ذي قار/ حسين العامل
أمهل متظاهرو ذي قار الحكومة المركزية 48 ساعة لتنفيذ مطالبهم المتمثلة بالإفراج عن المعتقلين وإقالة قائد الشرطة وإصدار عفو خاص عن الدعاوى الكيدية التي تلاحق المتظاهرين. وفيما لوّحوا بتنظيم اعتصام مفتوح في ميدان التظاهرات بساحة الحبوبي، أكدت وزارة الداخلية إلقاء القبض على 578 مطلوبًا بجرائم جنائية مختلفة خلال الأيام القليلة المنصرمة.
وتشهد محافظة ذي قار منذ نحو أسبوع تظاهرات واسعة تطالب بوقف الدعاوى الكيدية والمداهمات الأمنية التي تطال دور المتظاهرين، إذ بات ميدان التظاهرات في ساحة الحبوبي وشوارع مركز مدينة الناصرية وضواحيها مسرحًا لعمليات كرّ وفرّ ومصادمات بين المتظاهرين والقوات الأمنية، استخدمت فيها الأخيرة القنابل الدخانية والإطلاقات النارية، فيما يستخدم المتظاهرون الحجارة لرجم عناصر الطرف المقابل. وإزاء ذلك، أعلن المتظاهرون عن مهلة أمدها 48 ساعة لتنفيذ مطالبهم من قبل الحكومة المركزية. وقال الناشط في مجال تظاهرات الناصرية حسن هادي المدرس لصحيفة (المدى): «مطالب المتظاهرين التي تضمنتها المهلة تتمثل بالإفراج عن كل المعتقلين وإقالة قائد شرطة ذي قار وإصدار عفو خاص يشمل جميع المتظاهرين الذين تلاحقهم الدعاوى الكيدية»، وأضاف: «عند عدم الاستجابة لتلك المطالب خلال 48 ساعة، سيتم نصب الخيام وتنظيم اعتصام مفتوح في ساحة الحبوبي».
وأشار إلى أن «المطالبة بالعفو تخص القضايا التي تتعلق بالتظاهرات والفعاليات الاحتجاجية التي حصلت أثناء تظاهرات تشرين، ولا سيما التي أقامها المسؤولون وأتباع الأحزاب المتضررة من التظاهرات»، منوّهًا إلى أن «العفو لا يشمل قضايا الحق الشخصي أو القضايا الجنائية».
وبين أن «التظاهرات المطلبية خرجت لتحقيق مطالب ومصالح عامة قصّرت الحكومات المتعاقبة في تأمينها للمواطنين، وهي ليست تظاهرات لتحقيق منافع فردية، ولهذا يستدعي الأمر التعاطي معها وفق هذا المفهوم وليس وفق سياقات الجرائم الجنائية».
وشدّد المدرس في الوقت نفسه على محاسبة المتورطين بقتل وقمع المتظاهرين، وأن لا يقتصر جهد القوات الأمنية على ملاحقة المتظاهرين المطالبين بحقوقهم المشروعة.
ويأتي التصعيد في الملاحقات القضائية بعد أكثر من ثلاثة أعوام على إعلان السلطة القضائية عن 1200 دعوى قضائية مقامة ضد المتظاهرين في ذي قار، والكشف من قبل المتظاهرين عن أكثر من 700 دعوى قضائية مقابلة أقامتها أسر شهداء التظاهرات وضحايا قمع المتظاهرين، إذ ما زالت معظم جرائم قتل المتظاهرين وقمعهم مقيدة ضد مجهول. ومن جانبه، قال الناطق باسم وزارة الداخلية وخلية الإعلام الأمني، العميد مقداد ميري، خلال مؤتمر صحفي تابعته صحيفة (المدى): «ألقينا القبض على 578 متهمًا في ذي قار، وستتواصل عمليات إلقاء القبض وفق مذكرات قبض واجبة التنفيذ»، داعيًا المتهمين إلى تسليم أنفسهم إلى الجهات المعنية.
وأشار ميري إلى أن «أوامر القبض لا تستهدف أي جهة معينة، وأن كل شخص مطلوب للقضاء يجب أن يمثل أمام القضاء». وشهدت أحياء متفرقة من مركز مدينة الناصرية مصادمات بين القوات الأمنية والمتظاهرين تواصلت على مدى يومي الجمعة والسبت وامتدت حتى ساعات الفجر الأولى، وأسفرت عن عشرات الإصابات من الجانبين، وذلك إثر إقدام القوات الأمنية على تفريق آلاف المتظاهرين الذين احتشدوا في ساحة الحبوبي للاحتجاج على الدعاوى الكيدية والمداهمات الأمنية.
وكشفت أوساط المتظاهرين في ذي قار يوم (15 تشرين الأول 2024) عن مخرجات اللقاء بالوفد البرلماني الذي زار المحافظة للوقوف على تداعيات حملة الاعتقالات التي تلاحق المشاركين بتظاهرات تشرين. وفيما شددوا على الإفراج عن المعتقلين والتحقيق بتهم التعذيب ومحاسبة قائد الشرطة، كشفت قيادة الشرطة عن أكثر من 4 آلاف أمر إلقاء قبض مطلوب تنفيذها ضمن الحملة المذكورة.
وكانت قيادة شرطة محافظة ذي قار أعلنت يوم (18 تشرين الأول 2024) عن إلقاء القبض على 552 متهمًا بقضايا مختلفة في إطار حملتها الأمنية الجارية لتنفيذ أوامر إلقاء القبض الصادرة من القضاء العراقي، بينهم 17 متهمًا من «مثيري أعمال الشغب» وحرق الشوارع وقطع الطرق بالإطارات وحرق الأبنية على حد قولها. وكان ناشطون في محافظة ذي قار حذّروا يوم (14 تشرين الأول 2024) من استهداف المشاركين في التظاهرات المطلبية بدعاوى كيدية، وذلك بعد إعلان شرطة ذي قار عن اعتقال عشرات من المتهمين والمطلوبين ضمن حملة أمنية واسعة. وبينما أشارت وزارة الداخلية إلى أن الحملة الأمنية لا تستهدف أي جهة، ربطت أوساط المتظاهرين بين انطلاق الحملة وتعيين مدير جديد للشرطة.
وشهدت محافظة ذي قار مؤخراً تغييرات أمنية، إذ تسلّم اللواء نجاح ياسر كاظم العابدي رسميًا مهام عمله كقائد شرطة ذي قار في يوم (7 تشرين الأول 2024)، خلفًا للواء مكي شناع الخيكاني، الذي طلب إعفاءه من منصبه وتعيينه مديرًا لإدارة المراتب في وزارة الداخلية.