TOP

جريدة المدى > محليات > في ديالى.. عشرات القرى فقدت مهنها المعيشية جراء الإرهاب والنزوح القسري

في ديالى.. عشرات القرى فقدت مهنها المعيشية جراء الإرهاب والنزوح القسري

نشر في: 6 أكتوبر, 2024: 12:03 ص

 ديالى / محمود الجبوري

رغم زوال مخاطر الإرهاب الكبيرة في مناطق شمالي قضاء المقدادية، 40 كم شمال شرق بعقوبة، وعودة غالبية السكان إلى مناطقهم بعد نزوح امتد لسنوات عدة، إلا أن المقومات المعيشية والاقتصادية باتت معدومة بعد الأعمال والممارسات الإرهابية والنزوح القسري الذي تسبب في انهيار وتدمير القطاع الزراعي في تلك القرى التي تعتمد الزراعة موردًا معيشيًا أساسيًا.
وتعد مناطق «شمالي المقدادية» شمال شرقي ديالى، والتي تضم أكثر من 40 قرية، من أكبر معاقل التنظيمات المسلحة طيلة الأعوام الماضية بسبب طبيعتها الجغرافية والبساتين الكثيفة التي تحولت أجزاء كبيرة منها إلى ملاذات وأوكار أمنية لعناصر تنظيم داعش. ونزحت تلك القرى الزراعية إلى داخل وخارج ديالى بعد سيطرة داعش على حوض شمالي المقدادية عام 2014.
خطط وبرامج العودة والتطبيع التي نفذتها الجهات الحكومية أسهمت بعودة غالبية القرى إلى مواطنها، إلا أنها فقدت مهنها المعيشية وبدأت بإحيائها من جديد بشكل تدريجي رغم الصعوبات والعراقيل المالية والبيئية، وأبرزها شح المياه والمخلفات النفسية السلبية لدى السكان جراء فترات النزوح الحرجة والصعبة التي عاشها النازحون.
رئيس مجلس المقدادية السابق، عدنان التميمي، بيَّن في حديثه لـ(المدى) أن حوالي 5 قرى من إجمالي أكثر من 40 قرية نزحت إبان الحرب مع تنظيم داعش لم تعد حتى الآن بسبب الثارات العشائرية والملاحقة الأمنية جراء تورط الكثير من سكانها بالانخراط مع تنظيم داعش أو التعاون معه.
وأشار إلى أن قرى «كصيب، ولوش، شماملة، بابلان» التي تضم أكثر من 2000 أسرة لم تعد بسبب المتعلقات الأمنية ومخاوف الملاحقة، فيما لم تعد قرية «توكل» ذات الأغلبية الشيعية بسبب تدميرها بشكل شبه كامل من قبل الجماعات الإرهابية، منبهًا إلى وجود ثارات عشائرية عالقة تمنع عودة القرى النازحة.
كما أشار التميمي إلى وجود قرى جنوبي المقدادية «الجف، دليمات، قراغول، وججان»، التي تضم نحو 500 نسمة، لم تعد حتى الآن بسبب موانع عشائرية نتيجة هجوم انتحاري بحزام ناسف نفذه أحد عناصر تنظيم القاعدة عام 2011 في منطقة «الهزينية»، الذي خلف عشرات الضحايا والمصابين، بسبب مؤشرات أمنية سلبية ضد سكان تلك القرى ورفض عشائري لعودتهم.
أبو أحمد (63 عامًا)، أحد سكان قرى شمال المقدادية «قرية سنسل»، أحصى أضرار نزوح عشرات القرى بسبب الإرهاب إلى عدة مليارات بعد هلاك البساتين المثمرة والنخيل، التي كانت أكبر موارد المحاصيل الزراعية في ديالى قبل عام 2012.
أكد أبو أحمد في حديثه لـ(المدى) توجه السكان إلى مهن أخرى أو السعي للتعيينات بعد فقدان المقومات الزراعية وشح المياه وصعوبة إحياء البساتين المدمرة التي تكالبت عليها ظروف الإرهاب وانتهاء عمرها البيئي الذي تجاوز 70 عامًا وفقدانها لفعاليتها الإنتاجية.
ولفت أبو أحمد إلى عزوف الكثير من السكان عن العودة لمناطقهم بعد تكيفهم معيشيًا في مناطق النزوح وتوفر فرص العمل المعيشية البديلة عن الزراعة. مستدركًا: «رغم الظروف الأمنية والبيئية إلا أن قسمًا كبيرًا من السكان اتجه للزراعة السريعة البديلة عن البساتين، التي تشمل زراعة محاصيل الحنطة والشعير إلى جانب تربية الحيوانات».
وبحسرة شديدة، أحصى خسائر البساتين المدمرة والمتضررة إلى عشرات المليارات، والتي لا يمكن تعويضها في مدة قياسية معينة. ومع ذلك، أشار إلى مساعي السكان لإيجاد بدائل وطرق زراعية حديثة لتعويض الخسائر وإحياء الموارد المعيشية من جديد.
توجهت (المدى) إلى قائممقام المقدادية، زيد إبراهيم العزاوي، لاستقصاء برامج وخطط العودة والتطبيع المعيشي والاجتماعي للقرى العائدة، حيث قال: «غالبية قرى شمالي المقدادية عادت وبتلاحم اجتماعي وعشائري كبير وتعاون أمني عالٍ مع الأجهزة الأمنية والاستخبارية، إلى جانب حسم أغلب النزاعات العشائرية بين القرى العائدة من النزوح».
وأعرب العزاوي في حديثه لـ(المدى) عن أمله ومساعيه الجادة لإنهاء ملف ومشاكل النزوح شمالي المقدادية بالتنسيق مع إدارة المحافظة والحكومة الاتحادية، انسجامًا مع التوجيهات والبرامج التي أطلقها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بهذا الخصوص، مشيرًا إلى أن تنسيق الجهود المحلية والحكومية لمساعدة النازحين يسير بخطى كبيرة ومتقدمة وحقق نتائج ملموسة.
وأوضح العزاوي أن عودة النازحين تتطلب إجراءات محكمة، أبرزها التدقيق الأمني والاستخباري لمنع تسلل المندسين بين الأسر النازحة أو محاولتهم الإفلات من الملاحقة الأمنية لبسط الأمن والاستقرار ومنع عودة الحوادث الظلامية من جديد.
وكشف العزاوي عن إنجاز أكثر من 25 ألف معاملة تعويض للأسر العائدة شمالي المقدادية، وإحالتها إلى لجان التعويضات، تشمل تعويض الدور والبساتين والممتلكات الخاصة الأخرى، مؤكدًا تسلم الكثير من المتضررين لمبالغ واستحقاقات التعويض. وبحسب إحصائية رسمية أدلى بها ل(المدى) قائممقام المقدادية" 11 ألفًا و500 نسمة عادوا إلى مناطق قرى شمالي المقدادية من إجمالي 13 ألفًا و500 أسرة نزحت، فيما تتجاوز أعداد المستفيدين من التعويضات المالية 55 ألف نسمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

معسل التمر أو الدبس مع الراشي.. فاكهة الشتاء عند العراقيين
محليات

معسل التمر أو الدبس مع الراشي.. فاكهة الشتاء عند العراقيين

 واسط / جبار بچاي لا تخلو غالبية بيوت العراقيين في فصل الشتاء من معسل التمر أو الدبس والراشي الذي يطلق البعض فاكهة الشتاء، وغالباً تقدم هذه الأكلات بالغة الطعم الى الضيوف في ليالي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram