأميركية المقبلة، مما يعني أن لبنان قد يواجه 40 إلى 50 يوماً من الاستهدافات الصاروخية الممنهجة.

ومن المتوقع أن يخلف صفي الدين نصر الله، وهو أحد أقارب نصر الله، ويمثل خط ولاية الفقيه"، كما يعبّر مختصون عن إمكانية أن يكون صفي الدين هو الخليفة المرتقب لنصر الله.

وصفي الدين هو من الشخصيات البارزة في حزب الله، حيث يتولى رئاسة المجلس التنفيذي، وعضو في مجلس الجهاد، الذي يدير العمليات العسكرية للجماعة.

وينحدر صفي الدين من بلدة دير قانون النهر، الواقعة في منطقة صور بجنوب لبنان، وهو مرتبط بعلاقة قرابة مع الأمين العام للحزب، حسن نصر الله.

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية صفي الدين في عام 2017، كإرهابي، وفي يونيو الماضي، هدد بتصعيد كبير ضد إسرائيل، وذلك بعد مقتل أحد القادة العسكريين الآخرين في الحزب.

ويرى الأستاذ الجامعي والكاتب محمد علي مقلد، أن غياب نصر الله عن الساحة السياسية قد يقسم حزب الله إلى "تيار متطرف صغير، بينما يعود القسم الأكبر إلى حضن الدولة اللبنانية وترك المشروع الإيراني". ويتوقع أن الحل الوحيد هو العودة إلى الدولة والابتعاد عن الحروب.

وحسن نصرالله رجل دين شيعي تولى قيادة حزب الله عام 1992، إذ أسهم في تحويله إلى أحد أهم الأحزاب السياسية في لبنان. وُلد في عام 1960 في أحد الأحياء الفقيرة في بيروت، وانضم إلى حركة أمل في سن مبكرة. بعد الثورة الإيرانية، أسس حزب الله بدعم من إيران، وأصبح شخصية محورية في حركة المقاومة ضد إسرائيل. وازدادت شعبيته إلى حد بعيد بعد انسحاب إسرائيل من لبنان في عام 2000 وحرب 2006. ثم تحوّل نصر الله إلى شخصية ذات بعد إقليمي لا سيما بعد انخراط حزب الله في القتال داخل سوريا مما أدى إلى انقسام حاد في المنطقة وفي الداخل. رغم الانتقادات، نجح نصر الله في ترسيخ نفوذ الحزب في السياسة اللبنانية، وكان يعد أحد أبرز القادة السياسيين والعسكريين في لبنان.

وفي ضربة إسرائيلية ضخمة استهدفت قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، قُتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الشخصية التي غيّرت لعقود المشهد السياسي في لبنان والمنطقة بأسرها. عملية الاغتيال لم توقف عمليات القصف في لبنان، ولا إطلاق الصواريخ اتجاه الشمال الإسرائيلي من لبنان.