وديع غزوانبعيداً عن الدخول في التفاصيل الدقيقة لمشروع الموازنة الجديدة الذي اجل مجلس النواب قراءته الأولى الى اليوم، فان المواطن ينتظر ان تتحقق من خلال الموازنة الكثير من المشاريع المعطلة، خاصة وأنها وصفت من قبل متخصصين اقتصاديين بأنها (واحدة من اكبر الموازنات العراقية حيث ان حجم الإنفاق فيها يبلغ 93تريليون دينار تبلغ حصة الاستثمار فيها 32%) وتبلغ مبدئياً نحو 86 ملياراً و400 مليون دولار.
وبغض النظر عن الأرقام المجردة على أهميتها، فان التشديد ينبغي ان يتم على تطبيق جيد للإنفاق الاستثماري، الذي بدونه لا يمكن الحديث بتفاؤل عن انخفاض مستويات البطالة، التي قد ترتفع وتتفاقم اذا بقيت القطاعات الحيوية التي تفعل وتحرك العجلة الاقتصادية شبه المعطلة وفي مقدمة هذه القطاعات الزراعة والصناعة، ناهيك عن مستوى التردي في الخدمات.وفي الوقت الذي نتمنى فيه ان يحسم مجلس النواب إقرار موازنة عام 2011 بالسرعة التي تتيح للحكومة المباشرة بتنفيذ برامجها، فانا نأمل ان تجري دراسة واقعية ومنصفة لفقراتها، خاصة ما يتعلق برواتب الرئاسات الثلاث وذوي الدرجات الخاصة التي تشير الأخبار الى انها تبلغ 21% من ميزانية العراق المبتلي شعبه بالمشاكل والأزمات السياسية والاقتصادية والصحية ومن بينها البطالة والفقر المتفشيان بين صفوف أبنائه، وقد أضافت اليها اجتهادات بعض أعضاء مجالس المحافظات مشكلة تقييد الحريات.. معاناة تتفاقم يوماً بعد آخر دون ان تثير اهتمام هؤلاء الذين يبدو انهم يتقصدون إثارة مواضيع هامشية لالهاء الشعب وصرف أنظاره عن قضايا أهم واكبر.لا نريد هنا ان نقارن بين رواتب مسؤولينا ونظرائهم في البلدان الأخرى بما فيها تلك التي يطلق عليها (دول الرفاهية)، غير ان ما يجري من أحاديث وانتقادات وصلت حد التهكم، يتطلب حسم هذا الملف لصالح علاقة صحيحة وبناءة بين المواطن والمسؤول أساسها الثقة، كما ان من أولى معاني الإيمان بالديمقراطية، إجراء مكاشفة صريحة يقتنع من خلاله المواطن بأن المسؤولين في مجلس النواب والحكومة والقضاء وأجهزة الدولة الأخرى، حريصون فعلاً على ثرواته والمال العام ويضحون ويتفانون من اجل وضع برامج لتحقيق طموحاته، وانهم يتنافسون على كسب ثقته أكثر من تصارعهم على (مكاسب زائلة) ومناصب تتيح لهم شراء الفلل وإنشاء الشركات في الخارج في وقت يحتاج العراق الى كل (فلس) لكي يعيد بناء نفسه.. نحتاج الى من يثبت لنا ان المسؤولية أمانة وخدمة وواجب وحمل ثقيل، يدعو الكثير الى التهرب منها، في وقت حولها البعض الى وجاهات وامتيازات، لذا ضعفت الثقة ان لم نقل انعدمت بيننا وبين مسؤولينا الذين لا نرى اغلبهم الا وقت الانتخابات.ما نتمناه ان يستعيد البعض ممن تبوأ مقاعد المسؤولية في البرلمان او الحكومة ان يستعيدوا تجارب البلدان الأوروبية التي كانوا يعيشون فيها، خاصة في مجال العلاقة بين الشعب ومسؤوليها ويستفيدوا منها، برغم ان بعضها كما تطرح الأدبيات السياسية لليسار مظهرية وتهدف الى امتصاص نقمة وغضب الجياع والمحرومين، لكنها في كل الأحوال شكل ديمقراطي اثبت نجاحه وضرورته.الحديث طويل عن الفرق الكبير والشاسع بين ما يتقاضاه المسؤول والمواطن، لكن الموازنة ومناقشة إقرارها فتحت جروح عدم الاكتراث واللاابالية عند بعض المسؤولين التي وجدنا ان الواجب يقتضي التذكير بها عسى ان تنفع الذكرى!
كردستانيات: عسى ان تنفع الذكرى

نشر في: 14 يناير, 2011: 05:12 م