TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: لماذا لا يقرأون ؟

العمودالثامن: لماذا لا يقرأون ؟

نشر في: 1 أكتوبر, 2024: 12:05 ص

 علي حسين

وانا اتجول كل جمعة في شارع المتنبي ، واسير في غابة من المطبوعات ، كنت اسأل نفسي : ترى ما هي قائمة الكتب المفضلة عند بعض سياسيينا، مَن قرأ منهم علي الوردي أو الرصافي أو وضع هوامشه الشخصية على تاريخ الوزارات العراقية للحسني؟ أجزم بأنهم عشقوا ميكافيللي من خلال السماع وطبقوا مبادئه المخادعة في السياسة من دون أن يقرأوا كتابه الشهير "الأمير".
يخبرنا مؤلف سيرة الرئيس الفرنسي الراحل ميتران، بأن الرجل كان دائماً ما يستشهد بمقولات لكبار كتاب فرنسا وهو يدير اجتماعات الحكومة وحين سأله أحد الوزراء يوما: لماذا يردد مقولات قديمة، في زمن وصل فيه الإنسان إلى سطح القمر؟ نظر إليه باسماً وهو يقول: " يفقد الإنسان اتصاله بالمستقبل اذا لم يكن محاطاً برجال مثل روسو ومولير ولم ينصت إلى حكمة فولتير".. بينما يفقد ساستنا اتصالهم بالواقع يومياً لأنهم مهمومون بالامتيازات والصفقات السياسية والأهم بالضحك على الناس البسطاء، ولهذا يجدون في السلطة فرصتهم لتصفية الحسابات مع الجميع، فلابد من استخدام كرسي الحكم في هزيمة " الخصم".. فهواة السلطة لا يعرفون شيئاً سوى ان الدولة ومؤسساتها وبيوتها وناسها وأطفالها هي ملك خاص لهم.
يكتب ستيفان زفايج، ان الاعتبارات السياسية تنتصر دائماً على الأخلاق، ويروي لنا في كتابه المثير "عنف الدكتاتورية" كيف ان مؤسسات الدولة تتحول إلى حواضن للتخلف، حين يتولى أمورها أناس يرفعون شعارات وحناجر الظلام.. حين صدر كتاب زفايج عام 1936 في قمة صعود النازية، خشي من بطش هتلر فكتب حكاية دارت أحداثها قبل نصف قرن عن المستبد الديني الذي يريد ان يؤسس لدولة " الهواة "، فنجد كيف ان المؤسسة الدينية تتحكم بعقول الناس، وتسعى لأن تجعل من الجماهير وقودا في حروب السلطة، ألم يخبرنا البعض من السياسيين ان الساحات يمكن ان تمتلئ بشيوخ العشائر الذين سيعيدون حتماً هتاف: " نموت، ونموت ليحيا السياسي"، فيما الشباب بلا عمل، والناس لا تجد سوى المفخخات ترافقها صباح مساء، لتجبرها على ان تحمل أكفانها أينما ذهبت؟!
أتمنى أن يقرأ بعض مسؤولينا وساستنا كتاب زفايج ليعرف كيف استطاع هذا المؤلف النحيل ان يصور لنا قصة الاستبداد.. حين قرأ الأديب الألماني الكبير توماس مان كتاب ستيفان زفايج لدى صدوره، كتب له الرسالة الآتية: "عزيزي السيد ستيفان، منذ زمن بعيد لم أقرأ كتاباً بمثل الحماسة والانجذاب إلى كتابك، وبمثل الإعجاب بمضمونه وأسلوبه. هو كتاب ممتع ومؤثر للغاية، يجمع عبر مادة تاريخية تدعونا إلى ان نستخلص العبرة: دائما يتكرر الشيء ذاته، فالتاريخ يعيد نفسه، الديكتاتورية هي الديكتاتورية، في كل زمان ومكان، في الأمس كما في اليوم، وكذلك ستكون غداً."

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

25 حالة انتحار في ذي قار خلال الربع الأول من 2025

مجلس الوزراء يقرر تجهيز المولدات الأهلية بـ"الكاز" مجاناً

البابا ليو الرابع عشر يناشد العالم: أوقفوا الحروب

هزتان أرضيتان قرب الحدود العراقية الإيرانية دون تسجيل أضرار

قمة الرياض الخماسية: دعم لفلسطين وصفقات استراتيجية

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

الطائفية المتخيلة : هل هي نظام جديد للحقيقة

قناطر: ما لا يُطوى بالفقد والنسيان

العمود الثامن: العراقية ريم وطموحات المشهداني !!

العمود الثامن: بيل غيتس ودراويش بلاد الرافدين

العمود الثامن: "ستوتات" وائل عبد اللطيف!!

العمود الثامن: بيل غيتس ودراويش بلاد الرافدين

 علي حسين وأنا أبحث عن الأخبار في مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام قليلة قرأت خبراً مثيراً يقول ان الملياردير بيل غيتس تعهد بالتبرع بكل ثروته الشخصية خلال العقدين القادمين. وقال إن الناس الأشد...
علي حسين

قناديل: نحنُ نفكّر، هُمْ يصنعون!!

 لطفية الدليمي كثيرون يؤمنون حدّ التصريح المعلن أنّ "الآخر لافكر لديه. هو يصنع فحسب". أظنّ المقتنعين بهذه العبارة من غير الجهر بها هم أكثر بكثير من المجاهرين. يستطيع كلٌّ منّا أن يقول ما...
لطفية الدليمي

قناطر: نحن في زمن التحولات!

طالب عبد العزيز للأجناس الأدبية والفنية عمرٌ افتراضي مثل كل ظاهرة في الوجود، تقف عنده، أو تنصرف الى شكل ومسمّى آخر، يتجاوزه، أو يختلف في تمظهراته عن أصله الأول، بالقدر الذي يمتدُّ فيه، أو...
طالب عبد العزيز

إيران.. المفاوضات بدلا من الصواريخ

إياد العنبر يجلس صانع القرار السياسي في إيران إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن، يتأمل خريطة المنطقة التي رسم ملامحها بمهارة صانع السجاد الإيراني. ومنحها تسميات تلغي كيان الدول التي تمكن من بسط نفوذه فيها،...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram