(1-2)
يتساءل كثيرون: هل ينوي المالكي من موقعه الحالي تشكيل حزب أو تجمّع جديد بقيادته، من مقربيه على اختلاف هوياتهم المذهبية والعرقية باسم قومي، تحت واجهة (توسيع تحالفات الحكم) كما يراه، بعيداً عن سياسة كتلة التحالف الوطني التي يمثلها، موظفاً لذلك محاولة مواجهة القضية القومية الكردية شوفينياً، لتحقيق إعادة اصطفاف يبقيه على الكرسي، حتى ولو بضم عناصر من بقايا الدكتاتورية بـ (كفاءاتهم) و خاصة العسكرية والأمنية الإجرامية منها، برفع شعار الـ (عدو مشترك) يمكن أن يلفّ و يوحّد جهود أنظمة (عراق المالكي) وإيران وسوريا ، رغم تباين مواقف قوى كتلة التحالف الوطني التي لا تعارض أو تحاول إيقاف نهجه بالمستوى المطلوب إلى الآن، و يعرّضها ذلك لفقدان مصداقيتها أمام ناخبيها.
ليس في الامكان تجاهل قوة الأخوّة العربية الكردية التأريخية التي امتحنت منذ زمان مواجهة الاحتلال البريطاني و تأسيس الدولة العراقية، الأخوّة التي عبّرت و تعبّر عن التآخي القومي من جهة و التآخي المذهبي الشيعي السني و كل التكوينات العراقية. الأمر الذي يتطلب من جانب حكومة الإقليم اليوم الانفتاح أكثر سواء في كردستان العراق أو على القوى الديمقراطية والليبرالية في المنطقة العربية من البلاد، و تعميق السعي لحلول مشاكل أوسع الفئات الكردستانية الكادحة . .
ويحذّر خبراء من خطورة تفجّر صراع خطير، بسبب المواجهات في سوريا التي جمّعت جبهة احتكارات نفطية غازية عسكرية استثمارية آسيوية وإيرانية وإسلامية وأخرى صاعدة حديثاً في مواجهة احتكارات غربية خليجية تركية إسلامية منافسة . . فيما يتلاحق ويتكشّف فساد مكاتب القائد العام ـ رئيس الوزراء ـ وتتلاحق فضائحها التي وصلت فيها الشبهات حتى إلى عائلته في صفقة السلاح الروسي . . كما تتناقل وكالات أنباء داخلية و إقليمية و دولية.
ومن جانب آخر، يرى مراقبون أن اتّباع (سياسة حافة الهاوية)، ومحاولة إشعال حرب قومية محلية، يمكن أن تتحول إلى حرب إقليمية (2)، لإحراج الكتل و القوى العراقية للحصول على مبايعتها، بأسلوب يذكّر كثيرين بأسف، بأسلوب صدام في اعتماد (حوشية) مقرّبة للحكم، وليس بالاعتماد حتى على كتلة و حزب لهما أهدافهما الوطنية الواضحة . . (حوشية) تغتني . . وتزداد على أفرادها تُهم الفساد و التلاعب بأموال الشعب، تحت واجهة (التآخي الطائفي) . . وتتصوّر أنها قادرة على فرض سياستها و مشيئتها على كردستان العراق باعتبار أن الحول والقوة والفصل هي في مقرات الحكومة المركزية في بغداد، وتصوّرت أو صوّروا لها بأنه يمكن أن يكون رئيسها هو القائد الأوحد القادر. ولكن فاته وفاتهم أن القضية الكردية (3) بعد أن مرّت مياه كثيرة تحت الجسر طيلة قرابة ربع قرن . . . قد دخلت مرحلة جديدة بعد نضالات مريرة لكل القوميات العراقية وخاصة الشعب الكردي ضد الدكتاتورية، التي إن عاقبت الشعب العراقي بحروب إيران و الكويت فإنها عاقبت الشعب الكردي عقابا قاسيا لايرحم بالانفعالات، و بالسلاح الكيمياوي (4).
مرحلة ابتدأت منذ خيمة صفوان وتوقيع الدكتاتورية على شروط الاستسلام إثر إخراج التحالف الدولي ـ العربي للقوات الصدامية التي غزت الكويت الشقيق، ومنذ إغراق انتفاضة الشعب العراقي بعربه و كرده و كل تكويناته بالدم . . واستطاعت كردستان العراق رغم أنواع المحن والصراعات أن تكوّن لها كياناً اعتُرِفَ به، حين عاقبتها الدكتاتورية المبادة بسحب دوائر الدولة لتحطيم البنى الأساسية لدوائر الدولة هناك في محاولة لإشاعة الفوضى وأعمال النهب . . إثر إعلان منطقة كردستان منطقة حظر جوي بوجه الآلة العسكرية للدكتاتورية . . مرحلة أعلنت فيها منطقة كردستان منطقة فيدرالية وتثبت في الدستور أن الدولة العراقية دولة فيدرالية اتحادية . .
وفيما يُثار جدلٌ عن أن القيادة الكردستانية لا تريد عراقاً كفوءاً عسكرياً، يرى كثير من المطّلعين، أن سياسة الحكومة الكردستانية لا تتفق مع ذلك الرأي، ولكنها تريد أن تكون طرفاً فيه كحال الدول الفيدرالية الاتحادية، وأن ما يثير مخاوفها فعلاً، هو التسلّح المفرط لمركز الحكومة الاتحادية دون حساب الإقليم ودون التوصّل إلى آلية متفق عليها على هذا الصعيد، وبسبب ما يترشح من خطط ومواقف لا تعلن و إجراءات غير وديّة للمركز تجاه الإقليم .
وبسبب تواصل تسيّد عقلية حل المشاكل بالقوة، وتزايد تركّز قيادة الجيش العراقي كقيادة فردية ومن مكوّن واحد . في وقت تستغرب فيه أطراف دولية عديدة من عدم قدرة الكتل المتنفذة على التفاهم إلى الآن في بلد غني جداً كالعراق . . ويشكّل جزءاً من تخوّف عديد من دول المنطقة من تزايد التسلّح في البلاد على حساب مستوى حياة الناس، إثر السمعة التي جرّت على البلاد حروباً وجرائم صدام الدولية، وباستخدامه الأسلحة المحرمة دولياً التي تتطلب إجراءات و صبراً من الطرفين وخاصة من المركز باتجاه إثبات أن الوضع الجديد لم يعد كالسابق . .
و فيما ينادي كثيرون بأن الحلول وحفظ السلام وتجنيب البلاد خراباً أكبر، يتركّز بالعودة إلى المحادثات السلمية وإلى اللحمة العراقية، على أساس الدستور ، وإسناد ذلك باتفاقات احتكارات النفط والغاز والمعادن في ما بينها على أساس العرض والطلب من جهة . . والاتفاق على موقف عراقي ـ كردستاني موحد أو يكمّل أحدهما الآخر، كموقف متكامل موحد متفق على التنوّع فيه، بعيداً عن المزايدات التي تحاول أطراف إقليمية وداخلية توظيفها لمصالحها الأنانية من أجل تلبية حاجات الشعب العراقي بأطيافه القومية والدينية والمذهبية في السلام والاستقرار وحقن الدماء .
تنادي أوساط ليست قليلة وبسبب تزايد الحشود العسكرية من أطراف النزاع، والتي بدأت بها الحكومة الاتحادية، وبسبب إهمال الاحتكام الحقيقي إلى الدستور وأهدافه ومراميه، والتمسك بجمل شكلية فيه بعد أن صارت تُفرّغْ من محتواها الحقيقي . . تنادي وتطالب بحل الحكومة القائمة وتشكيل حكومة انتقالية . . و تنادي أوساط أخرى بانتخابات تشريعية جديدة، تحت إشراف الأمم المتحدة ، فيما تتصاعد دعوات إلى مجيء قوات دولية للفصل بين الأطراف ولمنع تزايد احتمالات نشوب صدامات وأنهار دماء جديدة .
بعد بذله جهوداً بكل الوسائل لتمديد ولايته لدورة جديدة والتلويح بوقوف الحكومة بحزم بوجه تحديد ولاية الرئاسات الثلاث .
تدفع إليها احتكارات و دوائر قرار عليا دولية وإقليمية وسماسرة حروب ، وخاصة أوساط عسكرية إسرائيلية متشددة، لتوظيفها كغطاء يساعدها على تدمير المفاعل النووي الإيراني، كما فعلت في تدمير المفاعل النووي العراقي " تموز" عام 1981 أثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية .
بعد اكتساب القضية الكردية أبعاداً دولية وإقليمية وداخلية منذ تأسيس الدولة العراقية إثر انكسار جيوش الدولة العثمانية وإعادة تقسيم المنطقة وظهور دولها القائمة اليوم على أساس اتفاقات القوى المنتصرة وإرادات الشعوب . .
لابد من ذكر أن الدكتاتورية استخدمت السلاح الكيمياوي في الأهوار وإنْ بنطاق أضيق .