علي حسن الفواز حينما يناقش العديد من السياسيين هموم الشارع العراقي، بدءاً من هموم الخدمات، وانتهاء بهموم بناء الدولة، وإدراك المعطيات الواقعية لمرحلة ما بعد تشكيل الحكومة، فان هذا العديد السياسي يضع الكثير من تصوراته عن صناعة المرحلة المقبلة في إطار من الحسابات والحساسيات التي بدأت ترهن
الواقع السياسي الى معطى التحول في التوافقات التي أعطت للعملية السياسية جرعة الاطمئنان والتواصل، من منطلق ان هذا المعطى بات رهانا على نجاح هذه العملية وديموميتها، وإذا كانت هذه التوافقات قد صنعت بالفعل واقعاً جديداً، فان ثمة بعضاً آخر من تلك الهموم سيظل محط اخذ وجذب وخاضعاً الى مناقشات يمكن ان تظل مفتوحة على مستوى الجلسات البرلمانية وعلى مستوى الخيارات السياسية الأخرى، وربما على رهان ان تنجح الحكومة العراقية في تثبيت هذا الواقع، والسيطرة على الملفات الأمنية والسياسية بشكل استثنائي، خاصة ان المحيط الإقليمي العربي والإقليمي بات قليل الاهتمام بالشأن العراقي مع بروز تحديات أمنية معقدة، ومع ما يتعلق بالتداعيات الجديدة السياسية والأمنية المعقدة التي أطلت برأسها على واقع كان غارقا في الكثير من التجاذبات، والذي يمكن ان تتأثر بطبيعة التحققات التي أنجزتها الإدارة السياسية إزاء المشكلات الحادثة في الواقع العراقي، وهو ما يمكن أيضاً ان يمنحه بعض الاطمئنانات التي اكتسبت بعض الثبات والقوة على الأرض. وعلى مستوى ما بدأ يتحقق من انجازات مهمة على المستوى الأمني بشكل خاص.ان ما يطرح الآن من معطيات مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة الوطنية، يمثل حافزا لمواجهة أكثر واقعية مع بعض مظاهر الأزمات العالقة بسبب تدخل الأجندات في المحيط العربي، والتي تظل في جوهرها أزمات اقتصادية وأمنية، وبعضها ما يتعلق بالحديث عن العلائق بين المكونات العراقية وأدوارها في الخارطة السياسية، وهو ما يجعل العمل على تكريس الاحقيات الدستورية، والتوصيفية لهذه الأدوار أمراً في غاية الأهمية في مواجهة أزمة الإعلام العربي ومواجهة ما يمكن ان يحدث من تداعيات أخرى، لان الإطار الدستوري هو الأساس في توزيع الأدوار وفي حفظ الحقوق المدنية، وفي التعاطي مع تنظيم مسؤوليات أكثر فاعلية لعمل الحكومة إزاء الواقع الأمني، والواقع السياسي، وتأمين نجاحها في مواجهة تحديات هذين الواقعين، والذي سيشكل في المرحلة القادمة المنجز الأكبر في استشراف واقعية تلك المرحلة، والبدء بإعادة تأهيل الثقة القلقة بين الفرقاء ذاتهم ضمن الكتلة الواحدة، أو مع الكتل السياسية الأخرى، إذ ان هذه الأزمة ظلت ومنذ سنوات مصدراً لاستنزاف الكثير من الوقت والجهد، مثلما ظلت عاكسا لحجم الخطورة التي قد تهدد الخطاب السياسي بالذهاب الى طرق شائهة من الصعب السيطرة على مساراتها، والتي لا يمكن تدارك بعض ما يتداعى منها من أزمات، خاصة وان التقاطع في حسم بعض الأمور ضمن ما تفرضه الاستحقاقات الدستورية وطبيعة الواقع السياسي ظل مصدر تجاذب دائم، والذي يمكن ان ينعكس من خلال بعض مظاهر الضعف على ما يتفق عليه السياسيون في مواقفهم وفي إراداتهم إزاء قضايا مصيرية أولاً، والخشية من الإخلال في توزيع الأدوار والصلاحيات بعيداً عن مراعاة تعقيدات الملفات الخاصة (داخلياً وإقليميا ودوليا) لإنعاش الخارطة السياسية الجديدة ثانياً، وكذلك الخوف من فقدان بعض الامتيازات السياسية وحظوتها التي تمظهرت ملامحها في المرحلة الجديدة ثالثاً، ناهيك عن ان استمرار تداعيات أزمة السياسية، سيؤدي الى فقدان القاعدة الشعبية الداعمة للعملية السياسية رغم ضعف أداء هذه العملية في بعض المفاصل الخدماتية، واختراق بعضها في المفاصل الأمنية رابعاً.من هنا تبرز الحاجة الى ان يعزز السياسيون العراقيون المتحقق في هذا الواقع بقطع النظر عن المواقف من تشكيل ظواهره، إذ انه يمثل التحدي الأكبر، وان المسؤولية الحمائية له، يعني حماية العملية السياسية برمتها، خاصة وان فقدان التغطية الدستورية والشعبية لهذه العملية، يعني فتح الثغرات في الجسد الوطني، وبالتالي إبقاء لغة التقاطع والعنف هي السائدة، وتقليل الفرص لمواجهة ما تبقى من التحديات على مستوى مسؤولياتهم في التعاطي مع ملفات قابلة للتفجر، والتي قد تتحول الى أزمات وصراعات، معطى هذا الواقع يضع السياسيين أيضاً إزاء حقيقة حيازة المسؤولية لكي يكونوا بمستوى مواصلة هذا التحدي لمواجهة المستقبل، والذي يتطلب الانخراط في مواجهات أعقد وأكثر تطلباً لجهد استثنائي في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية، فضلا عن الحاجة الى التعاطي مع التعقيدات الإشكالية لهوية الدولة ومشروعيتها وأهمية الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية التي تحققت طوال السنوات الثماني الماضية.مواصلة هذه المسؤولية تفترض بالضرورة مستلزمات إجرائية تتطلب الكثير من الشفافية والمكاشفة والمواجهة، والقدرة على تجاوز العديد من العقد العالقة بالبحث عن الامتيازات غير الدستورية، واحسب ان هذه المواصلة تفترض بالمقابل السعي الى إشاعة ثقافة الدولة، وإيثار مصالح الناس والتعاطي مع همومهم، تلك التي صنعت أكثر مظاهرها عوامل الإرهاب وعوامل التردي السياسي الذي يحم
المشهد السياسي العراقي ..نيّـات خالصـة، أم سـيـاسـات خالصة؟
نشر في: 16 يناير, 2011: 05:03 م