الأربعاء، 5 مارس 2025

℃ 21
الرئيسية > أعمدة واراء > العمودالثامن: كيف تتخلص من مسؤول مشعوذ؟

العمودالثامن: كيف تتخلص من مسؤول مشعوذ؟

نشر في: 9 أكتوبر, 2024: 12:05 ص

 علي حسين

تزدهر على ارض الرافدين هذه الأيام، صناعة الشعوذة، وتنتشر برامج ممارسة فنون الدجل والانتهازية على شاشات التلفزيون وفي الصحف ووكالات الأنباء.. ويظهر على الملأ مقاومو الأمريكان، ومحررو الأرض العراقية شبراً شبراً، يختلفون في الأسلوب ويلتقون في رفع عدد الكوارث التي تعرض لها الشعب العراقي بسببهم.
بطولات من نوع مضحك أو من نوع أكثر إضحاكاً.. فهناك السياسي الذي افلس في تقديم خدمة لناخبيه فراح يهاجم الإمبريالية العالمية التي تآمرت عليه وجندت مخابراتها لإسقاط مشروعه النهضوي.. وهناك من يخبرنا بأن هناك محاولة لاغتياله لأنه رفض ان يساوم على إرث العراق وتاريخه، مجموعة احاديث وقفشات يمضي معها العراقيون لياليهم ويحصون كل يوم، ما تحقق من وعود السياسيين، وما لم يتحقق، وكانت النتيجة بحدود صفر على صفر.. مَن مِن الناس سوف يتذكر ان احد النواب او المسؤولين قدم مشروعاً وطنياً خالصاً.. لكنهم يتذكرون حتما ان مسؤولينا يتقاتلون من اجل مصالحهم بدليل ان العديد منهم يسعى اليوم الى تحويل الانتخابات البرلمانية الى دكاكين عائلية، فوجدنا النائب الذي يضع صورة ابنه او زوجته او شقيقه إلى جانبه ويطالب الناس ان تنتخبهم عملا بالمثل الشعبي القائل "الشين اللي تعرفه احسن من الزين اللي متعرفه" وبما أننا نعرف نوابنا الأفاضل جيدا وجربنا "مرّهم" وتجرعنا "علقمهم"، فما الذي يدفعنا أن نجرب "علقما" جديدا ممن لم تختبره حناجرنا؟
لا يعترف المسؤول “الفاشل" بالخطأ ويعتقد ان "الخطأ والصواب" لا علاقة لهما بالفشل، فالأمور لا تتعدى "تجارب تخطئ وتصيب" وحين يتقدم بلد مثل العراق سُلّم البلدان الأكثر فساداً ونهباً للمال العام.. فان الأمر يدخل أيضا في قائمة "تجارب الهواة"، فلا مشكلة ان يتدرب " الأميون " لإدارة مؤسسات الدولة؟ وأين المشكلة حين يدير أمور العباد، أناس لم يدخلوا يوما مكتبة عامة، ولا يفرقون بين كتاب الطبخ، وكتاب الاقتصاد، ويعتبرون التمثيل حراماً والغناء رجساً من عمل الشيطان، والفارابي مارقاً لأنه كرَّس حياته لكتابة موسوعة عن "الموسيقى " بدلا من ان يكرسها لشرح أحكام لبس النقاب، والبحث عن الأسانيد التي تجيز تزويج الفتاة بعمر تسع سنوات.
يكتب ستيفان زفايج في كتابة "عنف الدكتاتورية" ان الاعتبارات السياسية تنتصر دائماً على الأخلاق، ويروي لنا، كيف ان مؤسسات الدولة تتحول إلى حواضن للتخلف، حين يتولى أمورها أناس يرفعون شعارات وحناجر الظلام.. حين صدر كتاب زفايج عام 1936 في قمة صعود النازية، خشي من بطش هتلر فكتب حكاية دارت أحداثها قبل نصف قرن عن المستبد الجاهلي الذي يريد ان يؤسس لدولة "الهواة"، فنجد كيف ان المؤسسة السياسية ومن خلال شعاراتها المتخلفة تريد ان تتحكم بعقول الناس، وتسعى لأن تجعل من الجماهير وقوداً في حروب السلطة، ألم يخبرنا المالكي ان الساحات يمكن ان تمتلئ بشيوخ العشائر الذين سيعيدون حتماً هتاف: " نموت، ونموت ليحيا المختار"، فيما الشباب بلا عمل، والناس لا تجد سوى المفخخات ترافقها صباح مساء، لتجبرها على ان تحمل أكفانها أينما ذهبت؟!
ولأننا أيها السادة المشعوذون لا نملك غير أصواتنا، وانتم تملكون الحظوة والمال، فإننا نرفض هذه المرة ان نساق الى مهرجان أبطاله مزيفو الوطنية، ولهذا فالحل الوحيد للوقوف أمام هذه النماذج هو ان نفرض كلمة “لا” وان نبدأ بحملة مقاطعة لمهرجاناتهم، وان نتوقف عن التعامل معهم، وان نجعلهم يدركون جيدا أننا لسنا بحاجة الى بضاعتهم الفاسدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: صيف المالكي

العمود الثامن: تزوير ترامب !!

صمت!

العمود الثامن: مستشار كوميدي!!

العمود الثامن: نشيد عالية وأخواتها!!

العمود الثامن: ألف حزب وحزب

 علي حسين حتمًا، ستتضمن الطبعة الجديدة من كتاب غينيس للأرقام القياسية رقمًا قياسيًا يضاف للأرقام التي يسجلها هذا الكتاب الشهير منذ أن صدرت طبعته الأولى عام 1955، والرقم الجديد سيحصل عليه العراق بجدارة،...
علي حسين

الاتهامات والضغوط السياسية والتضييقات تطال المجتمع المدني ومعارضي القانون

د. غادة العاملي شهدت الساحة السياسية في السنوات الاخيرة، نقاشات واسعة اكتسبت طابعا متقاطعاً حول تعديلات قانون الأحوال الشخصية وسط مخاوف من تأثيرها على حقوق المرأة والطفل والأسرة بشكل عام. ورغم الجدل الواسع، فإن...
د.غادة العاملي

أولويات واشنطن تجاه الشرق الاوسط للمرحلة القادمة

محمد حسن الساعدي ‏الشعار الذي رُفع في حملة تنصيب ترامب كان "أمريكا أولا" و"أننا لوحدنا" وغيرها من الشعارات التي يحاول فيها ترامب أن يعيد أمريكا إلى خطواتها ونفوذها على العالم خصوصا وإنها تتجه نحو...
محمد حسن الساعدي

الكهرباء.. عنوان فشل الدولة العراقية

أحمد حسن لأكثر من عشرين عامًا، والعراقيون يواجهون أزمة كهربائية لم تعد مجرّد خلل فني أو عثرة إدارية، بل باتت صورة مكثفة لفشل الدولة وعجزها عن امتلاك قرارها السيادي. مع كل صيف، يعود مشهد...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram