بغداد / علي الحمداني
يُعتبر شهر تشرين الأول/أكتوبر من كل عام شهر التوعية بسرطان الثدي، ويُعرف أيضاً بـ«أكتوبر الزهري». انطلقت هذه المبادرة العالمية عام 2006 بهدف زيادة الوعي حول مخاطر سرطان الثدي وأهمية الكشف المبكر عنه. في العراق، تواجه النساء تحديات خاصة في مكافحة هذا المرض، ونستعرض في هذا التقرير قصصهن وكيفية مواجهتهن له.
تقول الدكتورة فرح سامي، أخصائية نسائية، في حديثها لـ(المدى): «بمناسبة شهر تشرين الأول/أكتوبر المعروف بـ«أكتوبر الزهري»، نؤكد على أهمية الفحص المبكر لسرطان الثدي والتوعية حول الفحص الذاتي».
وتؤكد سامي: «الفحص الذاتي هو فحص شهري تقوم به النساء في المنزل عن طريق النظر أو من خلال الملابس. عند ملاحظة أي تغييرات، يجب مراجعة أقرب طبيب مختص للتأكد والاطمئنان. أما الفحص السنوي، فيكون عند الطبيب المختص باستخدام جهاز الماموغرام (الأشعة السينية)، ويُجرى بشكل دوري كل سنتين للنساء اللواتي تزيد أعمارهن على 40 سنة».
وأضافت: «تصاب النساء بسرطان الثدي أكثر من الرجال بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث في جسم المرأة، والتي تمر بعدة مراحل خلال حياتها، بدءًا من مرحلة البلوغ إلى مرحلة الحمل. يكون مستوى هرمون الإستروجين عاليًا نسبيًا لدى النساء، مما يجعلهن أكثر عرضة للإصابة».
مخاطر المرض ونسب الشفاء
توضح سامي أن «سرطان الثدي هو نمو خلايا الثدي بشكل غير طبيعي على مراحل. إذا تم اكتشافه في المراحل الأولية، فإن نسبة الشفاء تصل إلى 95%، وتكون التداخلات بسيطة ويمكن العلاج بأسهل الطرق. أما في المرحلة الثانية، إذا تجاوز المراحل الأولى وانتشر المرض، تصبح التداخلات صعبة ونسبة الشفاء قليلة جداً. يُعتبر سرطان الثدي المرض الأول المسبب للوفيات بين النساء في العالم، وكذلك في العراق، والنسب عالمية».
تروي أم فيان، البالغة من العمر 47 عاماً من محافظة بابل، قصتها لـ(المدى)، قائلةً: «أُصبت بهذا المرض ولم أكن أعلم بذلك. عندما تطور المرض وظهرت الأعراض فجأة، قمت بمراجعة الطبيبة المختصة، وبعدها أجرت لي عدة فحوصات، منها فحص الأشعة بالصبغة (CT Scan). عندما علمت بإصابتي بسرطان الثدي، أصبت بأزمة نفسية حادة لم أمر بها من قبل، خاصة أن المرض وصل إلى المرحلة الثانية، ففقدت الأمل في الحياة».
وتوضح: «بعد إكمال الفحوصات، قرر الأطباء أن تكون المرحلة الأولى هي العلاج الكيميائي، والثانية إجراء عملية لاستئصال الثدي، ثم العلاج بالإشعاع البيولوجي. قررت اتباع قرارات الأطباء، وبدأت مرحلة الصراع مع الحالة النفسية والجرعات الدوائية، وكانت هذه أصعب مرحلة. كانت هناك شحة في الأدوية اللازمة للعلاج في العراق، فقام أهلي بجلبها من لبنان. بعد أخذ العلاج الكيميائي وإجراء العملية خارج العراق، وأخيرًا مرحلة الإشعاع البيولوجي، أخبرني الطبيب المختص أنني تماثلت للشفاء نهائياً، لكنني فقدت جزءًا مهمًا من جسمي».
وتنصح أم فيان جميع النساء بالقيام بالفحص الدوري المهم، وألا يقعن في نفس الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه. وتؤكد أن «الفحص الشهري الدوري له أهمية كبيرة بالنسبة لهذا المرض، وكذلك الفحص السنوي الشعاعي لأنه أكثر دقة في التشخيص».
الأثر النفسي للمرض
من جانبه، يقول الدكتور هيثم الزبيدي، اختصاصي الصحة النفسية، في تصريح خاص لـ(المدى): «عادةً ما ينتاب الأشخاص المصابين بأمراض السرطان حالة نفسية تكون أكبر من حجم الإصابة بعد تأكيد التحاليل والتقارير الطبية. هذا الخوف يقترن بإحساس الشخص بأن مرض السرطان هو نهاية الحياة، وهذا تفكير خاطئ، لأن الكثير من الناس أصيبوا بهذا المرض وتعافوا منه».
وأكد الزبيدي: «توجد نسبة خطورة في المرض، ولكن في المقابل توجد نسبة شفاء، سواء كانت الثلث مقابل الثلثين أو النصف مقابل النصف، بشكل عام مع مرض السرطان وليس فقط سرطان الثدي. هناك انطباع خاطئ لدى العديد من الأشخاص، خصوصاً في المجتمعات العربية والعراق، حيث يقوم الشخص المصاب بحساب الأيام الباقية له معتقداً أن حياته ستنتهي، وهذا تفكير غير علمي وغير منطقي».
التغلب على المرض
يوضح الزبيدي أن «الخلايا السرطانية هي خلايا خبيثة، لكن علاج السرطان تطور ليقضي على هذه الخلايا. الكثير من المصابين بهذا المرض يتعافون منه حسب الإحصائيات. يلعب العامل النفسي دورًا مهمًا سواء أثناء الإصابة أو بعد الشفاء منها. الحالة النفسية تتأثر عند إصابة الإنسان بهذا المرض، وقد لا يكتشفه إلا بعد ظهور أعراض معينة، ثم يُشخص على أنه مصاب. هنا، يجب أن يأخذ العامل النفسي دورًا أساسيًا في نفسية الإنسان، وبالتالي كيفية تقبل المرض واستيعابه والتعامل معه كسائر الأمراض الاعتيادية، وبذلك يتم التغلب عليه».