ذي قار / حسين العامل
كشفت أوساط المتظاهرين في ذي قار عن ملاحقات قضائية طالت عشرات المتظاهرين بتهم كيدية، رغم مرور نحو خمسة أعوام على مشاركتهم في تظاهرات تشرين. وأوضح المتظاهرون أن 43 شخصاً يلاحقون قضائياً بسبب مطالبتهم بالكشف عن المتورطين في مجزرة جسر الزيتون.
يُذكر أن تظاهرات تشرين التي انطلقت في أواخر عام 2019 شهدت أعمال عنف واسعة، وأسفرت عن مقتل واختفاء نحو 800 شخص وإصابة أكثر من 30 ألف جريح في عشر محافظات في وسط وجنوب العراق. وفي محافظة ذي قار وحدها، سقط أكثر من 140 شهيداً ومفقوداً، وأصيب أكثر من 5 آلاف آخرين.
دعاوى كيدية وملاحقات
أفاد الناشط حسن هادي المدرس بأنه تلقى بلاغاً من مديرية مكافحة الإرهاب للمثول أمام القضاء في قضية تعود لعام 2021، تتعلق بمطالبته إلى جانب ذوي شهداء التظاهرات بالكشف عن قتلة المتظاهرين والمتورطين في مجزرة جسر الزيتون. وأشار إلى أن هذه القضية تشمل حوالي 43 شخصاً من المتظاهرين وأسر الشهداء. وأعرب المدرس عن استغرابه من توجيه تهم كيدية للمطالبين بحقوقهم المشروعة، مؤكداً أن هذه الملاحقات تأتي قبيل الذكرى السنوية الخامسة لانطلاق تظاهرات تشرين، في محاولة لتكبيل إرادة المتظاهرين ومنعهم من إحياء هذه الذكرى.
من جانبه، تحدث الناشط المدني هشام السومري، الذي يلاحق بأكثر من ثماني دعاوى كيدية بسبب مشاركته في التظاهرات وكشفه عن ملفات فساد. وأوضح السومري أن القضيتين الأخيرتين اللتين استُدعي بسببهما إلى القضاء تتعلقان بالكشف عن شبهات فساد في إجراءات إحالة وتنفيذ مشاريع حكومية. وأكد أن المسؤولين الذين تم الكشف عن فسادهم اتهموه بالتشهير وإهانة مركزهم الوظيفي.
وأشار السومري إلى أنه قدّم نحو 70 شكوى إلى هيئة النزاهة في ذي قار تتعلق بشبهات فساد وسوء تنفيذ ومغالاة في تقدير كلف مشاريع صندوق إعمار ذي قار. وأوضح أن الطريقة المتبعة في إحالة المشاريع تعتمد على الإحالة المباشرة دون إجراء مناقصات تنافسية، مما يؤدي إلى إهدار المال العام.
يرى المراقبون أن حدة الملاحقات القضائية ضد المتظاهرين عادت للتصاعد مع عودة الأحزاب التي ثار ضدها المحتجون إلى السلطة عبر حكومة الإطار التنسيقي، بعد فترة من التراجع في عهد حكومة مصطفى الكاظمي. وأعرب المراقبون عن مخاوفهم من أن تؤدي هذه الملاحقات إلى زعزعة استقرار المحافظة في حال اعتقال أي من المتظاهرين الملاحقين، مما قد يفضي إلى تصاعد العنف.
دعوات لحسم الملف
دعا المراقبون الحكومة المحلية والمركزية إلى التدخل لحسم ملف الدعاوى الكيدية وفتح صفحة جديدة من خلال الحد من هذه الملاحقات أو إصدار عفو عام في هذا المجال. كما أشار بيان صادر عن القضاء العراقي في أيار 2021 إلى أن ممثلة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العراق، دانييلا بيل، بحثت مع رئيس محكمة استئناف ذي قار، القاضي محمد حيدر، القضايا المتعلقة بالمتظاهرين، والتي بلغت أكثر من 1200 دعوى، مؤكداً أن الهيئة القضائية المختصة مستمرة في إكمال الإجراءات التحقيقية وفقاً للقانون.
قضايا ضد القوات الأمنية
بالمقابل، كشف الناشط هشام السومري في أيار 2021 أن أسر شهداء التظاهرات والجرحى رفعوا أكثر من 700 دعوى قضائية ضد عناصر وضباط من القوات الأمنية وعناصر ميليشيات تتبع الأحزاب، غير أن معظم هذه القضايا لم تُحسم بعد. وفي تطور إيجابي، أعلنت الحكومة المحلية السابقة في ذي قار في أيار 2022 عن استحصال موافقة مجلس القضاء الأعلى على تحويل ملف الدعاوى التي تلاحق المتظاهرين من مديرية مكافحة الإرهاب إلى أقسام الشرطة المحلية، في خطوة تهدف إلى تهدئة الأوضاع وتقليل الضغوط على المتظاهرين.