بغداد/ تميم الحسن
لا يبدو إعلان بغداد انسحاب القوات الامريكية بحلول ايلول 2025، كافياً لإيقاف هجمات الفصائل.
الجماعات المسلحة استهدفت فجر أمس، قاعدة امريكية قرب مطار بغداد، في ثاني هجوم من نوعه خلال أقل من شهر.
وعقب ذلك طلب محمد السوداني، رئيس الحكومة، تحديد المقصرين عن الهجوم الصاروخي، خلال 48 ساعة.
الهجوم يأتي مع توقعات بتعرض منشآت حيوية وعسكرية بالعراق لهجمات من إسرائيل، إذا ما قررت الفصائل التورط بالحرب اللبنانية.
ولمنع ذلك، أخذت السلطات إجراءات أكثر شدة - مما يجري بالعادة - مع الهجوم الصاروخي الأخير على مطار بغداد.
الناطق العسكري للحكومة يحيى رسول، كشف عن أن رئيس الوزراء وجه "الداخلية بإجراء التحقيق الفوري لمعرفة أسباب الخرق الأمني بإطلاق عدد من صواريخ الكاتيوشا من منطقة العامرية".
وأضاف في بيان أمس، أن "التوجيه، تضمن إعلان نتائج التحقيق وتحديد المقصرين خلال 48 ساعة".
في هجوم مماثل على المطار في أيلول الماضي، تزامن مع وصول مسعود بزشكيان الرئيس الايراني إلى بغداد في أول زيارة خارجية له، لم تعلق الحكومة على الحادث.
الداخلية، كانت ايضا قد أصدرت بيانا أمس، قالت فيه إنها "باشرت بإجراء التحقيق بحق القوة الماسكة للمنطقة في منطقة العامرية ببغداد".
وأوضحت أن "الخرق" الذي حدث فجر يوم الثلاثاء (أمس)، على مطار بغداد، كان بواسطة "صاروخين نوع كاتيوشا".
سقط الصاروخ الأول في المرآب الخاص بالفوج الثاني لجهاز مكافحة الإرهاب، والآخر في ساحة متروكة داخل المطار، حسب البيان.
وأشارت إلى "إيداع آمر القوة (في العامرية) التوقيف لمعرفة أسباب وملابسات هذا التهاون في الحفاظ على أرواح المواطنين والممتلكات العامة والخاصة".
ووصفت الداخلية منفذي الهجوم بـ"عناصر خارجة عن القانون" تحاول تعكير صفو الأمن.
وتابع البيان أن "وزارة الداخلية ستحاسب بقوة كل من تسول له نفسه محاولة المساس بأمن الوطن واستقراره".
وتعتقد الحكومة، بحسب أحد المستشارين، بأن إعلان انسحاب القوات الامريكية، ينهي "مبررات هجمات الفصائل".
ويفترض، وفق كلام الحكومة، أن تنسحب تلك القوات على مرحلتين في غضون عامين، تنتهي في ايلول 2026.
وحتى الآن لم تعلن أي جهة المسؤولية عن الهجوم، فيما كانت مجموعة تطلق على نفسها "الثوريون" تبنت هجمات مماثلة سابقة، بعد هدنة شباط بين الفصائل والامريكان.
وكانت خلية الإعلام الأمني قالت، إن الهجوم الأخير على مطار بغداد "لم تسجل فيه إصابات او خسائر بشرية".
وعثرت القوات الأمنية على منصة الإطلاق في عجلة نوع "كيا حمل" في القرية العصرية بمنطقة العامرية القريبة، غربي بغداد، من المطار.
ووجود بداخل العجلة عدد من الصواريخ التي لم تطلق وعدد آخر قد انفجر بالقرب منها، وفق بيان للخلية.
شكوك "التنسيقية"
وقبل أيام كانت ما يعرف بـ"تنسيقية المقاومة" قد شككت بـ"الانسحاب الأمريكي".
