TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: في الحاجة إلى مسؤول شجاع

العمودالثامن: في الحاجة إلى مسؤول شجاع

نشر في: 7 أكتوبر, 2024: 12:06 ص

 علي حسين

ما الفشل؟.. في التعريف اللغوي، هو الضعف، ويقول صاحب كتاب "المخصص" ابن سيده: فشل الرجل فشلا، وفشل: كسل وضعف وتراخى، ولان الفشل أنواع حسب معجم علم الاجتماع، منه الشخصي الذي يضر بصاحبه فقط، ومنه العام الذي يؤثر على المحيطين به.
هل يمكن ان نطبق هذا المفهوم على المسؤول الفاشل عندنا؟ لا أعتقد ان الأمر سينجح، فنحن نعيش في ظل مسؤولين لا يعترفون بالفشل ويعتقدون ان "الخطأ والصواب" لا علاقة لهما بالفشل. فالأمور عندنا لا تتعدى "تجارب تخطئ وتصيب"، وحين يتقدم بلد مثل العراق سُلّم البلدان الأكثر نهبا للمال العام.. فان الأمر يدخل أيضا في قائمة "تجارب الهواة".. فلا مشكلة ان يتدرب "الفاشلون" على إدارة مؤسسات الدولة؟ وأين المشكلة حين يدير أمور العباد، أناس لا يقرأون سوى دعاء الرزق، ولا يحفظون سوى أرقام حساباتهم في الخارج، ولا يفرقون بين كتاب الطبخ، وكتاب الفلسفة، ويعتبرون الاعتراض على المسؤول رجساً من عمل الشيطان فاجتنبوه، ونراهم يوما بعد اخر يفقدون اتصالهم بالواقع يوميا لأنهم مهمومون بالامتيازات والصفقات السياسية والأهم بالضحك على الناس البسطاء، ولهذا يجدون في السلطة فرصتهم لتصفية الحسابات مع الجميع، فلابد من استخدام كرسي الحكم في هزيمة "الخصم".. فهواة السلطة لا يعرفون شيئاً سوى ان الدولة ومؤسساتها وبيوتها وناسها وأطفالها هي ملك خاص لهم.
اليوم نعيش في ظل ساسة ومسؤولين وصلوا إلى السلطة ليديروا نفس الماكنة التي أدارها صدام على مدى أربعة عقود وبنفس الآليات وفي خدمة شيء واحد: "كرسي المنصب".. واحد وعشرون عاما وماكينة السلطة القديمة نفسها، لا ترى في الدولة غير الساكنين في المنطقة الخضراء.. لا شيء تغير، لم يفعل قادة العراق بعد 2003 شيئا سوى تفصيل الكرسي على مقاسهم.. كلهم تعاملوا بمنطق ورثة نظام صدام.
يصنع الناجحون تاريخا جديدا لبلدانهم. لم يتوقع العالم ان خروج مانديلا من السجن، سيفتح صفحة جديدة للتقدم والرقي والحياة الحرة الكريمة لكل أبناء جنوب أفريقيا البيض قبل السود، لم يحرر الناجحون بلدانهم فقط، بل حرروا نفوس مواطنيهم من الثأر والضغينة. أهم ما في سجل الناجحين، أنهم صفحوا عن أعدائهم ولم يطلقوا سوى جملة واحدة: "تعالوا نبني المستقبل ونعلن موت الماضي".
في هذه اللحظات العصيبة يحتاج العراقيون الى سياسيين ناجحين وشجعان لا يمارسون لعبة قذف التهم بينهم، ولا تعليق المشاكل على شماعات وهمية. هذه مسؤوليات لا تحتاج إلى دفاع عن المخطئ لتقويته أو لحمايته. فالأمر في النهاية يتحول الى منظومة فشل. والخطأ يولد خطأً اكبر، وان لا يتصور احد انه سيجلس في مقاعد المتفرجين، المواطن يحتاج إلى مسؤول يطمئن العراقيين على بلدهم ومستقبلهم. واهم من ان يطمئن البعض على استمراره في المنصب، والسعي لعودة محمود المشهداني إلى كرسي رئاسة البرلمان، هو ان نطمئن جميعا على امن البلد واستقراره ومستقبله.. العراقيون انحازوا للديمقراطية، لكن الفاشلين انحازوا لمصالحهم الشخصية، فخلطوا شعارات مصلحة الوطن بأطماعهم السياسية.
في النهاية، الناجح من يصدق وطنه وشعبه، لا اقاربه واحبابه، ومن ينصرف منذ اليوم الأول إلى البناء والتنمية وبث الطمأنينة والاستقرار، لا إلى التجهيز لحروب الطوائف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

السِّجن السّياسيّ: المطبِق وبيت البراغيث إلى قصر النّهاية وصيدنايا

العمود الثامن: اقفاص الأسد في يومها الأخير

العمود الثامن: أهلا بكم في الديمقراطية العراقية

العمود الثامن: تذكروا أنكم بشرٌ

قناطر: تحت طائرة بلنكين

العمود الثامن: تذكروا أنكم بشرٌ

 علي حسين كعادتي كل صباح اقرأ عمود الكاتب الصحفي سمير عطا الله في الشرق الأوسط، وهو يجمع بين السياسة والأدب والفلسفة ، وفي عموده قبل يومين تناول موضوعة القادة الذين يتوهون ان عقولهم...
علي حسين

كلاكيت: ترامب في معاركه مع السينمائيين

 علاء المفرجي مرة أخرى، يُجدّد الأميركيون انتخابهم دونالد ترامب. ومرّة أخرى تحظى الانتخابات الأميركية بمثل هذا الاهتمام العالمي، لأسباب عدّة، لعل في مقدّمتها انسحاب المنافس الرئيس لترامب، جو بايدن، والانسحاب كان لصالح نائبته...
علاء المفرجي

احمد الشرع..بمنظور علم نفس الشخصية

د. قاسم حسين صالح تنويههذه المقالة، او الدراسة، لا علاقة لها بالسياسة، انما هي سيكولوجية خالصة تدخل ضمن تخصص في علم النفس بعنوان (علم نفس الشخصية Psychology of Personality)..تهدف الى تقديم حالة واقعية في...
د.قاسم حسين صالح

" البعث" بدِمشق وبَغْداد.. غساسنة ومناذرة

رشيد الخيون بعد إزاحة "البعث" في 9 أبريل 2003 مِن سدة السُّلطة ببغداد؛ ظل جناحه السُّوريّ قائماً بدِمشق حتَّى 8 ديسمبر 2024، يحكمها على قلق، حتى انتهى بعد 61 عاماً. كان الأسد يعرف النتيجة،...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram