TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :أوراق عراقي من عالم نظيف -1

العمود الثامن :أوراق عراقي من عالم نظيف -1

نشر في: 15 يناير, 2011: 06:03 م

علي حسين الفارق بين الكاتب والمؤرخ، ان الأول يختار الكتابة عن مشاعره وتجاربه، فيما الثاني يكتب وأمامه مسطرة اسمها الوقائع والتواريخ يقول ادورد كار في كتابه ما هو التاريخ.. "التاريخ يتكون من مجموعة كاملة من الحقائق المؤكدة التي تكون متوفرة للمؤرخ من خلال الوثائق، حيث يقوم المؤرخ بطبخها ومن ثم يقدمها بالأسلوب الذي يروق له".
نعرف من سير الكتاب ومعاناتهم ومشاعرهم، من أحبوا ومن استذكروا، ومنها نعرف أحياناً في صراحة وعمق، عقد العلاقة مع الأصدقاء والأصحاب، ونعرف أحياناً لماذا أحب احدهم هذا الصديق، ولماذا تحولت تلك الذكريات الى حزن مرافق دوام العمر.. تدفعني الكتابة أحياناً عن المذكرات واليوميات الشخصية وما احصل عليه من هذه اللقى الثمينة والتي كان أخرها مذكرات القاضي محمود خالص "ذاكرة ورق" ولمن لا يعرف محمود خالص  فهو واحد من عمالقة  الفكر القانوني ولد في بداية القرن الماضي " 1900" وتوفي عام 1981 قضى منها ستين عاما في القضاء كان فيها مرجعاً حصيفاً من مراجع  القانون وحجة يركن اليها الخصوم قبل الأصدقاء، ومنبرا للفكر الحر، لم يساوم على قناعاته  بوجوب سيادة القانون والارتفاع بها فوق كل اعتبار  رافضا  ان يجعل من أحكام القضاء مطية لتجاوزات الحكام.. كيف تسنى له ان يكون بهذه الصلابة في عصر امتاز بالاضطرابات السياسية.. هذا ما نجده في دفاتر يومياته التي دونها منذ شباط عام 1920  ولم يتوقف قرابة ستة عقود عن كتابة هذه اليوميات، ذهابه للوظيفة.. مناقشاته.. مطالعاته.. حواراته.. فجاءت كتاباته عفوية أشبه بحديث مع صديق.. يوميات لبغداد والمدن التي عاش فيها البصرة والموصل وكركوك والتي طاف بها قاضيا من كربلاء والنجف والحلة وميسان.. لتتحول أوراق الرجل الى سيرة يومية لوطن أحبه اسمه العراق.يكتب محمود خالص في يومياته "القضاء يجب ان يكون بمعزل عن كل تأثير ليصبح الأداة التي يركن اليها الناس للمحافظة على أرواحهم، وأموالهم، وأعراضهم، فإذا ضعف القضاء تكون هذه الأعلاق الثلاثة "العرض، والمال، والروح" معرضة للخطر، وأي خطر، فان الهيئة الاجتماعية اذا تعرضت لمثل هذه الأخطار فستكون في قلق دائم "في اليوميات نتعرف على الوجه الآخر للقاضي عاشق الشطرنج، يقول  السياسي والأديب عطا عبد الوهاب"، كنا ندخل على محمود خالص ونجده يطالع في كتاب ضخم للشطرنج، او يلعب لعبة واللوحة أمامه وحده متقمصا لاعبين ومسترشدا بتعليمات الكتاب".ويروى عن محمود خالص انه كان على صلة حميمة مع الملك عبد الله الأول عاهل الأردن  وكان الأخير يجيد لعبة الشطرنج فكان اذا جاء الى العراق يتصل بمحمود خالص ليتفق معه على موعد لإجراء النزال بينهما.وذات مرة جاء عبد الله الى بغداد وكان محمود خالص آنذاك في محاكم البصرة، فتم تكليف رئيس التشريفات في المملكة الأردنية بان يرتب موعداً لإجراء اللعبة فما كان من هذا الا ان هاتف محمود خالص في البصرة وقال له: "يقول سيدنا عبد الله احضر الى بغداد ومعك علبة الشطرنج، فاستشاط الرجل غضباً، وقال لرئيس التشريفات: "ماذا تظنني؟ مطربة لكي اتي مع العود واقفل الخط وحين علم الملك عبد الله بسوء تصرف الموظف وبخه واتصل شخصيا بمحمود خالص معتذرا عن قلة أدب رئيس التشريفات.rnوللحديث بقية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram