بغداد/ تميم الحسن
تغيير دراماتيكي، غير مفهوم حتى الآن، في قضية رئيس البرلمان المعطل منذ نحو عام، يدفع محمود المشهداني مرة اخرى للمنصب.
ملف "البرلمان" قبل يومين فقط، كان "منسياً" في ادراج القوى السياسية، حتى قرر "الإطار التنسيقي" وضعه على الطاولة بشكل مفاجئ.
ويقال ان "الإطار" اتفق بكل اجنحته على دعم مرشح واحد للمنصب، وتحديد جلسة منتصف الاسبوع المقبل لحسم القضية.
وكانت اخر المواقف الشيعية من "رئيس البرلمان"، افرزت 3 فرق على الأقل، اختارت 3 شخصيات مختلفة للمنصب.
القصة من النهاية
النائب محمود المشهداني، رئيس البرلمان الأسبق، سيكون بديلاً عن محمد الحلبوسي، في جلسة تعقد يوم 22 المقبل، بحسب قيادي سُني.
قبل ذلك يفترض أن النائب سالم العيساوي، المرشح المنافس، قد انسحب من السباق، بحسب ما يتم تسريبه في الـ48 ساعة الاخيرة.
رئيس كتلة العزم النائب مثنى السامرائي، التقى مساء الثلاثاء، رئيس الحكومة محمد السوداني، لـ"حسم اختيار رئيس البرلمان"، وفق بيان حكومي.
صورة اللقاء، التي بثها مكتب السوداني، كانت قد اظهرت 18 نائبا برفقة السامرائي.
وتتعلق الازمة المستمرة منذ نهاية العام الماضي، في تحديد من هو صاحب "أكثر المقاعد السُنية" للحصول على منصب رئيس البرلمان.
ويتداول في الأوساط السياسية أن السوداني يدعم سالم العيساوي للحصول على "شريك" في البرلمان، خلافا لقاعدة "المنصب لأغلبية المكون".
يقول ابراهيم الصميدعي، مستشار رئيس الحكومة، أنه كان "معارضا لرأي السوداني بدعم العيساوي"، ودافع عن "حق الاغلبية"، بحسب كلام الاخير في مقابلة تلفزيونية.
العيساوي حصل في اول جلسة انتخاب لرئيس البرلمان، في شباط الماضي، على 158 صوتا (ناقص 6 أصوات فقط للفوز بالمنصب). وعمليا لا يملك رئيس الحكومة سوى مقعد واحد في البرلمان.
وكان "الإطار"، حينها منقسم بين "المشهداني"، وشعلان الكريم، مرشح الحلبوسي الذي انسحب بعد ذلك.
وقال السوداني وفق بيان اللقاء مع السامرائي، انه يدعم "جميع الجهود التي تصب في سبيل إتمام هذا الاستحقاق المهم (رئاسة البرلمان)".
وقرأت بعض التحليلات ان ذلك يعني تراجع رئيس الحكومة عن دعم العيساوي، لكن ماهي الأسباب.
الدرس اللبناني!
بالعودة الى تطورات اليومين الاخيرين، فان "المشهداني" سيكون رئيسا للبرلمان، وفق صورة رسمها، "الإطار التنسيقي" في اجتماع له في مكتب نوري المالكي، زعيم دولة القانون.
يقول عضو في مكتب سياسي لاحد احزاب التحالف الشيعي لـ(المدى) ان "اجتماعات الإطار تجري في كل مرة بمكتب او منزل أحد الزعماء. تكرار أكثر من اجتماع في منزل زعيم واحد يغضب بعض القادة".
كان طرح ملف "رئاسة البرلمان" روتينيا في كل اجتماع للفريق الشيعي، حتى توقف الحديث عنه تماماً بعد مقتل حسن نصر الله، أمين عام "حزب الله"، نهاية أيلول الماضي، لسبب غير مبرر.
أطراف سُنية سربت معلومات، لما جرى في الاجتماع "الإطار" الاخير الذي عقد يوم الاثنين الماضي، وسط عاصفة الحرب اللبنانية، والتهديدات الإسرائيلية.
وكان ملف "رئيس البرلمان" قد تحول الى "قضية شيعية"، بعد اقالة الحلبوسي نهاية العام الماضي، وامساك محسن المندلاوي، أحد زعماء. "الإطار" المنصب بالوكالة.
