وصف خبراء سياسيون الانتفاضة الشعبية التونسية، بأنها واحدة من أهم الثورات في العصر الحديث. وأكد عدد منهم أنها تأتي في توقيت تعاني فيه غالبية الشعوب العربية من القهر والاستبداد، معتبرين أنها تمثل"رسالة ملهمة"تؤكد إمكانية تحقيق انتصارات على الأنظمة القائمة التي تستمد بقاءها في السلطة من الأساليب القمعية.
وقال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية عمار علي حسن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستيراتيجية لـ"إيلاف":"ما شهدته تونس اليوم حدث غير مسبوق، يضاف إلى سجل الثورات التاريخية التي صنعتها الشعوب، فلم يشهد التاريخ سوى ثلاث ثورات مهمة هي: الثورة الفرنسية في العام 1789، والثورة البلشيفية في العام 1917، و الثورة الإيرانية في العام 1979، وها هو الشعب التونسي يسجل اسمه في سجل الثورات الخالدة، بانتصاره على واحد من أشرس الأنطمة القمعية في العالم الثالث وخاصة العالم العربي، ألا وهو نظام زين العابدين بن علي، الذي حكم تونس بالقمع والقهر لأكثر من 23 عاماً".وتابع حسن قائلاً:"يتشابه ما حدث في تونس، بما جرى في قرغيزستان منذ عدة سنوات، حيث زحفت الجماهير الغاضبة من تدني الأوضاع المعيشية، والقهر والاستبداد، إلى القصر الرئاسي، مطالبة الرئيس بالتخلي عن الحكم، فرد باستخدام الرصاص من جانب الجيش في قمع المتظاهرين، وسقط العديد من القتلى واستمرت الانتفاضة إلى أن أجبرت رأس النظام على الهروب إلى دول مجاورة". وأشار حسن إلى أن:"نظام بن علي كان من أشد الأنظمة القمعية في العالم العربي، حيث كان يستخدم قوات الأمن في فرض سطوته على البلاد، ووضع القيود على وسائل الإعلام بشكل غير مسبوق، وكبل الحريات، ولم يستفد من النمو الاقتصادي الذي شهدته تونس في عهده سوى قلة من بطانة حكمه، في حين كان الشعب يعاني من البطالة والفقر، وعمل النظام كذلك على تدمير الأحزاب السياسية، والنقابات المهنية والعمالية، دون أن يدري ان كل ذلك سيولد الانفجار في لحظة ما. و لما حانت تلك اللحظة التي انطلقت مع انتحار بائع من خلال إضرام النار في جسده بالشارع، انتهزتها الطبقة العاملة فرصة، وعضت عليها بالنواجذ، فاندلعت مظاهرات رفعت شعار"الخبز"، ثم تضامنت معها الطبقة الوسطى، مطالبة بالحرية، ورفعت المظاهرات شعار"الخبز والحرية"، واتسعت دائرة التضامن لتشمل أفراداً من الشرطة والجيش، ولم يستطع بن علي السيطرة على الأوضاع بعد أن فقد السيطرة على الشرطة والجيش، فاتخذ قراره بالرحيل إلى خارج البلاد، مما يعتبر واحداً من أهم انتصارات الشعوب خلال السنوات الـ 40 الماضية، التي لم تعرف فيها المنطقة العربية سوى الإنقلابات العسكرية أو التغيير من داخل الأنظمة الدكتاتورية نفسها".وحول تأثيرات ذلك على الدول العربية، أوضح حسن"ستكون هناك تأثيرات عميقة على دول المنطقة، فهناك أخبار عن انتقال العدوى إلى عدة بلدان، وقد نقلت بعض الصحف الغربية تسريبات تفيد بأن الأنظمة العربية"تضع يدها على قلوبها"خشية تكرار السيناريو نفسه لديها، لا سيما أن شعوبها تعاني من الظلم والقهر، وانسداد الأفق، وانعدام البدائل السياسية".وأكد حسن أن"الثورة التونسية ستكون ملهمة لباقي الشعوب التي تعاني من القهر والاستبداد، لكنها قد لا تتكرر بحذافيرها، ولا يستطيع أي محلل سياسي على وجه الأرض توقع تكرارها في أي دولة أخرى، لأن الانفجار يحدث في لحظة".بدوره، أعرب عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية لـ"إيلاف"عن سعادته بما حدث في تونس وقال"أول مرة أسمع خبراً مفرحاً يأتي من العالم العربي منذ نحو أربعين عاماً، لا سيما أن جميع الأخبار كانت تحمل هزائم وانكسارات وأزمات اقتصادية وحروباً ومشاحنات طائفية، وكانت الأخبار السعيدة التي تخص العالم الثالث تأتي من خارج المنطقة العربية". وأضاف"رغم أن الشعب التونسي لم يتخلص نهائياً من الحزب الدستوري الحاكم، إلا أن أي نظام جديد لن يكون سيئاً كما هو الحال في النظام السابق، وسوف تكون هناك خطوات كبيرة نحو الديمقراطية والحرية، وتوجيه عائدات النمو الاقتصادي إلى الشعب، وليس إلى النخبة المحيطة بالنظام الحاكم"، ووفقاً للشوبكي، فإن الشعب التونسي وجه رسالة ملهمة إلى باقي الشعوب العربية، وقد لا تتحقق نتائجها في القريب العاجل.
خبراء:انتفاضة الشعب التونسي"رسالة ملهمة"لكل الشعوب العربية

نشر في: 15 يناير, 2011: 06:22 م