TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الـفــن الـفـطــري الـعـربــي..منعم فرات والذاكرة الأثرية

الـفــن الـفـطــري الـعـربــي..منعم فرات والذاكرة الأثرية

نشر في: 16 يناير, 2011: 04:49 م

علي النجار ـ مالمو  بذرتنا الإنسانية الفطرية الأولى لم تزل حية. وهي إذ تتقمص بعضاً من ذواتنا هنا وهناك, فليس الأمر بالنسبة لها اعتباطا بقدر من تحقق شروطها ضمن محركات هذه الذوات الوجدانية الحاضنة.في زمننا العربي الحديث, وما اخصه هو الحداثة المدونة أو المنقولة منذ بداية القرن العشرين, أو ما بعد الحقبة العثمانية تمييزا عما قبلها من الأزمنة الأخرى
ان كانت للشعوب ذاكرة, وهي كذلك, فهي وبكل تأكيد تبقى يقظة ومتشعبة المسالك, هي ذاكرة تتوزع ما بين أنشطة فطرية وعقلية معرفية واجتماعية متعددة. قد تتشظى أو تضمحل أو تتوسع بعض من دوائرها المعرفية الثقافية بتقادم أزمنتها. لكن, سوف يبقى للفطرة مقام خاص ضمن هذه المسالك, كونها كانت وما تزال تسكن في العمق من ثنايا الطبقة العميقة من مكونات الجينات الإنسانية, أو بذرتها الأولى. وهذا ما تشهد عليه انبثاقاتها المتعاقبة طوال حقب التاريخ المتتابعة وحتى يومنا هذا. وان تسربت بعض من مكوناتها الوجدانية(التعبيرية الافصاحية) عبر دروبها المتعاقبة, فان ما ترشح منها لعصرنا الحالي يبقى شاهدا على عدم إمكانية اندثار هذه البذرة, رغم كل ما تعرضت له هذه الفطرة من اختراق التحولات المحيطية المتثاقفة والمتبدلة المتسارعة عبر كل العصور وصولا لعصرنا الحالي. فبذرتنا الإنسانية الفطرية الأولى لم تزل حية. وهي إذ تتقمص بعضاً من ذواتنا هنا وهناك, فليس الأمر بالنسبة لها اعتباطا بقدر من تحقق شروطها ضمن محركات هذه الذوات الوجدانية الحاضنة.في زمننا العربي الحديث, وما اخصه هو الحداثة المدونة أو المنقولة منذ بداية القرن العشرين, أو ما بعد الحقبة العثمانية تمييزا عما قبلها من الأزمنة الأخرى. والتدوين هنا هو افتراضا القاسم المشترك لهذا الزمن العربي. لما لذلك من علاقة وثيقة ببحثنا. الذي اعتقده ان منجز الفن الفطري العربي اخذ اتجاهات عديدة ضمن مساحته. اتجاهات أو اختلافات ارتهنت بالجغرافيا الحضرية أو المدنية, وبالواقع الاجتماعي والمتغيرات السياسية. مع الأخذ بنظر الاعتبار التمايز ما بين الفن الفطري والفولكلوري ومنه الصناعي و ألتزييني وصلته بمواد التدوين من أحبار وأصباغ وخامات أخرى, وما تبع ذلك في أوقات احدث من استخدامات للمواد الصباغية الصناعية الغربية. ومن اجل الإحاطة ولو بشكل مختصر بواقع الفن الفطري العربي لهذه الحقبة الزمنية. ارتأيت معاينة ثلاثة نماذج لفنانين فطريين من ثلاث دول عربية وهذه الدول هي العراق ومصر وبلاد المغرب.rn(منعم فرات) ولغة الصخر:  الحجر التعليم من أشهر فناني العراق الفطريين, وأوضحهم أسلوبا تتمثل في منحوتاته سمات بلاد الرافدين الفنية التنقيبية المعروفة عبر حقبها المتعددة. اختار كما أسلافه السومريون والآشوريون مادة الصخر مجالا لإنتاج منحوتاته. ولهذا الاختيار عوامل عديدة منها توفر هذه المادة وسهولة حصوله عليها. ولمألوفة المنحوتات الأثرية في عموم العراق. سواء ما متوفر منها في متحف الآثار العراقي الحديث النشأة وقتها, أو في المواقع الأثرية العديدة التي تغطي مساحة رقعة هذا البلد الجغرافية. وإذا ما عرفنا بان منعم جرب النحت على الحجر وأنجز رأس إنسان واستهوى هذا العمل منذ عامه الثامن عشر( في عام 1918). في تلك الحقبة الزمنية التي كان فيها العراق يفتقد حتى  التعليم الابتدائي إلا ما ندر, وكانت الكتاتيب التي تحفظ القران هي السائدة في أزقة بغداد وبقية المدن, كما كان الخطاب القرآني وملالي الخطب الدينية وقراء ومستطلعو الحظ والتنجيم( فتاحي الفال) لهم النصيب الأوفر من حصة الثقافة الشعبية السائدة. ولم تكن ثقافة فناننا إلا بعضا من هذا التحصيل المعرفي الشعبي. وان كان يتماهى وشقه الديني المحاذي لمنطقة التصوف المحلي. فقد كان الخطاب الديني والتراث العربي بشقيه ألمديني واللا مديني(الريفي والبدوي) يسيطر على ذاكرته. ولم يكن نتاجه ببعيد عن كل ذلك, بل كان تفسيرا لواقع أو مخيال ورموز ذلك التراث مترشحا عبر غربال تفاصيل هذه الثقافة الشعبية لبداية القرن التاريخي. وما منحوتاته بمجملها إلا تمثيل لمحنة وجدانه ورهافة أحاسيسه.  (الأحجار منذورة لي), هذا ما كان يردده(منعم فرات) دوما. وللنذر أصل سحري بالمعنى المجازي. والسحر الذي يسلطه منعم على أعماله ذات الهيئات المركبة هو خليط من مركبات ذهنية ذات مرجعية تاريخية واجتماعية عاش أزمنتها, هو المتلبس سحرا غابرا و المتسربل أخلاقية فروسية عربية نادرة, وكما دونته ابنته لاحقا( عاش ومات وحيد منعزل فريد ومؤمن بالله  وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر لا يحسد أحدا ويكره التزييف(الزيف) والحيلة والغش والفتنة قليل الكلام والضحك يخاطب الله في كل وقت لماذا ذبح هذه الحيوانات الأسيرة الضعيفة ولم لا تحلل ذبح الحيوانات المفترسة, يكره الحرب ويقول لماذا تزهق الأرواح لولا الطامعون لا يشرب الخمر ولا يلعب القمار(1)) وما يهمنا من مقتطف هذه السيرة على أهميته هو ما ورد فيها من مفهوم أنسنة الحيوان وبقية المخلوقات, الذي تمثل على أوضح ما يكون في معظم منحوتاته أو احفوراته. بما ان أعماله النحتية منفذة بواسطة الحفر والكشط والحز وبما يوازي تعرية سطوحها من زوائدها التي تغلف أو تطمر رؤيته المشهدية لمجاميع كائناته الإنسية والحيوانية. أو اختلاطاته

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram