TOP

جريدة المدى > سياسية > الصيد الجائر يهدد الثروة السمكية في العراق.. أزمة بيئية وأمن غذائي في خطر

الصيد الجائر يهدد الثروة السمكية في العراق.. أزمة بيئية وأمن غذائي في خطر

نشر في: 30 سبتمبر, 2024: 12:06 ص

 المدى/ محمد علي

يشكل الصيد الجائر للأسماك في العراق تهديدًا خطيرًا للتوازن البيئي والثروة السمكية في البلاد. بسبب استخدام أساليب غير قانونية مثل الشباك الضيقة والمتفجرات، تتعرض أعداد كبيرة من الأسماك لخطر الانقراض.
ويؤثر هذا السلوك مباشرة على التنوع البيولوجي في الأنهار والبحيرات، مما يهدد سبل العيش للصيادين المحليين، ويؤثر سلبًا في الأمن الغذائي.
وتسعى السلطات العراقية إلى مكافحة هذه الظاهرة من خلال فرض قوانين صارمة وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية، إلا أن التحديات تظل كبيرة نظرًا لضعف الرقابة وتفشي الفساد في بعض المناطق.
ويقول أياد الطالبي، رئيس الجمعية العراقية لمنتجي الأسماك، خلال حديث لـ (المدى)، إنه «الصيد الجائر للأسماك، هذا الموضوع يتناول شقين: الصيد البحري والصيادين. هناك نوعان من الصيادين؛ الأول هم الصيادون البحريون الذين لديهم تراخيص صيد رسمية من الدولة، خاصة في مياه الخليج العربي. هؤلاء الصيادون يواجهون صعوبات عديدة، منها التصادم مع المخافر الحدودية، خصوصًا مع المخافر الكويتية والجمهورية الإسلامية، وأحيانًا يتم اعتقالهم عند عبورهم لتلك المناطق. هذا الأمر يؤدي إلى قلة الصيد، بالإضافة إلى أن الأسماك البحرية أصبحت مطلوبة في وسط وجنوب العراق، وحتى في بغداد».
وأردف، أن «الشق الثاني، وهو الصيد الجائر في الأنهار والمسطحات الداخلية، فقد أدى ضعف القانون قبل عشر سنوات إلى إبادة جماعية للأسماك في مناطق مثل دجلة والفرات والأهوار والمبازل. هذه المناطق كانت تحتوي على كميات كبيرة من الأسماك، لكن بسبب استخدام وسائل صيد غير قانونية، دُمِّرت تلك الثروة».
وأوضح، أنه «في الآونة الأخيرة، ومع شح المياه، بدأت مناطق المبازل والأهوار تجف، ما تسبب في موت أعداد كبيرة من الأسماك، ولذلك لم يعد هناك صيد يُذكر في تلك المناطق».
وأكمل: «أما الصيد الجائر الذي لا يزال يحدث، فهو يتم بطرق غير قانونية، ولكنه أصبح نادرًا نتيجة الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية لتقليل هذه الممارسات».
وبيّن الطالبي، أنه «كما شكلت الوزارة مفارز لمراقبة الصيد الجائر، خصوصًا في فترات التكاثر، وهذا أمر مهم للغاية لحماية الثروة السمكية. مع ذلك، لا تزال هناك خروقات في فترات المنع، ويستغل الصيادون غير القانونيين تلك الفترات لصيد الأسماك على نحو غير شرعي»، موضحًا: «أما عن المزارع السمكية، فقد تأثرت هي الأخرى، بسبب استخدام مياه المبازل، وهذا أدى إلى تسريح أعداد كبيرة من العاملين في هذا القطاع. الآن، أصبحت الثروة السمكية في العراق مهددة بالانهيار نتيجة هذه الممارسات وشح المياه، وهناك دعوات من الجهات الرسمية لإعادة النظر في تنظيم المزارع السمكية وضبط عمليات الصيد».
وأكد: «يواجه الصيادون في العراق مشكلات كبيرة تبدأ من الخليج العربي، وتنتهي في الأنهار والأهوار. وهناك مضايقات من الدول المجاورة تتعلق بتحديد الحدود البحرية، إضافة إلى المشكلات الناجمة عن الصيد الجائر والفايروسات التي تصيب الأسماك سنويًا مثل فايروس الهربس، الذي يتسبب في تلف الأسماك في بعض المواسم»، لافتًا إلى أنه «نأمل أن يتم تشكيل لجان لدراسة هذه القضايا، وإيجاد حلول تحفظ الثروة السمكية في العراق».
من جهته، يقول المختص بالشأن البيئي، سمير عبود، خلال حديث لـ (المدى)، إن «موضوع الصيد الجائر موضوع مهم جدًا خصوصًا في مناطق المسطحات المائية والبحيرات والأنهار وتفرعاتها»، مشيرًا إلى أن «في السابق كان موضوع الصيد الجائر محصورًا في بعض التصرفات الفردية لعدد قليل من الصيادين حيث كانوا يستخدمون أنواعًا بسيطة من المتفجرات ونوع من السموم، وينتج من ذلك حدوث هلاكات محدودة في الأسماك والتنوع البيولوجي المحيط ولفترة زمنية محدودة جدًا».
وأضاف: «أما في الوقت الحالي فإن أساليب الصيد الجائر تصاعدت إلى حد بعيد باستخدام (النتال الكهربائي) واستخدام المبيدات الكيميائية كأبرز طريقتين للصيد، وهذا ما ولد كوارث بيئية أدت إلى حدوث انقراض في أنواع عديدة من الأسماك أهمها رمز الأسماك العراقية في الجنوب (الكطان) وأنواع من سمك (البني) و(الشبوط).. إلخ، بالإضافة إلى القضاء على أنواع عديدة من الحيوانات المائية والنباتات المائية التي تشكل أعمدة التنوع الإحيائي والبايولوجي والتوازن الطبيعي المميز لهذه المناطق. وهذا يشكل خرقًا بيئيًا لكل الضوابط البيئية المعتمدة».
وأكد عبود، أنه «لم تكن هناك إجراءات أمنية وقانونية وبيئية فعالة بخصوص الحد من هذه المشكلة، وتعيد معالجة الأمر بما ينعكس إيجابًا على البيئة العراقية».
في السياق، يقول الخبير القانوني، علي التميمي، خلال حديث لـ (المدى)، إن «قتل الأسماك في العراق تخريب اقتصادي»، مستدركًا أن «ظاهرة إبادة الأسماك في محافظات مختلفة ولسنوات متكررة دون أن يتم الإعلان عن الفاعلين أو الجناة، مع أن قانون العقوبات العراقي في المادة ٤٨٢ عاقب بالحبس والغرامة أو بإحداهما على هذه الجريمة التي يُستخدم فيها السم أو المتفجرات أو الكهرباء».
وأردف: «أما قانون تنظيم صيد الأحياء المائية وحمايتها رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٦ فقد منع في المادة ١ منه طرق الإبادة في صيد الأسماك باستخدام المتفجرات أو السموم، وعاقب هذا القانون في المادة ٢٨ منه بالحبس تسعة أشهر والغرامة أو كليهما على هذه الجرائم».
وتابع الخبير القانوني، أن «قانون رقم ١٠ لسنة ١٩٨١ عدل قانون تنظيم صيد الأحياء المائية رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٦، وجعل العقوبة الواردة في المادة ٢٨ منه هي السجن من ٧ سنوات إلى ٣ سنوات على استخدام المتفجرات والسموم في صيد الأسماك».
وبحسب مراقبين فإن إحدى الطرق التي أسهمت في زيادة إنتاج الأسماك هي الرقابة الصارمة على الثروة السمكية قبل 2003، ولا سيما فيما يتعلق بالاصطياد في مواسم التكاثر، لكن بعد ذلك العام تراجعت الرقابة مع شيوع طريقة الصيد الجائر والاستيراد من الدول المجاورة وغيرها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

مقالات ذات صلة

التعداد: تغيير متوقع بتمثيل المحافظات.. ورواتب البرلمان سترتفع إلى نحو 50 ملياراً سنوياً
سياسية

التعداد: تغيير متوقع بتمثيل المحافظات.. ورواتب البرلمان سترتفع إلى نحو 50 ملياراً سنوياً

بغداد/ تميم الحسن قد يفجر التعداد السكاني ازمة في العراق، بسبب تغييرات متوقعة في "حجوم السكان" في بعض المحافظات.وستدفع هذه المتغيرات الى استبدال اولويات التشريعات القانونية، كما يمكن ان تحقق طفرة في عدد أعضاء...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram