TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: مطاردة الرأي الآخر!!

العمودالثامن: مطاردة الرأي الآخر!!

نشر في: 15 أكتوبر, 2024: 12:40 ص

 علي حسين

لا أعرف عدد المرات التي قرأت فيها مؤلفات جان بول سارتر ، قارئاً ومتمعناً في الدروس والعبر التي تقدمها لنا مؤلفات هذا الكاتب الذي كان يمنّي النفس في أن يصبح شاعراً، فالأدب اكثر خلوداً من الفلسفة، هكذا قال ذات يوم لسيمون دي بوفوار، وكنت دائما اسأل نفسي من هو سارتر؟
هل هو المفكر الملتزم ام البوهيمي الذي قضى حياته يتنقل من مقهى الى مقهى، ام المناضل السياسي الذي دافع بشراسة عن الجزائر وكوبا وفيتنام؟ هل هو الفيلسوف الذي كتب اصعب المؤلفات واعقدها " الكينونة والعدم " ام كاتب المسرحيات التي حظيت بإقبال جماهيري كبير؟.
كيف يسقط كبار الساسة في أوروبا وأمريكا ويذرفون الدموع أمام الفضائيات؟ في سلاح اسمه المثقفون، وليس في هتافات كتّاب التقارير، لذلك قال ديغول وهو يتأمل ما وصلت اليه الأمور بعد الحملة التي قادها سارتر ضده: "لم أُواجه في حياتي مدفعية بكل هذه القوة والتركيز على الهدف" لو حدثت قصة الجنرال ديغول مع احد مسؤولينا الذين يتحسسون اليوم من الرأي الآخر ، لتحول سارتر الى أحد عملاء الامبريالية ويقبض عمولات من السفارات ، ولخرج كتاب "قصائد المديح" ليتهموه بتنفيذ عمليات ارهابية، لكنها حصلت مع سياسي يحترم منتقديه ويؤمن بأن المسؤول موظف عند الشعب، لا الشعب "خادم" في مزرعته!
ظل سارتر يرفع شعار "لا" لجميع أنواع الطغيان فقد ولد الإنسان حراً ليس من أجل أن يصبح رهينة لحاكم أحمق، أو مجموعة من ناقصي الخبرة والإنسانية على حد تعبير أحد أبطال مسرحيته "الذباب" .. ونراه يصرّ على أن يقدم هذه المسرحية بواحدة من أعمق مقالاته عن الحرية "ينشأ الطغيان من الجهل في أحوال الناس، ولعل أكثر الرذائل المستعصية على الحل هي، جهل الحاكم الذي يتوهم بأنه يعرف كل شيء، ومن ثم يدّعي لنفسه الحق في استعباد الآخرين".
كان العراقيون ينتظرون نهاية حقبة الدكتاتورية، كي يخرجوا إلى النور، فقد أرهقتهم مدن الحروب والمقابر الجماعية، وبلغت أثمان الاستبداد مئات الآلاف من الضحايا وشعب يعيش معظمه تحت مستوى الفقر، فإذا بهم يجدون أن الوطن يخطف من قبل ساسة مصرّين على أنهم الأوصياء على أحوال الأمة والعباد.
وأعود إلى فيلسوف الوجودية لأجده يخبرنا أن الخطر الحقيقي الذي يطيح بالبلدان هو عدم احترام من تختلف معه ، حيث تجد الناس نفسها أسرى لأصحاب الصوت الواحد ، فيما المسؤول والسياسي يصرّ على أن يبيع للمواطن أمجاداً زائفة .
في ظاهرة خطيرة اجتحت بلاد الرافدين في الاونة الاخيرة ، واهني بها مطاردة الذين نختلف معهم بالرأي ومحاولة الانتقاص منهم ومحاصرتهم باوامر قضائية . كل هذا يجري في بلد يدعي نوابه انه قلعة الديمقراطية الحديثة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: عجائب وقفية !!

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

البريكس.. عيون عراقية

قناديل: بغدادُنا في القلب

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram