تونس/ متابعة إخبارية بعد ساعات قليلة من الخطاب الذي القاه الرئيس التونسي زين العابدين بن علي واعلن فيه تراجعه عن اجراء تعديلات دستورية تتيح له الترشح لفترة رئاسية جديدة في انتخابات 2014 فضلا عن امره بايقاف اطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ، غابت مظاهر الانتشار المكثف لقوات الامن التونسية صباح امس الجمعة وبدأت العاصمة تونس تعود الى طبيعتها قبل الاحتجاجات الدامية المتواصلة منذ اكثر من اربعة اسابيع .
وخرج التونسيون من بيوتهم إلى شوارع وطن بدا مختلفا بعد ان شاهدوا رئيسهم على شاشات التلفزيون وهو يحدد موعدا لتنحيه عن الرئاسة ، وأخذ التونسيون الذين كانوا يئنون تحت القيود التي فرضتها ادارته على الحريات المدنية يلوحون بالاعلام ويرقصون ويطلقون أبواق السيارات ويرددون النشيد الوطني .وذكرت تقارير صحفية ان تونس العاصمة بدأت تستعيد حركتها الاعتيادية مع اعادة فتح المحلات التجارية والمقاهي واستئناف حركة سير السيارات بينما كانت تشهد توترا في الايام الماضية ، فيما تدفقت حشود من الناس إلى الشوارع في تونس في أعقاب الخطاب المتلفز الذي ألقاه الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، والذي أعلن فيه عدم ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2014 ، واعدا بإصلاحات ديمقراطية وإرساء الحريات العامة .وقال الرئيس التونسي -الذي استخدم في أحيان كثيرة اللهجة المحلية- إنه فهم مطالب المحتجين الاجتماعية منها والسياسية, وقد أمر وزير الداخلية الجديد أحمد فريعة بأن تكف قوات الأمن عن إطلاق الرصاص الحي على المواطنين إلا في حالات قصوى, وتحديدا عند تعرض أعوان الأمن لمحاولة افتكاك سلاحهم مشيرا إلى أنه أعطى تعليمات حتى يتم التفريق بين ما سماها العصابات و"مجموعات المنحرفين" وبين الناس العاديين ، حاثا جميعَ التونسيين على دعم جهود التهدئة وقال "لم أقبل يوما أن تسيل قطرة من دماء التونسيين"، مضيفا أنه يتألم لسقوط ضحايا في المواجهات التي اندلعت يوم 18 كانون الأول الماضي من ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب) عقب إحراق الشاب محمد البوعزيزي نفسه أمام مقر الولاية.وكشف بن علي الذي كان دعا إلى ندوة وطنية الشهر المقبل، إن بعض مستشاريه ومعاونيه نقلوا إليه معلومات مضللة حجبت عنه كثيرا من الحقائق ، مؤكدا أنه ينبغي خلال الفترة الباقية من ولايته الحالية تحقيق وفاق مدني حقيقي يشمل كل الأحزاب والمنظمات الوطنية ، مشيرا الى إنه قرر توسيع المشاركة السياسية أمام جميع مكونات المجتمع المدني بهدف تعزيز الديمقراطية, وإعطاء الحرية الكاملة للإعلام بكل وسائله, والتوقف عن فرض الرقابة على الإنترنت.وشملت وعود الإصلاح التي أطلقها الرئيس التونسي مراجعة قانوني الانتخابات والصحافة، وأن تتولى لجنة مستقلة التحقيق في ممارسات الفساد على ألا يستثني التحقيق أحدا, فضلا عن التحقيق في عمليات القتل التي استهدفت محتجين ، معلنا أن حكومته ستخفض أسعار مواد أساسية مثل السكر والحليب والخبز. من جهتها رحبت المعارضة التونسية بحذر بوعود الرئيس زين العابدين بن علي, مؤكدة على ضرورة تقديم ضمانات لتنفيذ تلك الوعود ، فقد شكك رئيس حركة النهضة التونسية المعارضة المحظورة راشد الغنوشي في وعود بن علي بما في ذلك ما يخص محاسبة المتورطين في الفساد " متسائلا من سيحاسب من؟"، بما أن السلطة هي التي يفترض أن تشكل لجنة التحقيق, قائلا إنه كان على الرئيس بن علي أن يعلن استقالته، ومشيرا إلى أن الخطاب خلا من خطوات كان ينبغي الإعلان عنها في هذا الظرف ومنها إعلان عفو عام. أما الرئيس السابق لحركة النهضة حمادي الجبالي فقال إنه لا يمكن الحديث عن بدء إصلاح حقيقي إلا حين تعترف السلطة بجميع التنظيمات السياسية وتطلق حرية الرأي وتضمن نزاهة القضاء, مشددا على أن هناك أزمة ثقة بين النظام والشعب ، فيما رأى مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض أحمد نجيب الشابي أن الخروج من الأزمة الراهنة يمر عبر تشكيل حكومة ائتلافية، وقال إن من مهام تلك الحكومة تهيئة الأجواء لانتخابات رئاسية وتشريعية حرة.من جهة اخرى صرح وزير الخارجية التونسي كامل مرجان لاذاعة اوروبا 1 الفرنسية امس الجمعة ان تشكيل حكومة وحدة وطنية في بلده "امر ممكن تماما" و"حتى طبيعي".وردا على سؤال من باريس حول امكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية في تونس، قال "بسلوك اشخاص مثل نجيب الشابي، اعتقد ان الامر ممكن وحتى طبيعي جدا".ويشير الوزير التونسي الى محمد نجيب الشابي الزعيم التاريخي للحزب الديمقراطي التقدمي المعارض المرخص له لكنه غير ممثل في البرلمان ، مضيفا ان "الرئيس يفي بوعوده" .وحذرت ادارة باراك اوباما الاميركيين من مخاطر اعمال العنف والصدامات التي تدور في تونس ونصحتهم بتاجيل رحلاتهم غير الاساسية الى هذا البلد.
وعود كثيرة من "بن علي" والمعارضة ترحب بها بحذر شديد!

نشر في: 14 يناير, 2011: 06:40 م