TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: الكاتب الحقيقي

العمودالثامن: الكاتب الحقيقي

نشر في: 17 أكتوبر, 2024: 12:06 ص

 علي حسين

ذات ليلة من ليالي الشتاء دوّت رصاصة من بندقية عتيقة لتنهي حياة أشهر كتـاب القرن العشرين "ارنست همنغواي"، وكان قبل ذلك بساعات يجلس ليكتب، يدون تأملاته: "يوما واحدا من دون ان اكتب.. يعني الأبدية" كان ذلك عام 1961.
لا أذكر عدد الكتب التي قرأتها أو تصفحتها، عن همنغواي او"بابا همنغواي" كما أسماه الصحفي الأميركي "هوتشنر" في كتابه الذي يعد ابرز سيرة ادبية كتبت بأسلوب روائي.. كان فيها الصحفي الشاب والمغمور آنذاك يحاول إقناع صاحب العجوز والبحر أن يمنحه من وقته خمس دقائق فقط من اجل الحصول على إجابة لسؤال طرحته الصحيفة تحت عنوان "ما مستقبل الأدب؟" لتتحول الخمس دقائق، في ما بعد إلى رفقة كان فيها الصحفي الخجول قد تحول الى ظل للكاتب العجوز.
ظل صاحب "وداعاً للسلاح" يشغل العالم حياً وميتاً، وحتى سنوات قريبة لم يخلُ عام من دون صدور كتاب عنه. وجميع هذه الكتب تتحدث عن سر هذا الرجل وكيف أنتجت "قريحته" كل هذه السطور والعبر والمشاهد والمواقف التي توزعت بين الدفاع عن الجمهورية الاسبانية وعشق مصارعة الثيران، وبين هواية صيد الحيتان، وكتابة الريبورتاجات الصحفية لمجلة لايف، ويحدثنا الناقد رجاء النقاش في مقال ممتع عن همنغواي أنه استطلع آراء عشرات القراء كان معظمهم يعتقد أن همنغواي قناع لأكثر من مؤلف، إذ لا يمكن لرجل واحد أن يمتلك كل هذه القدرة على تصوير الماضي والحاضر والمستقبل في آن واحد، فهو مثل كلكامش رأى كل شيء وكتب عن الضعف الإنساني والحب والحرب.. لكنه كان وسيظل بارعا في تصوير الأسى البشري.. يسأل هوتشنر في "بابا همنغواي"؛ كم يوجد في "لمن تدق الأجراس" من حوادث حقيقية؟ أجاب "البابا": ان كل الكتب الجيدة تشترك في صفة واحدة، وهي انها تحكي الوقائع بطريقة اصدق مما لو كانت هذه الوقائع قد حدثت بالفعل.
حاول سارتر في كتابه "دفاعاً عن المثقفين"، الذي صدر عام 1965، أن يعطي تعريفاً للكاتب: "إن ما يجعل من كاتب ما مؤثرا هو قدرته على تجاوز الحقل الضيق لاختصاصه، الكاتب الحقيقي هو الشخص الذي يتدخل في ما لا يعنيه، ويمتلك القدرة على الجهر بالحقيقة"، يمكن أن نسأل: هل تشكل دعوة سارتر إلى كاتب سياسي، أم أنها كانت استجابة منطقية لقضايا عصره الملتهبة المستمرة حتى اليوم؟ سواء أكانت العلاقة قوية أم واهية، فإنها بالتأكيد انعكاس لذلك الالتزام الأخلاقي الذي لا وجود للكاتب من دونه. وقد نسأل أيضاً: ما هو دور الكاتب في مجتمعات يراد لها ان تنبذ الثقافة ؟ أو ما هي وظيفة الكاتب في مجتمعات تجتهد سلطاتها في تدمير العقل وتبديد الحقيقة؟ لا جواب إلا في قول الحقيقة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نتنياهو: قتلنا السنوار لكن الحرب لم تنته

الحكومة تعتزم المضي بجولة تراخيص جديدة للغاز العراقي.. ماذا ستضيف؟

لوك أويل" تقدم إيجازاً للسوداني عن عملها في حقلي غرب القرنة وأريدو

الطلاق يشتت الأسر العراقية: 9 حالات كل ساعة!

الإعلام الأمني: إعداد خطة في 7 محافظات خاصة بانتخابات برلمان الإقليم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: اغلقوا النوافذ

العمودالثامن: مطاردة الرأي الآخر!!

العمودالثامن: أين اختفى نور زهير؟

العمودالثامن: جمهورية قص اللسان

قناطر: فضفضةٌ لا غير

العمودالثامن: الكاتب الحقيقي

 علي حسين ذات ليلة من ليالي الشتاء دوّت رصاصة من بندقية عتيقة لتنهي حياة أشهر كتـاب القرن العشرين "ارنست همنغواي"، وكان قبل ذلك بساعات يجلس ليكتب، يدون تأملاته: "يوما واحدا من دون ان...
علي حسين

كلاكيت: فرهادي يكتب عن الصورة

 علاء المفرجي من الصورة الى الصورة. كيف يكتب السيناريو، كتاب للمخرج الإيراني الحائز على الأوسكار مرتين، أصغر فرهادي، والكتاب يمثل مساقا تثقيفيا شاملا ومتكاملا عن السينما كما رآها فرهادي، وخبرها.. وأعيد هنا ما...
علاء المفرجي

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي* التجربة الهولندية(لماذا يعتبر النظام التعليمي في هولندا من افضل الانظمة التربوية في العالم؟) (الحلقة 8)من منا كان يتصور ان دولة صغيرة مثل هولندا ستصبح مصدر الهام للعالم اجمع في مجال التعليم؟ فبفضل...
د. محمد الربيعي

ضجيج الدجاجة:عندما يتحول الصخب إلى أداة لتسويق الوهم

د. طلال ناظم الزهيري عالم اليوم يزخر بالضوضاء والضجيج التي يفتعلها أشخاصًا يسعون جاهدين لتسويق أعمالهم البسيطة على أنها إنجازات عظيمة وذلك من خلال إثارة الضجيج حول ما يقومون به في محاولة منهم لتضخيم...
د. طلال ناظم الزهيري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram