بغداد/ تميم الحسن
خطر مُركب يواجه بغداد في حال قررت إسرائيل الرد على طهران. العراق قد يقع بين فكي كماشة إيران وامريكا، بحسب محللين.
والتوقعات تتصاعد بقرب "الرد"، فيما اسرائيل ترفض خطة التهدئة الامريكية، وحوارات طهران- واشنطن توقفت.
بالمقابل، تمشي بغداد على "خيط رفيع"، بحسب مستشار حكومي، وليس امامها سوى "التبرؤ من الفصائل".
يقول محمد السوداني، رئيس الحكومة، إن الكل ينظر للعراق من "زاوية العلاقة مع إيران". لكن العراق، وفق السوداني، البلد الوحيد بالمنطقة لديه "علاقة متوازنة" بين واشنطن وطهران، بحسب تصريحات اخيرة لرئيس الحكومة لشبكة "سي ان ان".
وفق تلك العلاقة حاول عباس عراقجي، وزير خارجية إيران، الذي زار بغداد قبل يومين، أن يوصل رسالة "تحذيرية".
تسربت معلومات عن أن عراقجي، قال إن حكومته ستستخدم "حقها القانوني" في الرد على العراق، اذا استخدمت القواعد الامريكية هناك بـ"الرد الاسرائيلي".
يرفض فادي الشمري، المستشار السياسي الأبرز للسوداني، رواية إسقاط "عين الأسد" جزء من الصواريخ التي أطلقتها إيران على إسرائيل، الاسبوع الماضي.
ينفي ذلك طبيعة الحال، كلام "الفصائل" التي تؤكد تشغيل أمريكا منظومة "سي- رام" في القاعدة الواقعة غربي الانبار.
يقول الشمري في برنامج تلفزيوني "إيران استخدمت صواريخ فرط صوتية، وهي لا تمر بالأجواء العراقية، وانما تخترق الغلاف الجوي".
كانت صور قد بثت لما قيل انها صواريخ ايرانية سقطت في صحراء الانبار، جراء الرد الإيراني الأخير.
ويعتقد الشمري ان تلك الصور "قديمة"، ويؤكد ان بغداد "لا تتورط بالحرب" وبانها "متوازنة وتسير بالأزمة على خيط رفيع".
إيران بالمقابل تعتقد أن إسرائيل في حال قامت بالرد، فليس امامها سوى استخدام الاراضي العراقية، أو السعودية.
عراقجي في بغداد قال، في مؤتمرات صحافية، بأنه طلب من بغداد "عدم استخدام أراضيها"، ووافقت بغداد على ذلك، لكن هل تلتزم الولايات المتحدة؟
ترى إيران أن واشنطن تتورط أكثر في دعم إسرائيل، خصوصا مع إعلان نصب منظومة "ثاد" الدفاعية الأمريكية في إسرائيل، وهي تحمل رسالتين؛ أن الرد الاسرائيلي قادم، وسيكون عنيفا، بحسب تحليلات.
العلاقة بين طهران وواشنطن تبدو تعقدت الآن. الوزير عراقجي أعلن من سلطة عُمان، توقف الحوارات غير المباشرة بين الطرفين.
بالمقابل ردت اسرائيل على امريكا بخصوص الأزمة مع إيران بانها هي "من تقرر" وليست واشنطن.
ماذا يفعل "زعماء الإطار" الآن؟
وسط تلك العواصف والتهديدات، يجتمع "الإطار التنسيقي" الذي يقود الحكومة، ليناقش "قائمة السفراء" و"رئاسة البرلمان"!
يقول مصدر سياسي قريب من أحد زعامات التحالف الشيعي، "هذه اجتماعات دورية. مجبرين على عقدها، ولا توجد مواضيع".
ملف "رئاسة البرلمان" كان قد اختفى بشكل مفاجئ من على طاولات السياسيين منذ أكثر من 15 يوماً، مع تصاعد الازمة في المنطقة.
والسُنة المعنيين بهذه القضية، لم يعودوا مهتمين، بحسب ما قالت بعض الاطراف في تقرير لـ(المدى) امس.
المصدر السياسي اكد لـ(المدى) ان "هناك شبه ارتياح من الزعامات الشيعية بعد زيارة عراقجي إلى بغداد".
وأضاف "فهموا من وزير الخارجية بان هناك تهدئة، رغم أن الأجواء لا توحي بذلك، والفصائل تستمر بالهجمات"، على حد وصفه.
اول أمس، قالت ما تسمى بـ"المقاومة العراقية" أنها هاجمت هدفاً حيوياً "شرقي الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وللمرّة الأولى بمسيّرةٍ ذات قدرات متطوّرة".
ويقول المصدر المطلع أن المسيّرة التي أطلقها حزب الله اللبناني، قبل أيام وإصابة قاعدة إسرائيلية، "نفس نوع طائرة الجولان العراقية التي قتلت جنودا إسرائيليين الأسبوع الماضي".
وبدأت اسرائيل في النصف الثاني من شهر أيلول الماضي، تعترف لأول مرة، بوصول "مسيّرات من العراق".
وكانت الفصائل تعلن بشكل مستمر، منذ أحداث "7 أكتوبر"، ارسال "المسيّرات"، التي تبدو أنها تطورت في الشهر الأخير.
وهناك خبراء ايرانيون في جرف الصخر، جنوب بغداد، يساعدون في تطوير "مسيّرات"، بحسب بيان سابق لـ"كتائب حزب الله" العراقية.
وتحرج هذه العمليات الحكومة في بغداد. واكد أكثر من مستشار للسوداني إجراء "حوارات مع الفصائل لوقف الهجمات".
وبحسب ما يتداول فان هناك "إجماع من الفصائل" على وقف التصعيد، باستثناء فصيلي "حزب الله" العراقي، و"النجباء".
وترد بغداد على أمريكا حول تورط الفصائل بالضربات، أنها "مجاميع خارجة عن الدولة"، حسب ما يقوله المصدر السياسي.
تشييع جنرال إيراني في كربلاء
بالمقابل جرت في كربلاء مراسيم تشييع حاشدة للعميد الإيراني عباس نيلفروشان، الذي قضى في غارة جوية على مقر أمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، في ضاحية بيروت.
وكان جثمان نيلفروشان وصل الى بغداد الاثنين، من بيروت، ومن ثم تم نقله الى كربلاء. ورفع المشاركون رايات "حزب الله"، والحشد الشعبي، وصور "نصرالله".
وكان في مقدمة المشيعين محافظ كربلاء نصيف الخطابي ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو فدك المحمداوي.
وأقيمت الصلاة على جثمان نيلفروشان بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، وكيل المرجع الاعلى علي السيستاني في الصحن الحسيني.
"شبح" إسرائيل
في الاثناء يرجح غازي فيصل، وهو دبلوماسي، سابق أن الولايات المتحدة سوف "تستهدف الفصائل العراقية" إذا "ردت على إسرائيل".
ويقول فيصل ان "العراق بعيد عن مسرح العمليات، لكن الفصائل هددت بضرب النفط في الخليج، واستهداف المصالح الامريكية إذا ضربت إيران".
ولا يستبعد فيصل "توجيه واشنطن ضربات جديدة كما حدث في جرف الصخر، والقائم، ومناطق في بغداد، ضد قادة الفصائل".
واضاف ان "وزير الخارجية الإيراني أكد على استعداد بلاده للذهاب الى السلام لكن في نفس الوقت هم مستعدون للحرب، والقادم من الايام يرتبط بطبيعة الرد الإسرائيلي ومستوى الاهداف".
ويتوقع فيصل وهو يدير ايضاً المركز العراقي للدراسات الستراتيجية، أن تستهدف إسرائيل بـ"ضربة مفاجئة ومدمرة"، القواعد العسكرية الإيرانية، والبرنامج النووي، وناقلات النفط والموانئ.
ويقول إن "العراق حذر ومنع استخدام اجواءه من الطائرات الاسرائيلية، لكن طائرات الـ (أف 35 ) الشبح، لا يمكن للرادارات أن تكشفها اذا مرت بالأجواء العراقية".