بغداد/ تميم الحسن
مع دخول أزمة لبنان الأسبوع الثالث بدت بغداد أكثر وضوحاً في «مسار الحياد»، على الرغم من استمرار «مسّيرات الفصائل».
وتحاول إيران على الطرف الآخر، أن تدفع العراق للخروج من «دبلوماسية التوازن» الى «المحاور»، بحسب ما يرجح محللون.
ويُعتقد أن زيارة عباس عراقجي، وزير الخارجية الايراني الى بغداد، تنطوي على رسائل لـ»انقاذ طهران» المهدد بالانهيار.
وقال وزير الخارجية الايراني للصحفيين فور وصوله الى بغداد، «لا نريد الحرب ولا نريد الاستفزازات، لكننا على استعداد تام لمواجهتها».
وأضاف أنه «سنبذل كل مساعينا بالتشاور مع الحكومة العراقية لإبعاد المنطقة من شبح أي كارثة حربية».
وتابع عراقجي بالقول: نقدر عاليا مواقف الحكومة العراقية، والمرجعية الدينية، والشعب العراقي في رفضهم الحرب في غزة ولبنان ومساعيهم الداعمة للشعبين.
ووصل عراقجي نهار أمس، إلى بغداد بزيارة رسمية، فيما كان قد زار عدة دول عربية من بينها السعودية، حول إنهاء الحرب، وسيتوجه بعد ذلك إلى مصر.
وتلتزم بغداد منذ بداية العمليات الاسرائيلية الواسعة على لبنان في أيلول الماضي، ومقتل أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله، بـ»موقف وسطي».
واجمع «الإطار التنسيقي» الشيعي على موقف «رفض الحرب»، وساعده في ذلك خطاب لمرجعية النجف.
ويعتبر سبهان ملا جياد المستشار السياسي لرئيس الحكومة، أن العراق يلعب الان دور «سويسرا الشرق الاوسط دبلوماسيا».
وتتعامل القوى الشيعية مع كلام النجف بخصوص الأزمة اللبنانية، على مستوى «فتوى».
وحددت المرجعية التعامل مع هذا الملف عبر 3 مسارات ليس من بينها العسكري، وهي؛ سياسي، إغاثي، وإعلامي.
وتحاول «الفصائل» بالمقابل الالتفاف على خطاب المرجعية، وإعطاء تفسيرات اخرى لتتمكن من استخدم «المسيّرات» و»الصواريخ» بالأزمة الحالية.
خارج «محور المقاومة»
وتهيأت لحكومة السوداني ظروفا أفضل من الحكومات السابقة في «عزل الفصائل» بعد اتفاق القوى الشيعية على «التهدئة».
ودفع تكرار مستشاري رئيس الوزراء الحديث في الإعلام عن «رفض الحرب» وبان الحكومة «ليست حكومة مقاومة» إلى استفزاز بعض «قوى الفصائل» المشاركة بالسلطة.
علي تركي النائب عن العصائب، دعا في تغريدة أمس، رئيس الوزراء إلى «إعادة النظر بمستشاريه ومنع ظهورهم الإعلامي».
وجاء هذا بعد تصريحات عبد الأمير تعيبان، مستشار السوداني، الذي طالب «المقاومة» التي تمتلك سلاحاً وتريد القتال، التوجه نحو ساحات الحرب في «غزة ولبنان وسوريا واليمن».
ورفض تعيبان، وهو منشق عن العصائب، أكثر من مرة، وصف العراق بأنه جزء من محور المقاومة.
ضربات جديدة
ورغم ذلك افادت ما تسمى بـ»المقاومة الإسلامية في العراق» أنها قصفت، فجر الاحد، «هدفاً عسكرياً في الجولان المحتل بالطيران المسيّر».
وأوضح بيان لهذه الجماعات على «تلغرام» أنه «استمراراً بنهج المقاومة في مقاومة الاحتلال ونصرة لأهلنا في فلسطين ولبنان، ورداً على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، هاجم مجاهدو المقاومة الإسلامية في العراق، فجر اليوم (الأحد)، هدفاً عسكرياً في الجولان المحتل بالطيران المسيّر».
وأكدت تلك الفصائل في بيانها، «استمرار العمليات في دك معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة».
وكانت هذه الفصائل العراقية أعلنت، السبت، أنها شنت سلسلة هجمات بطائرات مسيّرة طالت «أهدافاً حيوية في الجولان والأراضي الفلسطينية المحتلة».
وذكرت في سلسلة بيانات على «تليغرام»، أن «المقاومة قصفت بالطيران المسير 3 أهداف حيوية في الجولان المحتل، وهدفين في أم الرشراش - إيلات المحتلة».
ومنذ مقتل «نصرالله» نهاية أيلول الماضي، نشرت تلك الجماعات «15 بيانا» قالت فيه انها قصفت اسرائيل بـ»صواريخ ومسيّرات».
وتحرج هذه العمليات الحكومة في بغداد. واكد أكثر من مستشار للسوداني إجراء «حوارات مع الفصائل لوقف الهجمات».
وبحسب ما يتداول فان هناك «إجماع من الفصائل» على وقف التصعيد، باستثناء فصيلي «حزب الله» العراقي، و»النجباء».
قبل العاصفة
وعن زيارة وزير الخارجية الايراني الى بغداد، يقول السياسي والنائب السابق مثال الآلوسي، أن «إيران قد تلاقي مصير حزب الله إذا تعرضت الى ضربات إسرائيلية».
طهران، بحسب ما يرى الآلوسي، تحاول أن «توصل رسائل إلى أمريكا عبر بغداد» بانها ما زالت متحكمة بالأوضاع في المنطقة، وقادرة على وقف «التصعيد في العراق ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين».
بغداد بالمقابل تأخذ المسار «البراغماتي»، حسب وصف النائب السابق، وترفض الحرب والانتحار السياسي، حتى «الفصائل بدأت تخشى ضياع الثروات والاستثمارات» التي تحققت في السنوات الماضية.
لكن عراقجي، دبلوماسي مخضرم ومن الطراز الأول، وخاض في مفاوضات الاتفاق النووي، وتلميذ محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الايراني الاسبق، و»يحاول انقاذ إيران التي تعاني من ازمات داخلية وقد يحاول إبعاد العراق عن الحياد»، وفق الآلوسي.
خروج العراق، واحتمال حياد سوريا، عن المشروع الايراني، لن يصب في مصلحة طهران، على حد قول النائب السابق، ويضيف: «أذرع إيران انتهت، وإيران تعيش أوضاع منهارة».
واكد الآلوسي أن في مثل هكذا أوضاع يتم إرسال «اسماعيل قاآني، الذي يغيب لأنه متهم بالتجسس والغدر بـ(نصرالله)، وهو يدل على عمق الازمة في إيران».