TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: نزاهة صينية واخرى عراقية

العمودالثامن: نزاهة صينية واخرى عراقية

نشر في: 2 أكتوبر, 2024: 12:07 ص

 علي حسين

مدهش هذا الوطن، نادراً ما تجد فيه هذه الأيام مسؤولاً أو سياسياً لا يسرق، أو يرتشي، بل ونادراً ما تجد فيه حزباً أو تنظيماً تواضع ودخل العملية السياسية من أجل الخدمة العامة، حيث تطغى المنفعة الشخصية فوق كل الخطب والشعارات.. فهناك اليوم وفرة هائلة من اللصوص والانتهازيين ومشعلي الفتن.
قبل أسابيع وقع نظري على خبر يقول إن لجنة مكافحة الفساد في الصين تحقق مع مسؤول كبير أقام حفل زواج "باذخ".. الرجل الذي وجد نفسه متهماً بخيانة ثقة الشعب، قال لصحيفة بكين نيوز، إنه لم يتمكن من إيقاف أسرة العروس من الانفاق على الحفل ببذخ، مشيرا إلى أن أسرة العروس من رجال الأعمال الأثرياء، وتخيلت مع نفسي، ماذا لو وجد أحد مسؤولينا الكبار نفسه يواجه تهمة الصرف على حفل زفاف أحد أبنائه.. من المؤكد أن سراقنا ومرتشينا لن يعدموا الحيل للالتفاف على مثل هكذا قرارات، واتهام من يقفون وراء لجان النزاهة، بأنهم من رجال النظام السابق، وينفذون أجندة "قطرية وسعودية" وممولون من تركيا.
ظل الغرب يعامل الصين على أنها بلاد متخلفة غير قادرة على التطور. فيما اليوم نجد أن النسبة الأكبر من المتفوقين في جامعات أميركا من تلك البلاد "المتخلفة" التي كان يتصور الغرب أنها ستغرق في الأفيون، ففاجأته بأن تحولت إلى اقتصاد مزدهر، فيما لا نزال نحن نياماً حيث نجوع ونرفع رايات الطائفية والانتهازية.
أصبحت الصين، القوة الاقتصادية الثانية في العالم بعد أن رسخت مفهوم النزاهة النظيفة، وتحولنا نحن إلى بلد يفشل في صناعة "المسامير" بعد أن أشعنا مفهوم أن المال العام حق مباح للجميع. قبل أربعة عقود كانت الصين مجرد شعب يحرث الحقول بحثا عن الأرز. والآن تخفق المشاريع الاقتصادية الكبرى في أوروبا وأميركا وتزدهر في شنغهاي وبكين.. لا يريد البعض أن يعرف أو يفهم أن الصين تحولت خلال العقود الأخيرة من بيوت بسيطة إلى مدن تضاهي نيويورك وباريس، ومن دولة تسبح في شوارعها الدراجات الهوائية، إلى بلد يسعى لشراء كبرى الشركات العالمية. إنها حكمة العصر الحديث. لقد بدأ العصر الصيني في البزوغ، في الوقت الذي يتراجع فيه العصر الغربي، سيذهل القارئ حين يعرف أن 70% من أشهر الماركات العالمية تصنع في مدن نائية في الصين.
كم هي بسيطة هموم العراقيين أن يعرفوا مثلاً، لماذا الموازنة 120 مليار دولار، وليس في العراق كهرباء ولا ماء صالح للشرب، ولا ضمان اجتماعي وصحي ولا شوارع نظيفة، اليوم تبحث الناس عن دولة غير محكومة بالفساد، المواطن اليوم ينتحب ويكتئب حزناً على ضياع الحلم بأيدي مجموعة من السياسيين محدودي الأفق ومتواضعي القدرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: عجائب وقفية !!

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

البريكس.. عيون عراقية

قناديل: بغدادُنا في القلب

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram