المدى/خاص
في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها العراق، أعلنت الحكومة خطة طموحة لإنشاء مدن صناعية حديثة تعتمد على تقنيات تكنولوجية متطورة، بهدف تنويع مصادر الاقتصاد وتحفيز الإنتاج الصناعي المحلي. ويأتي هذا الإعلان في وقت يعاني فيه العراق من تردي خدمات الكهرباء وتزايد ملفات الفساد، مما أدى إلى تأخير تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية في البلاد.

وتهدف هذه المدن الصناعية إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير بيئة ملائمة للشركات الصناعية التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة. وتعمل الحكومة بالتعاون مع شركاء دوليين على تطوير هذه المدن لتكون قادرة على تحقيق المعايير العالمية في الإنتاج والجودة، مما سيسهم في تخفيف الضغط على القطاع النفطي الذي يعتمد عليه الاقتصاد العراقي إلى حد بعيد.

ولكن هذه الخطط تواجه تحديات كبيرة، حيث يستمر انقطاع الكهرباء في التأثير سلبًا في الصناعات القائمة، إضافة إلى نقص التمويل، بسبب قلة التخصيصات المالية وتراجع الإيرادات الحكومية. ثم إنَّ الفساد المستشري في القطاعات الحكومية أدى إلى تأخير العديد من المشاريع، وتسبب في هدر الموارد وتراجع الثقة في الإدارة الحكومية.

ورغم هذه الصعوبات، تأمل الحكومة العراقية في أن تسهم المدن الصناعية الجديدة في خلق فرص عمل وتحفيز الاقتصاد المحلي، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية في المناطق المحيطة بها. إلا أن نجاح هذه الخطط سيعتمد إلى حد كبير على قدرة الحكومة على معالجة مشكلات الفساد وتحسين خدمات الطاقة وتوفير التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع وفق الجداول الزمنية المحددة.

من جهتها، تعتزم هيئة المدن الصناعيَّة في وزارة الصناعة، استحداث 4 مدن صناعيَّة حديثة وبطراز تكنولوجي متطوّر.
وذكر رئيس الهيئة، حامد عواد محمد، في حديث للصحيفة الرسمية، وتابعته (المدى)، أنَّ "مشاريع جديدة ذات تخصّصات متميّزة سيبدأ العمل بها العام المقبل".
وأضاف أن " القائمة تضم مدينة بابل للصناعات الطبيَّة والدوائيَّة، ومدينة الطيب الصناعيَّة الذكيَّة، ومدينة ديالى الصناعيَّة، ومدينة كركوك".
إلى ذلك، قال المختص في الشأن الاقتصادي، سمير العلواني، خلا حديث لـ (المدى)، إن "مشروع إنشاء مدن صناعية حديثة في العراق يعد خطوة مهمة نحو تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، ومع ذلك، أبدى العلواني تحفظه بشأن القدرة على تنفيذ هذه المشاريع في ظل الظروف الحالية التي يشهدها العراق، ولا سيما في مجالات الطاقة والتمويل".
وأوضح أن "استمرار تردي خدمات الكهرباء يمثل عقبة رئيسة أمام أي تطوير صناعي، حيث تحتاج هذه المدن إلى بنية تحتية قوية ومستدامة لضمان تشغيلها بكفاءة"، مشيراً إلى أن "الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة يتطلب استثمارات ضخمة في قطاع الطاقة لتوفير مصادر طاقة موثوقة، وهو أمر يعانيه  العراق حالياً، بسبب التقصير في قطاع الكهرباء".
وأكد أن "قلة التخصيصات المالية قد تؤدي إلى تأخير أو تقليص حجم هذه المشاريع، خصوصًا في ظل تزايد ملفات الفساد التي تتسبب في هدر الموارد وتباطؤ عجلة التنمية"، مبيناً أنه "حتى لو توافرت الإرادة السياسية لتنفيذ هذه المشاريع، فإن نجاحها يتطلب بيئة استثمارية شفافة وإصلاحات جذرية في النظام الإداري للحد من الفساد".

وتابع المختص في الشأن الاقتصادي، أن "هناك إمكانية حقيقية لتحقيق هذه الخطط إذا تم التركيز على إصلاحات جوهرية، خاصة في مجال الطاقة ومكافحة الفساد، إلى جانب البحث عن شراكات دولية تسهم في تمويل هذه المشاريع وتقديم الخبرات التكنولوجية اللازمة".