TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الحزب الواحد+ السلطة = القمع والفساد

الحزب الواحد+ السلطة = القمع والفساد

نشر في: 17 يناير, 2011: 05:00 م

هاتف الجنابيالاستحواذ على السلطةمن الطبيعي أن تكون الأحداث في تونس هي المحرك والباعث الأساس لمنطلق هذه المادة التي تتوخى الوضع العربي برمته. من نافلة القول إن الديمقراطية، فكرة وممارسة، هي وليدة أنظمة لمجتمعات غير عربية ولا إسلامية. فالعرب لم يمارسوها سابقا. ارتبط الحكم العربي على مر التاريخ بالإسلام الذي لا يرى
غير مفهوم الخلافة وإن الحاكم هو عبارة عن خليفة الله ورسوله على الأرض، وإذا ما تم التطرق إلى فكرة الشورى فإنها لذر الرماد في العيون لا غير، لأنها لم تطبق كما ينبغي إطلاقا! حتى أن هذا المبدأ تم التحايل عليه بعد موت الرسول محمد(ص)مباشرة. وما إن انقضى حكم الخلفاء الراشدين، حتى جاء الأمويون،فالعباسيون الذين لم يختلفوا عن بعضهم في هذا المجال، إذ اتسم حكمهم بالتوريث بغض النظر عن توفر الصفات المطلوبة شرعيا بالوريث(كان الشرع الإسلامي يقضي توفر شروط للخلافة وصفات للخليفة منها: العلم/بشؤون الدين والأحكام الشرعية/، الكفاية/قادر على حماية الحدود ومقاومة العدو، وإقامة الأحكام/، وسلامة الحواس)، ولا أعتقد بتوفر هذه الشروط في أي حاكم، حتى لو خضعنا افتراضا لمثل هذا اللون من الحكم.rnكانت السلطات العربية مدعومة على طول الخط بلوبي من فقهاء المسلمين التقليديين الذين ارتبطت مصالحهم بتلك الأنظمة، لأنه كيف للمقلد أن يقف مع المجتهد والمتنور فكراً وشرعاً! ثم أين ذلك المقلد اليوم، على سبيل المثال، من نزاهة وشجاعة سلفه التابع المحدث الثقة والفقيه أبو عبد الرحمن طاووس بن كيسان(654-725م) الذي ينقل لنا عنه أبو حامد الغزالي في مؤلفه(كتاب العزلة) ما مفاده: دخل طاووس على الخليفة هشام بن عبد الملك فقال: كيف أنت يا هشام؟ فغضبَ عليه وقال: لِمَ لمْ تُخَاطِبْني بأمير المؤمنين، فقال: لأنّ جميعَ المسلمين ما اتفقوا على خلافتك فخشيتُ أن أكونَ كاذبا!".على أية حال، مثل هكذا شكل وممارسة سلطويتين وشرعيتين قد تواصلتا فاستلمهما القرنان التاسع عشر والعشرون في المنطقة العربية على وجه الخصوص. فمازال الحاكم العربي يعتبر البلاد: شعبا وأرضا وسماء ملكا له. حينما سيطر المستعمرون على البلدان العربية وسلطوا عليها من يحفظ لهم مصالحهم بعد رحيلهم الشكلي، ورغم "تبعيتهم" التي ينتقدون عليها إلا أنهم كانوا أكثر رحمة وتحضراً ممن أتوا بعدهم.  بعدهم، جاءت مرحلة تسلم السلطة من قبل العسكر أو أفراد وقوى عن طريق الانقلابات والمؤامرات، وتم تدريجيا تحويل الأحزاب التي ينتمون إليها إلى مؤسسة سياسية متسلطة وحيدة، بحيث أصبحت خانعة وخاضعة لمشيئة الفرد الواحد، والعائلة أو العشيرة الواحدة. وبهدف تلطيف سمعة الحاكم الفرد وهيمنة الحزب الواحد، تم فسح المجال صورياً لممارسة برلمانية قرقوشية، يقودونها خفية، فيجرون انتخابات تكون نتائجها محسومة سلفا لصالح الحاكم وحزبه الوحيد؟!  وإلا بماذا نفسر سرّ بقاء وجوه فاشلة ممجوجة ومكروهة من قبل مواطنيهم، وجوه مسؤولة عن القمع والفساد والبطالة وتدهور الحياة المعيشية لغالبية الناس، مقرونة باحتقار المواطنين والقوانين المدنية والشرعية وحقوق الإنسان، إضافة إلى بقاء دور الرقيب البغيض بكل أشكاله؟! تقول لنا تجارب الشعوب: كل سلطة مهما كانت طبيعتها ولونها تمارس كبت الحريات تحت أية ذريعة كانت يكون مصيرها الزوال والاستهجان لا محالة.الغريب في الأمر، أن التقدم الهائل الحاصل في العالم، علميا وثقافيا وتكنولوجيا وانفتاحا على كل ما يدعم ويعزز دور المجتمع المدني في حياة المجتمع، لم يترك أثرا في المجتمعات العربية وحكامها، بحيث ظلت العلاقات التقليدية هي المتحكمة طالما أنها تخدم الحاكم الفرد وبطانته ومشرّعه التقليدي. إذن "هناك علاقة وثيقة بين النظام الاجتماعي الأبوي والنظام السياسي الاستبدادي. يتصرف الحاكم كأب وينظر إلى المواطنين كأبناء قاصرين، فيتوجه الملوك والأمراء والرؤساء إلى الشعب بمناداتهم: يا أبناءنا المواطنين ويا أهلنا في الضفة"(حليم بركات: الاغتراب في الثقافة العربية). نضيف أيضا: يا أبناء شعبنا العظيم، وقواتنا المسلحة الباسلة، وأحفاد صلاح الدين، ويا من وقفتم ضد العسف والطغيان، سنكون ساهرين على العدل وتطبيق القانون، وهلم جرا.rnالفرد الواحد- الحزب الواحد إلى الأبد!بادرت الأنظمة العربية لتطبيق شعار: مكافحة الإرهاب الذي رفعته الإدارة الأميركية السابقة، بصورة لافتة للنظر. فهذه الجماعات الإرهابية ولدت أساسا جراء عسف السلطات العربية وقمعها للحريات بجميع أشكالها، وتبعيتها السافرة إلى الآخر الأجنبي. الغريب في الأمر هو أن هذه الجماعات الإرهابية، رغم تخلفها وهمجية أساليبها وعدائها لأنظمتها، ما تزال تحظى بدعم لوجستي ومالي من قبل بعض أجهزة الأمن وفقهاء الظلام يضاهي الدعم الذي تقدمه مخابرات الأجنبي. هذه الحالة تجعل الأنظمة العربية تبدو ذات نفع مزدوج فهي ضرورية للآخر في مكافحته قوى الإرهاب، والحفاظ على مصالحه. كل حاكم عربي متسلط مدعوم بأجهزة أمنية وقمعية خلقها بنفسه، وبما أن هذا الحاكم لا يخضع للمعايير الديمقراطية المتبعة في العالم المتحضر، فإن بقاءه لفترة طويلة في الحكم. والأمثلة كثيرة على ذلك- يجعل من تلك الأجهزة أدوات سلطوية تسلطية خاضعة له ولحاشيته،

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram