علي حسين
أشاهد جزءا من الحوار الذي شارك فيه الشيخ مجيد العقابي ، واستمع اليه يقول بكل اريحية لتلك النساء اللواتي يقفن ضد تعديل قانون الاحوال الشخصية : لا بد من قص ألسنتهن .. واقرأ في تعريف الشيخ فاكتشف انه يدير مركز للحوار والاصلاح ، الشيخ الذي يرى ان اصلاح الامة يمر عبر قص ألسنة كل من يعترض على تعديلات قانون الاحوال الشخصية ، وقد أعاد إلى ذاكرتي الجرائم التي ارتكبها فصيل " فدائيي صدام " الذين كانوا يقطعون ألسنة كل من يتفوه بكلمة ضد النظام آنذاك .
وقبل ان اسمع حديث الشيخ كنت انوي الكتابة عن الراحل عالم النفس مصطفى حجازي صاحب الكتاب الشهير سيكولوجية الانسان المقهور حيث يخبرنا في صفحات كتابه ان: " الرجل لا يمكن ان يتحرر الا بتحرر المرأة ، ولا يمكن للمجتمع ان يرتقي الا بتحرر وارتقاء أكثر فئاته غُبنًا ، فالارتقاء اما ان يكون جماعيًا عاماً ، او هو مجرد مظاهر وأوهام " ، لكن خفتُ أن يقول لي قارئ كريم، أن الأوضاع لا تتحمل غير الحديث عن ما يجري للوطن، الذي اكتشفنا أنه في الخانة ما قبل الأخيرة في تفكير العديد من ساستنا، فهو يأتي بعد العشيرة والمذهب والطائفة، منذ أعوام ونحن منقسمون على كل شيء، لكننا نذهب –بحزم- كل أربع سنوات إلى صناديق الاقتراع، لكي ننتخب "جماعتنا"، لأنهم بارعون في تثبيت دول الطوائف.
نعم أيها السادة أصبح قطع لسان العراقي المعترض على قوانين البرلمان ، والسبب نتحمله جميعاً، لأننا بعد أيام سننسى ما قاله الشيخ العقابي ، مثلما نسينا ما قاله سعد المدرس ، وقبله كتيبة من المصرين على اهانة المرأة العراقية ، وشتمها في الفضائيات والسخرية منها في مواقع التواصل الاجتماعي ، فلا تهتمّ عزيزي القارئ،لأنّ بعض الذين امتهنوا الثقافة والاعلام تراهم في النهار يرتدي اللباس المدني ، وفي المساء يعود ليحتمي بعشيرته . فهو مدني حسب الطلب ، وعشائري وطائفي من دون طلب .
حديث الشيخ العقابي يكشف لنا اننا في ظل جمهورية "أصحاب الصوت العالي "، ما دام البعض يعتقد أننا بحاجة إلى إعادة ضبط منظومة أخلاق الشعب ، بدلا من اعادة ضبط منظومة المواطنة والعدالة الاجتماعية . ولا يهم سرقة أموال الدولة ونشر الطائفية وتشجيع المحاصصة، وترسيخ مبدأ انتخاب جماعتنا خ، وإلا ما معنى أن يخرج علينا بعض المسؤولين بخدب الفضيلة والاخلاق معتقدين ان مللفات الفساد التي تلاحقهم حلال زلال .
إن أحد أهم ثروات الشعوب الحية هي ثروة المواطنة ، إلا أننا والحمد لله مصرون ان يعيش المواطن دور التابع ، مطلوب منه فقط ان يذهب الى صناديق الاقتراع لانتخاب جماعته.