بغداد/ تميم الحسن
تحاول الحكومة العراقية «إحباط» أي تصعيد ضد إسرائيل، إذ رفضت، أمس، «تخوين الاشقاء».
وكان أحد الفصائل المسلحة العراقية، وضع دولا عربية ضمن ما اسماه بـ»جبهة العدو»، من بينها السعودية ومصر.
وعلى الرغم من دعوات «التهدئة» التي تقودها «مرجعية النجف»، إلا أن الفصائل أعلنت ضرب 5 مواقع جديدة في «الأراضي الفلسطينية».
وتبحث هذه الفصائل «المتمردة» على الإجماع السياسي والديني في العراق، عن «فرص» الصعود إلى جانب «الكبار».
ويسود ترقب حذر في العراق على إثر ترجيحات تعرض البلاد إلى ضربات اسرائيلية، ردا على «مسّيرات الفصائل».
وأمس، قال باسم العوادي المتحدث الرسمي للحكومة، ان «المواقف الرسمية للعراق تعبّر عنها الحكومة حصراً»، وهي المسؤولة عن «تقدير المصلحة العليا للشعب العراقي».
وشددت الحكومة، بحسب وصف البيان، على رفضها «طروحات التخوين الموجّهة للأشقاء والإساءة لهم».
وتابع العوادي «لاسيما وهم (الاشقاء) يسعون في ذات السبيل الى حماية الشعب الفلسطيني وتأكيد حقّه، وكذلك حق الشعب اللبناني، في السيادة على أرضه وحماية حدوده، بعيداً عن وحشية العدو واستهتاره».
ويبدو بيان الحكومة هو لتدارك الحرج الذي سببه «ابو حسين الحميداوي» الأمين العام لـ»كتائب حزب الله» في العراق، الذي وجه اتهامات لدول عربية بشأن الأزمة في لبنان وغزة.
وقال بيان «الكتائب»: «لقد تجسدت في جبهة العدو كل أنواع الشر والهمجية والإجرام، متخطيةً كل حدود التصور البشري، وباشتراك مباشر وفعال من أمريكا الشر والدول الغربية التابعة لها، وبإسناد (نظام السيسي والنظام الأردني الخبيث، والكيان السعودي بمؤسساته الوهابية، ونظام الإمارات».
واعتبر الحميداوي ان أعمال تلك الدول سينتج عنه في الأمة «بركان من الغيض والانتقام لا يمكنهم إيقافه».
ودعا البيان إلى «تنفيذ عمليات مشتركة مع اليمنيين» وتعهد بـ»شد الرحال إلى الاقصى».
ويعارض كلام الحميداوي، الذي يملك فصيله كتلة «حقوق» التابعة له، مقاعد في البرلمان، لكن دون مناصب في الدولة، موقف الحكومة و»الإطار التنسيقي» من الأزمة في المنطقة.
التحالف الشيعي، وبحسب تسريبات كان قد اجتمع يوم الاثنين الماضي، دون أن يعلن بشكل رسمي، واتفق على «رفض الحرب».
تقسيم الأدوار
ونقلت وسائل إعلام محلية أنه تم تقسيم أدوار زعماء «الإطار» لتخفيف الضغط عن العراق.
وأن يقوم محمد السوداني بالتواصل مع الدول العربية والخليجية من أجل وقف مساعي الحرب، وعمار الحكيم زعيم تيار الحكمة، بإيصال «وجهة نظر الإطار» الى الولايات المتحدة وبريطانيا.
وتسربت كذلك معلومات عن موافقة مايعرف بـ»المقاومة الاسلامية» على خفض التصعيد، باستثناء بعض الفصائل، ومنها «كتائب حزب الله».
وكان قيس الخزعلي، زعيم العصائب، قد تحدث في خطاب عن ذكرى «7 أكتوبر» دون ان يعلن عن عمليات عسكرية ضد اسرائيل.
وكان الخزعلي، قال قبل اغتيال «حسن نصر الله»، بأنه مستعد لإرسال «مجاهدين واستشهاديين دون أي تكاليف» الى لبنان.
وتلتزم القوى الشيعية، بحسب مصادر من داخل «الإطار» بـ»خارطة طريق» وضعتها مرجعية النجف، للتعامل مع الازمة الحالية.
وحددت المرجعية لهذا الموقف 3 مسارات، ليس من بينها العمل العسكري، وهي «مسار سياسي، مسار إغاثي، ومسار إعلامي».
لكن لماذا لا تلتزم الفصائل؟
«خارطة النجف» صدرت قبل أيام من مقتل أمين عام «حزب الله»، ورغم ذلك ان الفصائل أعلنت منذ تلك اللحظة، 5 مرات بأيام متفرقة، عن ضربات بـ»صواريخ» و»مسّيرات» ضد إسرائيل.
وأمس أعلنت ما يسمى بـ»المقاومة الاسلامية» في العراق عن 5 ضربات جديدة في مناطق متعددة من «الأراضي الفلسطينية»، بواسطة صواريخ الأرقب «كروز مطوّر»، و»الطائرات المسيّرة».
وأكدت «استمرار العمليات في دكّ معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة»، بحسب وصف البيان.
وعن هذا الموقف المعارض لما يمكن اعتباره «إجماع شيعي» ضد التصعيد، يفسر احمد الياسري، باحث في الشأن السياسي، ذلك بـ»صراع بين 3 اقطاب رئيسية» داخل العراق.
الياسري في مقابلة مع (المدى) قال إن "هناك 3 انواع من الأحزاب والفصائل في العراق؛ الدولة، والموازية للدولة، واللادولة»، مبينا ان الصنف الأخير لا يشترك في أي مناصب في الدولة.
واعتبر الياسري ان المعلومات عن احتمال تعرض العراق الى ضربات اسرائيلية «دفع الصنف الاول والثاني (والاخير هي فصائل تشترك في مواقع ومناصب بالحكومة) من الأحزاب والفصائل الى الخوف على مصالحها»، لذلك بدأت تتحرك لـ»خفض التصعيد»، وفق ما يقوله الباحث.
وعن الفئة الاخيرة، يرى الياسري وهو يرأس المركز العربي- الاسترالي للدراسات الستراتيجية، أن «التصعيد فرصة لفصائل اللادولة (العقائديون) الذين لا يملكون مناصب، في الحصول على فرص لتقوية شعبيتهم»، كما تظهر نفسها في هذه الازمة بـ»دور مجاهدين اصحاب قضية».
بالمقابل فأن «الدولة» لا تستطيع مواجهة الفصائل والا تتهم بأنها «ضد القضية الفلسطينية». ويضيف الياسري: «هذه المجاميع (اللادولة) تنتعش في اوقات الحروب والازمات مثل فترة (داعش)، فهي ظروف مناسبة لتكريس وجودها السياسي والعسكري».
ويجد الياسري ان عمل هذه التشكيلات المسلحة فيه رسائل الى إيران بانها ملتزمة بـ»مبدأ وحدة الساحات»، كما تقوم بـ»تأجيل ضرب اسرائيل لإيران إلى اطول وقت ممكن لأنها تهدد بفتح جبهات جديدة».
وكانت مصادر داخل «الإطار التنسيقي»، أشارت في تقرير (المدى) أول أمس، إلى أن ضربات الفصائل هي «لإثبات وجود» تمهيدا للحصول على مكان جديد في «التسوية» التي يعتقد بأنها ستحدث مقابل تهدئة الجبهة العراقية، وتتضمن مكاسب سياسية واستثمارات.