TOP

جريدة المدى > محليات > 60 % تركوا مهنة الحياة.. تناقص المساحات الخضراء وغياب الدعم الحكومي يفتكان بنحّالي ديالى

60 % تركوا مهنة الحياة.. تناقص المساحات الخضراء وغياب الدعم الحكومي يفتكان بنحّالي ديالى

نشر في: 1 أكتوبر, 2024: 12:05 ص

 ديالى / محمود الجبوري

أطلق نحالو ديالى نداءات استغاثة إلى الحكومة العراقية ووزارة الزراعة لإنقاذ المحافظة من كارثة معيشية واقتصادية جسيمة بعد الانحدار الكبير في تربية النحل نتيجة تناقص المساحات الخضراء وغياب أو ضعف الدعم الحكومي للنحالين. إذ تخلّى 70% من نحالي ديالى عن مهنتهم بعد الخسائر التي تكبدوها في مزارع تربية النحل، التي تحوّلت من تجارة رائجة ومورد اقتصادي وطبي كبير إلى محرقة للنحالين.
وبسبب ارتفاع درجات الحرارة والتغيرات المناخية الضارة، يلجأ نحالو ديالى وعدة محافظات سنويًا خلال الصيف إلى الارتحال نحو المناطق الشمالية، وهو إجراء سنوي معتمد بسبب موجات الحر اللاهبة التي تؤثر على ديمومة وتكاثر النحل. ويهدف الارتحال إلى زيادة تكاثر النحل والبحث عن مناطق الأزهار وحماية النحل من حشرة «الزنبور الأحمر» وطائر «أبو الخضير»، اللذين يعدان أخطر آفة تواجه النحل وتقتله خلال الصيف الحار.
يعد غياب الدعم الحكومي وتلاشي المساحات الخضراء جراء شح المياه وتجريف البساتين من أبرز أسباب انحدار وتراجع أعداد النحالين في ديالى، التي تُعد موطن النحالين والمصدر الأول لإنتاج وتصدير العسل ذي الجودة العالية إلى المحافظات الأخرى.
رئيس الجمعية النموذجية للنحالين العراقيين، علوان عبد الرزاق المياحي، يسرد لـ(المدى) مشاكل ومعاناة تربية النحل وأسباب تراجع وتناقص أعداد النحالين بشكل مخيف، والتي بلغت 70% أو أكثر على حد تقديره. ويؤكد المياحي أن إنتاج العسل للموسم الحالي لن يتجاوز 20% مقارنة بالموسم السابق، بعدما بلغ إنتاج الموسم الماضي أكثر من 150 طنًا. ويعود ذلك إلى عدم جدوى الارتحال الصيفي هذا العام، حيث انتقلت مشاكل التصحر والجفاف وتلاشي المساحات الخضراء إلى المناطق الشمالية، وخاصة محافظة نينوى وناحية ربيعة، التي تُعد مركزًا لرحلات النحالين السنوية.
ويشير المياحي إلى أن الارتحال الصيفي يبدأ في شهر أيار وينتهي بنهاية أيلول سنويًا، وحقق نتائج إيجابية كبيرة طوال المواسم الماضية، باستثناء الموسم الحالي. إذ شهد ترحال أكثر من 100 نحال من ديالى بحثًا عن المسارح الطبيعية الخضراء في نينوى، إلا أن خطط الارتحال باءت بالفشل، رغم ارتحال بعض النحالين إلى مناطق كوردستان، خاصة أقضية بنجوين ورانيا، التي بدأت تعاني هي الأخرى من مشاكل في الغطاء النباتي.
وينفي المياحي وجود أي مشاكل أمنية تعيق دخول النحالين إلى نينوى وكوردستان، وسط تسهيلات عالية مدعومة بموافقات وتراخيص من الدوائر الزراعية في ديالى. ويعزو تراجع أعداد النحالين وإنتاج العسل في ديالى إلى هطول الأمطار في أوقات غير مناسبة للنحل (موسم التزهير وفيض العسل) في نيسان وأيار، مما تسبب بتدمير الأزهار التي يتغذى منها النحل وغسل الرحيق.
ويحصي رئيس جمعية النحالين تناقص أعداد النحالين من أكثر من 1400 نحال إلى حوالي 400 نحال فقط، بسبب انعدام الدعم الحكومي والظروف المناخية القاسية.
ويشاطر سعد الماشي، عضو الجمعية النموذجية للنحالين، الرأي مع زميله المياحي حيال واقع النحالين في ديالى. ويقول الماشي لـ(المدى): «تناقص الرقع الزراعية الخضراء وانعدام المراعي الطبيعية وغياب الدعم الحكومي للمزارعين سبّب تدهور تربية النحل في ديالى». وأشار الماشي إلى وجود عزوف كبير بين مربي النحل في ديالى، بسبب نقص التجهيزات والمستلزمات اللازمة لتربية النحل، إضافة إلى رداءة المبيدات المجهزة، وضعف فاعليتها وعدم جدواها في مكافحة أمراض النحل، نظرًا لمناشئها الرديئة غير المضمونة من دول أخرى.
ويرى الماشي أن تربية النحل في ديالى تعيش مرحلة احتضار خطيرة، حيث شهدت تناقصًا كبيرًا في أعداد خلايا النحل، حتى بين النحالين المحترفين أصحاب الخبرة الطويلة في هذا المجال. ويُضيف: «في السابق، كانت الحكومة تستورد ملكات نحل من مناشئ عالمية، أبرزها إيطاليا، لتحسين جودة ونوعية النحل وزيادة إنتاج العسل. وكانت تُوزع بأسعار مدعومة أو مجانًا للنحالين، لكنها توقفت لأسباب غير معروفة».
ويكشف الماشي عن دخول أنواع من العسل الإيراني الرديء الجودة عبر التهريب غير القانوني من مناطق كوردستان إلى ديالى، مما أضر بإنتاج العسل في ديالى وأدى إلى عزوف العديد من النحالين عن مزاولة مهنتهم. ويبلغ سعر الكيلوغرام من العسل الطبيعي بين 30-50 ألف دينار، فيما يبلغ سعر العسل الصناعي والإيراني المهرب بين 2000 إلى 3000 دينار للكيلوغرام الواحد.
من جانبه، ردّ مدير قسم وقاية المزروعات في مديرية زراعة ديالى، علي عبدالله حسين، على تحميل دائرته أسباب تراجع تربية النحل في ديالى. وقال: «نحن نعمل وفق خطة سنوية وزارية، ونحن جهة منفذة. نقدم للنحالين مبيدات مكافحة حشرة الفاروة التي تصيب النحل، ونكافح مرض النوزيما أو إسهال النحل للنحالين المجازين حصراً». وأوضح حسين أن النحال المحترف لا يتوقف عند رقعة معينة، بل يستمر في التنقل حسب مواسم النباتات التي يحتاجها النحل.
واعتبر حسين في حديثه لـ(المدى) أن تربية النحل مهنة تنقل وترحال، ولا يمكن إنتاج العسل دون الترحال في ظل الظروف البيئية والمناخية الحالية. وأقرّ بأن الدعم الحكومي للنحالين ليس بالمستوى المطلوب. وأضاف: «دائرتنا تعقد ندوات توعية مستمرة لمساعدة النحالين على تجاوز المشاكل، ولدينا برامج مستقبلية واعدة لتطوير تربية النحل في ديالى بالتنسيق بين الجهات المعنية».
وأشار حسين إلى مشاكل دخول النحل الإيراني بطرق تهريب غير قانونية إلى المحافظة، ما سبب أضرارًا كبيرة للنحالين في ديالى، مشيرًا إلى اتخاذ إجراءات قانونية لملاحقة مهربي ومستوردي النحل المحظور دخوله.
وعن ترحال النحالين، أوضح حسين: «نزود النحالين بكتب وموافقات رسمية للترحال نحو المناطق التي يرغبون بها، دون أي مشاكل أو عراقيل تُذكر طوال الفترات الماضية».
وتضم الجمعية النموذجية للنحالين أكثر من 500 نحال مسجل رسميًا، بعدما كان عددهم بالآلاف، إلا أن العديد منهم تركوا المهنة بسبب مشاكل الدعم والقيود.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

نزاع عشائري غير مسبوق فـي واسط: تدخل أمني عاجلواعتقال عشرات المتورطين

خطط جديدة لإنعاش السياحة في ذي قار مع بدء الموسم الشتوي

العسكرة ومقاولات "المتنفذين" تطمس معالم عاصمة الحضارة الإسلامية

الصراع يشتد على رئاسة مجلس ذي قار: هجوم مسلح تقابله دعوى قضائية

مصفاة كربلاء تتوقف.. أزمة وقود تلوح في الأفق

مقالات ذات صلة

لماذا تأخرت السلة الغذائية؟
محليات

لماذا تأخرت السلة الغذائية؟

متابعة / المدىشكا عدد من المواطنين، أمس الأربعاء، من تأخر توزيع مفردات الحصة التموينية لهذا الشهر، حيث شهدت الأسواق المحلية ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار المواد الغذائية، الأساسية (الرز وزيت الطعام والطحين والسكر). ودعا المواطنون...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram