المدى/ محمد العبيدي
يواجه المواطنون في العراق صعوبات عند تحويل الأموال عبر مكاتب الصيرفة، حيث تلجأ بعض المكاتب غير المرخصة إلى التحايل على القانون، مما يثير قلق الخبراء ويدعو إلى ضرورة تنظيم هذا القطاع الحيوي.
عندما أراد علي تحسين (33 عامًا) تحويل مبلغ 700 ألف دينار من محافظة ذي قار إلى بغداد، طلب منه صاحب الصيرفة عدم الحديث عن حوالة مالية، وتوصية ذويه بذكر «الأمانة» فقط عند الاستلام في العاصمة بغداد، دون أن يفهم معنى هذا الالتواء، وكأنه يرتكب مخالفة قانونية.
وقال تحسين لـ(المدى): «الحوالة قانونية، وأعطوني وصلاً بالمبلغ، لكنهم طلبوا عدم الحديث عن حوالة»، إذ تبيّن لاحقًا أن هذه المكاتب غير مرخصة، وتمارس أعمالها بشكل مخالف للقوانين، دون الخضوع لرقابة السلطات المعنية.
وعلى هذا المنوال، تمارس أغلب مكاتب الصيرفة ومنافذ دفع الرواتب أعمالها، وتقوم بتحويلات مالية بين المحافظات، في حالة يصعب على المواطنين التمييز بين الشركة المرخصة وتلك التي تمارس أعمالها بشكل مخالف، فيما يبدي اقتصاديون قلقهم من تعاظم دور هذه الشركات، ويطالبون بضرورة تنظيم هذا القطاع الحيوي.
ثلاثة تدابير مطلوبة
ويرى اقتصاديون أنه لغرض مكافحة مخاطر هذه الشركات، يتطلب الأمر اتخاذ تدابير في ثلاثة مستويات تشمل الردع، والوقاية، وتعطيل البنية التحتية المالية لتلك الشركات، مشددين على ضرورة تفعيل دور جمعية الصرافين في العراق لتنظيم عمل شركات الصيرفة ومكاتبها، بسبب اتباع عديد من أصحاب مكاتب الصيرفة غير المرخصة أساليب غير قانونية.
بدوره، يرى مدير رابطة شركات الصرافة، ضياء الطائي، أن «الشركات المرخصة لا تقوم بتلك الأعمال، باعتبارها تخضع لرقابة البنك المركزي، وكذلك الجهات الأمنية، مثل الجريمة المالية والأمن الوطني وغير ذلك»، مشيرًا إلى أن «المنافذ والمكاتب غير المرخصة تمارس الالتواء والخداع في إنجاز الحوالات المالية».
وأضاف الطائي لـ(المدى) أنه «يجب منع منافذ صرف الرواتب من التحويل المالي، وحصر الأمر بالشركات، مع متابعة المكاتب وفرض عقوبات بحق المخالفة».
وحذر الطائي من أن «مثل تلك الحوالات تمثل مهربًا من الرقابة الرسمية، كما أن بعض تلك المكاتب غير المرخصة تمثل واجهة لشركات كبيرة تدير أموالًا طائلة». وتابع أن «الكثير من المكاتب المالية غير المرخصة تسببت بمشكلات ومخالفات كبيرة، ما زالت منظورة أمام القضاء».
وبحسب خبراء اقتصاديين، فإن الكثير من المكاتب والشركات غير المرخصة يضاربون بالدولار، ما يُسهم في تفاقم الأزمة المالية، وذلك لأنهم يعملون دون الخضوع لرقابة البنك المركزي، كما أن العديد من المنافذ التي تتعامل في تحويل الأموال مرتبطة بشركات كبيرة خارجية، مما يجعل تتبع تلك الأموال عملية معقدة.
الواسطة والرشوة!
في الجانب الآخر، يقول أصحاب مكاتب الصرافة إن السبب الرئيس لهذه الظاهرة هو صعوبة الحصول على ترخيص رسمي لمزاولة المهنة إلا من خلال الواسطة والنفوذ أو دفع رشى، لذلك يلجأ أصحاب هذه الصيرفات إلى فتح مكاتب دون أوراق رسمية، وبما أنها تعمل بشكل غير رسمي، فمن الطبيعي جدًا ألا تخضع للقواعد والشروط التي يحددها البنك المركزي.
وتشير بيانات البنك المركزي العراقي إلى وجود أكثر من 300 شركة ومكتب صيرفة غير مرخصة، في وقت تعجز السلطات المعنية عن تعقب هذه الشركات.
وبحسب مصدر في البنك المركزي العراقي، فإن البنك، بناءً على قانونه رقم 56 وتعديلاته، وضع إطارًا تنظيميًا لعمل هذه الشركات.
وأوضح المصدر لـ(المدى) أن «اللوائح التنفيذية الصادرة عن البنك تهدف إلى منح إجازات رسمية لمزاولة العمل لشركات الصرافة التي تستوفي جميع الشروط والمتطلبات القانونية»، وأكد أنه «وفقًا للضوابط المعمول بها لتنظيم نشاط شركات الصرافة والتوسط في عمليات بيع وشراء العملات، لا يحق لأي جهة القيام بهذه الأنشطة إلا بعد الحصول على إجازة رسمية من البنك المركزي العراقي».
«لا تقل حوالة وقل أمانة».. مكاتب صيرفة غير مجازة تدير اقتصادات الظل!
نشر في: 20 أكتوبر, 2024: 12:01 ص