هذه التسريبات تتحدث عن أن التوترات في المنطقة يمكن أن "تعصف بالعراق"، ولذلك وجد "الإطار التنسيقي" انه من المهم تحصين "الجبهة الداخلية" خوفا من حدوث مفاجآت.
وعلى هذا الأساس قرر "الإطار" تنحية خلافاته جانبا، والاتفاق على حسم ملف رئاسة البرلمان.
كانت بعض القوى الشيعية قد حذرت في وقت سابق، من أن بقاء المنصب الاول لـ"السُنة" مشغولا من قبل "الإطار التنسيقي" سيوصل رسائل سلبية الى دول العالم.
وتعطل هذا الملف لعدة أشهر، بحسب مايقوله أطراف سُنية، بسبب وجود 3 اجنحة شيعية رئيسية متنازعة حول هذا الملف، وهم رئيس الحكومة، المالكي، وقيس الخزعلي (زعيم العصائب)، وقد انتهت الان.
وبسبب اعادة التفاهمات داخل "الإطار التنسيقي" التي جرت في الاسابيع الاخيرة على خلفية قضية "التنصت" أدت الى توحيد الرؤية باتجاه "المشهداني"، لكن ماذا عن الخزعلي؟
عودة المشهداني
في وقت كان المالكي يدعم المشهداني، قرر قيس الخزعلي التفاهم مع الحلبوسي في كركوك، واشيع بعد ذلك ان هذه مقدمات لـ"تحالف قادم" بين الزعيمين.
اربك حراك الخزعلي- الحلبوسي تفاهمات المالكي مع تحالف "العزم"، وحتى لايفلت زمام الامر من يد زعيم دولة القانون، استدار مرة اخرى باتجاه "تقدم"، ودعم اقتراح جديد لحل أزمة رئيس البرلمان.
كانت العقدة في أن اي من المرشحين "المشهداني" أو "العيساوي" لا يتمكن أي منهم الحصول على 166 صوتا اللازم لحسم منصب رئيس البرلمان لأحد منهما.
لذلك اقترح المالكي، بحسب نواب، ان يصوت البرلمان على اضافة مرشح واحد فقط يتم قبله الاتفاق عليه.
وفي اخر التسريبات، فان المرشح الذي تم الاتفاق عليه كان زياد الجنابي، الذي انشق عن الحلبوسي، واثار انشقاقه شكوكا من أطراف سُنية بانه "تكتيك من الحلبوسي".
تفاجئ المالكي بعد ذلك، بحسب ما قاله في مقابلة تلفزيونية، بان الاتفاق الاخير رفضه "العزم"، وانتهت القصة إلى هذا الحد، قبل أن يعود قيس الخزعلي مرة اخرى ليجري جولة مفاوضات مع "الإطار" بشأن نفسي الملف.
في التوقيت ذاته بدأ محمود المشهداني ينشر تدوينات بانه مرشح "الاجماع الوطني"، وتسربت انباء عن انه حصل على "دعم المالكي".
قلل حكت سليمان، وهو رئيس حزب في الانبار قريب من "عزم" في حديث مع (المدى) وقتذاك، من اهمية كلام المشهداني، واعتبر ما يجري "ضمن عملية التلاعب التي يقوم بها الاطار التنسيقي بالقوى السنية".
قبل ذلك كان "العزم" حين رفض خطة المالكي، قد أصدر بيان بان يدعم محمود المشهداني، وقد تنازل عن العيساوي، فيما تلقف زعيم دولة القانون "حل الازمة" وعايد ليدعم المشهداني من جديد.
الحل عند العيساوي
يقول كامل الغريري وهو قيادي سُني لـ(المدى) ان "تمرير المشهداني يتطلب إعلان العيساوي انسحابه من التنافس والا ستفشل جلسة اختيار رئيس البرلمان".
كانت القوى السياسية في منزل المالكي، قبل شهرين، طلبت من العيساوي الانسحاب لكنه رفض، بحسب ما قاله نواب.
ويعتقد الغريري بان "من الصعوبة طلب الانسحاب من المشهداني لانه القوى الشيعية والكردية قد اتفقت على تسليمه المنصب".
ويُسرب ان تحالف "تقدم" لن يحضر الجلسة، لكن الغريري ينفي ذلك. ويقول: "هناك شبه اجماع على المشهداني، والقوى السياسية لاتريد المغامرة بتخريب الجلسة لذلك طلبت من العيساوي الانسحاب".