وأعلنت الحكومة بالمقابل أن العشرات من الجنود الاميركيين انسحبوا "خلال الأيام الثلاثة الماضية من قاعدة عين الاسد"، وبان هناك تهيئة لـ"الانسحاب من الوحدة الثالثة".
لكن "التنسيقية" اعتبرت في بيان بان الولايات المتحدة "كاذبة"، وطالبت بأن يكون "الخروج شاملا"، وان لا تكون العمليات في سوريا من "الأراضي العراقية".
كذلك اشترطت: "عدم منح الحصانة للقوات العسكرية الأجنبية أيا كانت مسمياتها".
ويُعتقد، بحسب مصادر، أن الفصائل القريبة من إيران "تخشى أن تبقى قوة امريكية، الى ما بعد أيلول 2026، تحت ذريعة ملاحقة (داعش) في سوريا".
ويقول فؤاد حسين وزير الخارجية ان "داعش لا يزال يشكل تهديداً بسبب قدرته على التأقلم والانتشار في مناطق مختلفة".
وأضاف خلال مشاركته اجتماع دول التحالف الدولي ضد "داعش"، في العاصمة الأمريكية واشنطن، أنه يجري "تحديد الاحتياجات المستقبلية" للعراق بالتفاوض مع التحالف الدولي.
وبدأت الفصائل الشيعية، بحسب مستشار حكومي، الهجمات على القوات الأمريكية بعد وقت قصير من 2003، حتى انتهت في 2011 بالانسحاب الأول لتلك القوات.
ثم عادت الهجمات المجموعة التي أطلق عليها اعلاميا بـ"خلايا الكاتيوشا"، بعد 3 سنوات فقط من طلب حكومة نوري المالكي آنذاك في 2014، من الامريكان المساعدة بالحرب ضد "داعش".
ومنذ نهاية 2017 حتى الآن تستمر الهجمات بشكل متذبذب.
بالمقابل ردت الولايات المتحدة أكثر من مرة، أعنفها كان حادث اغتيال ابو مهدي المهندس، والجنرال الإيراني قاسم سليماني مطلع 2020.
التوازن..
الحكومة العراقية، وبعد أحداث "7 اكتوبر" حرب غزة، بعثت رسائل إلى الولايات المتحدة بأنها "تضغط لمنع الفصائل" من التورط بالحرب.
وتكررت هذه الرسائل، بحسب تسريبات، مع تصاعد الاحداث الاخيرة في جنوب لبنان.
فؤاد حسين قال ايضا في اجتماع واشنطن الأخير، إن "العراق بمنأى عن الحرب في المنطقة"، مشيراً إلى أن الحروب تساهم في خلق حالة من الفوضى "تستغلها المنظمات الإرهابية مثل داعش".
استطاع السوداني أن يحافظ، الى اطول وقت ممكن، على هدنة غير معلنة بين الفصائل والقوات الامريكية، بدأت في شباط الماضي، وخرقت أكثر من مرة من قبل الفصائل.
وتبدو الرسائل العراقية إلى الغرب كافية لمنع "الرد الاسرائيلي"، حتى الان، رغم ان الفصائل أرسلت عشرات الصواريخ والمسيرات منذ "أكتوبر"، واصابت أهدافا حيوية، حسب ما تقوله.
لكن منظمات إسرائيلية نفت تلك المعلومات، الا انها اشارت الى "تطور المسيرات" القادمة من العراق خلال الشهر الأخير.
في 18 أيلول الماضي، ذكر الإعلام العسكري الإسرائيلي "لأول مرة"، أنه اعترض طائرات حربية كانت في "طريقها من العراق".
وتشير تحليلات إلى احتمال تعرض منشآت حيوية عراقية، موانئ ومواقع النفط، الى هجمات اسرائيلية، على غرار ما يجري في اليمن.
وتعترف الفصائل بـ"عدم التكافؤ العسكري" بينها وبين اسرائيل، لكن رغم ذلك تقول إنها قد تشارك بالحرب في جنوبي لبنان.