اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > من يصنع البطانة السـيئة؟

من يصنع البطانة السـيئة؟

نشر في: 15 يناير, 2011: 05:14 م

حسين علي الحمدانيهل يمكن تضليل الرئيس؟ وكيف يضلل الرؤساء في العالم ولماذا؟ ومن يمارس هذا الدور عادة؟ من استمع لخطاب او كلمة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي استولى على مقاليد السلطة عام 1987 بعد تنحية بورقيبة في حركة سميت في حينه (إصلاحية)،
من استمع للرئيس التونسي وهو يلقي باللوم على  البطانة السيئة التي كانت تقف وراء أسباب إخفاء المعلومات الصحيحة وعدم إعطاء الصورة الدقيقة عن أوضاع البلد المعيشية وأحوال حياة المواطن التونسي، من استمع لهذا يجد نقاطاً عدة منها:هذا الاعتراف يصدر لأول مرة من زعيم عربي وهو ما زال في قمة السلطة، ويبدو بأنه يمثل حالة استدراك للنظام السياسي العربي الذي عليه أن يضع الرجل المناسب في المكان المناسب وقبل هذا عليه أن يمنح المسؤولين مهما كانت درجتهم ومنصبهم الثقة وعدم الخوف من قول الحقيقة مهما كانت مؤلمة .rnالشيء الثاني، يتمثل بالابتعاد ولو قليلا عن مفهوم ( نظرية المؤامرة ) التي ترسخت في العقلية العربية القومية، الشيء الثالث وهو الأهم بل الأكثر أهمية يكمن في اعتراف الرئيس بالفشل وعدم وجود أيد خفية حركت الشارع التونسي سواء أكانت هذه الأيدي متطرفة أم معتدلة، ليبرالية أم إسلامية، وبالتالي تمثل حالة علينا أن نتوقف عندها كثيرا لنرى كيف تدار الدول في عالمنا العربي.تذكرت ما كان يعيشه المسؤولون العراقيون أبان حكم الدكتاتور صدام للعراق، إنهم كانوا يكذبون وبقوة من أجل إرضاء (القائد) وضمان عدم غضبه، ينقل لي أحد الضباط عام 2000 بأنهم أجروا تجربة لاختبار أحد الأسلحة التقليدية وقد فشلت التجربة، ولكن طلب منهم من قبل مقربين من ( الرئيس ) بأن يقولوا بأن التجربة ناجحة 100% ويعظموا من شأنها !! والحالة الثانية وهي الأكثر خطورة حيث يؤكد بعض العاملين في الميدان التربوي بأنهم كانوا يرفعون أعداد المتسربين من مدارسهم وبدلاً من متابعة ذلك يتم استدعاء هؤلاء المربين والمشرفين ويطلب منهم إعطاء موقف بعدم وجود متسربين من المدارس!! منطق غريب جدا في دفن الحقائق وترك حالات الفشل دون معالجات لتتراكم بحيث يصعب حلها، ويبدو هنا إن ثمة مصالح لهذه البطانة تقتضي أحيانا أن تحول الفشل إلى نجاح لكي تبقى تمارس دورها ( كبطانة ) مقربة من أصحاب القرار خاصة إذا ما كان الفشل في تجربة ما يطيح بها خارج مكاتبها على أقل تقدير، وعلى ما يبدو هذا هو نهج الكثير من النظم السياسية في منطقتنا العربية التي عادة ما تضع المستشارين في حالة من اللا مسؤولية عبر عدم إعطائهم فرصة تقدير تقارير صحيحة وواقعية مع إيجاد الحلول المناسبة لها.وصحة التقارير ودقتها تجعلان أية حكومة في أية دولة قادرة على إيجاد الحلول والمعالجات بصورة هي الأخرى صحيحة ودقيقة وعدم ترحيلها للسنوات الماضية، فعلى سبيل المثال يمكن لأية دولة أن تقضي على البطالة أو تخفف من نسبتها عبر معالجات سنوية واستحداث وظائف عامة في ميادين متعددة كالصحة والتعليم والخدمات وغيرها.نحن في العراق ظهرت لدينا الآن إحصائيات دقيقة أو قريبة جداً من الدقة، بينما هذه الأرقام كانت مختفية في حقبة النظام السابق، فمثلا لا أحد يعرف نسبة الأمية في العراق قبل 2003، ولا أحد يعرف نسبة الفقراء أو الذين يعيشون تحت خط الفقر قبل 2003، وبالتالي لا أحد يعرف حجم البطالة في ذلك الوقت،لكن اليوم نجد بأن هذه الأرقام والإحصائيات موجودة في وسائل الإعلام والوثائق الرسمية، وهنالك معالجات كبيرة لها في حدود الإمكانات المتاحة للدولة العراقية أو منظمات المجتمع المدني كلاً حسب اختصاصه، ومع هذا فإننا في العراق نعيش الآن فترة معالجات أخطاء وتراكمات الماضي، الماضي الذي لم يكن سوى حفنة من (البطانة السيئة) كانت تصور العراقي على أنه مترف ويعيش بأمان ويأكل (الحصة التموينية) ولا يتذمر وإلى آخر التقارير التي كانت ترفعها (البطانة السيئة) لتنال رضا (الريس) وعدم غضبه.ما نريد أن نقوله بأن ( البطانة السيئة ) كثيرا ما تصنع زعامات مشوشة غير عارفة بمجريات الأمور، وغير مدركة لعواقب تغييب المعلومات عن مصادر القرار خاصة في النظم المبنية على أسس مخابراتية بوليسية استبدادية غايتها الأولى والأخيرة المحافظة على بقاء النظام.اعتراف الرئيس التونسي بالتأكيد لا يعفيه من المسؤولية خاصة وانه من اختار هذه (البطانة السيئة) ودعمها كل السنوات الماضية، وبالتالي فإن المطلوب من النظم السياسية العربية خاصة إعادة النظر بهيكلية ومفاصل الدولة خاصة الحزبية منها وعدم السماح للحزب الحاكم والعائلة الحاكمة أن تلتهمهما الدولة ومؤسساتها وتحولها بشكل أو بآخر إلى تابع للحزب أو العائلة الحاكمة، بل إعطاء دور مهم للمستشارين ومنحهم الثقة والاستماع لآرائهم التي هي عادة ما تكون قريبة جدا من الواقع خاصة حين يتم طرحها في لحظتها وليست بصيغة تراكمية بحيث يصعب حلها.البطانة السيئة قد يكون دورها أكثر من حجب الحقائق، ويتعداها لتزوير الانتخابات، رمي التهم على أبرياء، وغيرها من الممارسات التي كانت موجودة في العراق قبل 2003 وما زال بعضها موجوداً في هذا المفصل أو ذاك بحكم التنشئة الإدارية لبعض الكوادر في هذه الوزارة او تلك. لذا علينا أن نأخذ العبر وأن نعالج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram