الأنبار ـ أيوب سعد
في قلب محافظة الأنبار، أكبر محافظات البلاد مساحة، حيث الطبيعة تتجلى فيها بتنوعها وثرائها، نشأت قناعة راسخة لدى الشابة كوثر المحمدي، بأن البيئة ليست مجرد خلفية للحياة، بل هي الأساس الذي يقوم عليه الاستقرار والأمان.
قناعة المحمدي، كانت الدافع وراء سعيها المستمر لتحقيق بيئة نظيفة ومستدامة، خاصةً في ظل الظروف الصعبة التي تواجهها المنطقة. فالبيئة الصحية بالنسبة إليها، تعني صحة الأفراد والمجتمعات، وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال فرص اقتصادية متساوية، خصوصاً للنساء والفلاحين الذين يعتمدون على الأرض كمصدر رزق أساسي.
بداية العمل البيئي
مع انطلاق مسيرتها، وجدت كوثر المحمدي، وهي ناشطة بيئية معروفة، نفسها متحمسة لإحداث تغيير إيجابي في مجتمعها عبر حماية المساحات البيئية. ألهمها رؤية واضحة: كيف يمكن للبيئة أن تكون أداة للازدهار، ليس فقط من الناحية الصحية، بل أيضًا الاقتصادية والاجتماعية.
لهذا السبب، بدأت كوثر مع منظمتها "سُقيا" العمل على تحسين البيئة والصحة، وتمكين النساء والفلاحين، وتوعية المجتمع بأفضل الممارسات البيئية. كانت المحمدي تسعى أيضًا لتطوير كوادر الحكومة المحلية لضمان استدامة هذه الجهود.
تحديات الأنبار البيئية
الأنبار واجهت مجموعة من التحديات البيئية الكبيرة، فالمحافظة الواقعة غربي العراق تعاني شح الموارد المائية، بسبب تغير المناخ، الأمر الذي يؤثر إلى حد بعيد على الزراعة.
كان الفلاحون، الذين يعتمدون على المياه لري محاصيلهم يواجهون صعوبة متزايدة في التكيف مع هذه الظروف، وكان هناك تصحرا متزايدا وتدهور في الأراضي الزراعية بالمحافظة، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات الريفية.
قضية التلوث، بسبب الطمر الصحي العشوائي، كانت أيضًا تمثل تحديًا آخر، حيث تلوث التربة والمياه الجوفية، مما يزيد من أخطار انتشار الأمراض.
التأثير في المجتمعات المحلية
تأثرت المجتمعات المحلية بشدة بالتغير المناخي، مع تفاقم ظواهر مثل الجفاف والتصحر، وتضاءلت الفرص الزراعية، مما دفع الكثيرين إلى ترك أراضيهم والبحث عن حياة جديدة في المدن، هذا الوضع خلق شعورًا بالضياع وفقدان الهوية لدى السكان، وعمق الإحساس بالعجز.
وتعمل المحمدي، على زيادة الوعي بأخطار التغير المناخي من خلال مبادرات متعددة. تنظيم ورش عمل ومحاضرات تعليمية، بالإضافة إلى إشراك المجتمع في أنشطة ميدانية مثل زراعة الأشجار وتنظيف المساحات البيئية.
ساعد ذلك على بناء الوعي وتعزيز أهمية الحفاظ على البيئة، كوثر استخدمت أيضًا وسائل الإعلام المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات وتعزيز الوعي العام.
المشاريع البيئية الناجحة
من بين المشاريع البارزة التي قادتها كان مشروع "الحوكمة البيئية" الذي يركز على إدارة النفايات والفصل العضوي، بدأ المشروع بتقييم احتياجات المجتمع وعقد ورش تشاركية مع أصحاب القرار، حيث اُخْتِيرت أحياء نموذجية لتطبيق البرنامج، وقد دُرِّب الفلاحون على كيفية إنتاج السماد العضوي من النفايات، مما أسهم في تعزيز المساحات الزراعية.
التحديات والآمال
التحديات في طريق كوثر كبيرة، لكنها تعمل بجد لمواجهة العقبات، وأبرزها ضعف المشاركة المجتمعية وجهل القوانين البيئية. كوثر تؤمن بأن كل نقد يمثل فرصة للتعلم والتحسين، وتسعى لتحقيق حلمها في بيئة آمنة وصالحة للعيش، وتعزيز الاقتصاد المحلي من خلال العمل الجماعي والمشاركة المجتمعية.
الرؤية المستقبلية
لدى كوثر المحمدي، رؤية واضحة لمستقبل أفضل، هذه الرؤية تأمل في تحقيقها بتعاون أكبر مع الحكومات والجهات المعنية لتطوير سياسات بيئية فعالة وتعزيز المشاركة المجتمعية.
تسعى كوثر إلى بناء مجتمع واعٍ بيئيًا، قادر على مواجهة التحديات وخلق فرص جديدة للنمو والازدهار، تواصل مبتغاها لتحقيق تغيير إيجابي في الأنبار، مستلهمة ذلك من قناعتها الراسخة بأن البيئة أساس الحياة المستدامة.
التقرير بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr