المدى/ محمد العبيدي
مرحلة جديدة من مواجهة تعديلات قانون الأحوال الشخصية، أطلقها نشطاء وحقوقيون عراقيون، في وقت حذرت منظمات دولية من تمرير هذا التعديل الذي اعتُبر "ضربة" للأسرة والطفولة في العراق.
ونظر برلمانيون إلى الرفض الواسع لتمرير التعديلات، بتجاهل وبرود، بل تعاطى بعضهم بندية وإصرار على تمريرها، دون الاكتراث بتداعياتها الخطيرة على المجتمع، وما تحمله من "كوارث" على المجتمع.
وذهب برلمانيون إلى أبعد من ذلك، عبر التعاطي مع النداءات بنوع من التسلط و"المرجلة"، ومحاولة إثبات النفوذ والسطوة، وامتلاك العدد النيابي الكافي لتمرير أي قانون، بغض النظر عن الآثار المحتملة أو النظر بعين الروية والحكمة إلى تلك التشريعات. وحذرت منظمات دولية، وجمعيات حقوقية، من مغبة التصويت النهائي على التعديلات، التي قرئت القراءتين الأولى والثانية، مطالبة بضرورة إعادة النظر فيها. ودعت منظمة العفو الدولية المشرعين العراقيين لعدم تمرير التعديلات على قانون الأحوال الشخصية، التي قالت إن من "شأنها انتهاك حقوق النساء والفتيات وتزيد من ترسيخ التمييز المجحف".
وقالت الباحثة المعنية بشؤون العراق في منظمة العفو الدولية رازاو صاليي: إن "على المشرعين العراقيين أن يستمعوا إلى تحذيرات المجتمع المدني ومجموعات حقوق المرأة من التأثير المدمر لهذه التعديلات".
وأضافت أن هذه التعديلات "من شأنها إلغاء سن الزواج القانوني الحالي البالغ 18 عاما للفتيات والفتيان على حد سواء، مما يمهد الطريق لزواج الأطفال وكذلك تجريد النساء والفتيات من الحماية فيما يتعلق بالطلاق والميراث".
سلطة لرجال الدين
ويعطي التعديل سلطة المحكمة لرجال الدين، فهو يشترط بعقد الزواج أن يكون وفقاً لقانون الأحوال المدنية أو وفق المذهبين الشيعي والسني، على أن يتولى كل وقف ترتيبات الزواج، ولا يشترط الذهاب إلى المحكمة، أي لا يشترط الاحتكام للدولة، وهنا تخسر الدولة أمام رجل الدين.
وترى عضو تحالف 188 بشرى أبو العيس، أن "تطوير التشريعات أمر مطلوب في ظل تسارع مجريات الحياة، لكن يجب مراعاة الأسرة والطفولة، وعدم تشريع قوانين تكون سبباً في تدميرها". وأشارت في حديثها لـ(المدى)، إلى أن "التعديلات مبنية على أساس طائفي، وستوقع العراق في إحراجات دولية، باعتباره عضواً في العديد من الاتفاقات الخاصة بحقوق الإنسان".
وبشأن الأحاديث المتداولة عن ضرورة منع تدخل المنظمات الدولية في قضية التعديلات، قالت أبو العيس: إن "ذلك يعد جهلاً بالقوانين الدولية، فلطالما وقعنا على هذه الاتفاقيات فإننا سنكون أمام التزامات كبيرة تفرضها هذه المنظمات وتلك الاتفاقيات". وكان النائب في البرلمان العراقي، وحامل لواء التعديلات، رائد المالكي، قال إن "برلمان ما يُسمى (الاتحاد الاوربي) يقرر دعم المنظمات التي تقف بوجه تعديل قانون الاحوال الشخصية بحجة دعم حقوق المرأة والاطفال، وهذا تدخل سافر ومرفوض في الشأن العراقي وعلى الرئاسات الثلاث إيقافه فورا ومحاسبة كل من يساهم في تشويه سمعة العراق".
محاكم رديفة
ويرى مختصون أن التعديلات المطروحة ستؤسس لخلق كيانات رديفة للمحاكم، وهو ما ينعكس سلباً على المجتمع عند التقاضي في ظل تعدد الجهات التي يحق لها البت في الأحكام، كما أنه يخلق منازعات داخل الأسرة الواحدة، ويفتح الباب للاحتيال والتلاعب بشأن اختيار المذاهب الدينية بهدف هضم حقوق الآخرين.
من جهتها، ترى النائبة في البرلمان العراقي، نور نافع، أن "التعديل الجديد للقانون يمثل ترسيخاً للطائفية في إدارة الدولة والقضاء، وأيضا ابتعاداً عن الدستور الذي نص على مدنية الدولة العراقية، بسبب إدخال الوقفين السني والشيعي في قضايا الخلع والتفريق". وأوضحت في تصريح صحفي، أن "طرح المشروع يتناسب مع من يؤمن بالتشريعات الطائفية، وكسب الجمهور والتغني بإنجاز وسط الفشل الكبير في البلاد، وهناك إصرار واضح من قبل قوى تحالف الإطار التنسيقي على تعديل القانون".
هل يمكن التراجع؟
وفي نهاية يوليو، سحب البرلمان التعديل من الطرح بعد اعتراض نيابي، إلا أنه عاد مجددا إلى الطاولة وحظي بقراءة ثانية في 16 سبتمبر، بعد دعم قوى الإطار التنسيقي داخل البرلمان.
وبحسب الباحث في المجال القانوني، عمار الشمري، فإن "التعديلات الآن أصبحت قريبة من التمرير، ولا يمكن التراجع عنها، بسبب القراءة الثانية، ويتضح أن هناك إصراراً على تمرير هذه التعديلات، خاصة بعد أن دخلت المسألة في مساومات سياسية مع قانون العفو العام". وأضاف لـ(المدى) أن "تدارك الأمر يتم عبر تجاهل التصويت النهائي على التعديلات لو توفرت الإرادة السياسية، أو معالجة الاختلالات الهيكلية عبر ملاحق تضاف إلى القانون، لكن السؤال الأهم، هل هناك رغبة من الأحزاب بتصحيح الوضع أم لا؟".
جميع التعليقات 1
على كاظم موسى
منذ 1 شهر
الطريقة الناجحة لإيقاف التعديل هو توعية طالبات وطلاب الجامعات وهم كثر وتوعيتهم بمخاطر التعديل عل مستقبلهم ودعوتهم التظاهر والاحتجاج والاعتصام_اي تحريك الشارع الشبابي وتذكير البرلمان والسلطة تشرين