TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك :( بين المتنبي وأبي العلاء )

هواء فـي شبك :( بين المتنبي وأبي العلاء )

نشر في: 18 يناير, 2011: 07:16 م

 عبدالله السكوتيكانت الصدفة كبيرة ولا تخلو من المعجزة حين غادر أبو العلاء المعري  معرة النعمان ليلتقي فارس الخيل و الليل وابن البيداء ، الذي طمح طماحا كبيرا ، وحسد جسده عدة مرات لأنه احتوى نفسه الكبيرة ، كان لقاء  يستحق التأمل والسفر عبر التاريخ ، فقد دافع المعري عن أبي الطيب في مجلس الشريف الرضي حين عرّض  بالشريف بقوله :
لك يا منازل في القلوب منازل      أقفرت أنت وهنّ منك أواهل يعلمن ذاك وماعلمت وإنما            أولاكما يبكي عليه العاقلrnولم يكن أبو العلاء يقصد هذين البيتين ، وإنما أراد بيتا هو صميم القصيدة ، حيث يقول أبو الطيب :rnوإذا أتتك مذمتي من ناقص      فهي الشهادة لي بأني كاملrnفسحل على إثرها سحلا أدماه ، ورمي به خارج الدار ، شكره أبو الطيب على موقفه الكبير ، وأراد أن يضيفه على قدح من الشاي في شارع المتنبي ، فتشابكا يدا بيد ، وصعدا سلما مليئا بصور الشعراء والفنانين يفضي إلى باحة قد رتبت ترتيبا أنيقا ، فانتشرت مجلدات الكتب الضخمة على رفوف تحيط بالباحة ، وقد انتظم عدد من الرواد في خطوط منتظمة ، وهو يستمعون إلى مداخلات ومحاضرات أساتذة ، وأصدقاء لشخصية كبيرة احتفت بها إحدى المؤسسات الثقافية ، شخصية ابن الماء والطين كما عبر عنه بعض الحاضرين ، انه الأستاذ  عبد الجبار عبد الله ، كان المتنبي يهمس في أذن أبي العلاء وهو يقوده إلى ركن الباحة حيث توجد ( الكافتريا ) : إنهم يحتفون بمبدعيهم ، في حين كان المعري مشغوفا بالمتنبي وشاكرا للمعجزة التي جمعته به ، وكان يخاطبه ، مخاطبة التلميذ لأستاذه الكبير ، تصفح المتنبي الكتب وبدت دهشته للأغلفة الأنيقة ولجمال الكتب مظهرا ومخبرا ،  وبدأ يناول أبا العلاء الكتاب تلو الآخر ليمتع أنامله بملمسها الناعم ، وهو يقول إنهم أشجار مثمرة ، وهذا يذكرني بحكاية مفادها : أن غابة كانت تحتوي على الكثير من الأشجار المثمرة ، فزرعت في وسطها شجرة صفصاف ، فأثارت هذه الشجرة حفيظة الأشجار المثمرة للصوت المزعج والضوضاء التي تصدرها ، خصوصا عند هبوب الريح ! فاتفقت أشجار التفاح والبرتقال أن ترفع دعوى قضائية ضد الصفصاف ، وذهبتا إلى صاحب الغابة تشكوانها ، فاستمع الرجل إلى الشكوى بروية وعلّق قائلا : أنتما شجرتان مثمرتان ، ويأتيكما الناس طمعا في ثماركما والنظر إلى جمال منظركما ، فما الذي يجلب الناس إلى شجرة الصفصاف سوى الضوضاء التي تثيرها والجعجعة التي تقوم بها ، صفق المعري بحرارة وهو يقول : لقد رأينا وتلمسنا في شارعك العتيد يا متنبي كثيرا من الإثمار والأشجار ، وسمعنا ضوضاء أشجار الصفصاف في أماكن أخرى ، وعلمنا أنها تصدر من غير المثمرين الذين يعتاشون على موائد غيرهم ، وتأكدنا أنهم يريدون الاستئثار بكل شيء والسيطرة على كل شيء ، لأنهم لايحسنون سوى إثارة الضوضاء لجلب انتباه الآخرين ، وأنت تدري يا أبا الطيب كم حسدوك على مجدك ، هم ذاتهم من يشوش على عقول الناس ، لأنهم لايمتلكون سوى التشويش وإثارة المنازعات ليغطوا بذلك على الأصوات النشاز التي يطلقونها ولكن لنتأسى بقولك يا أبا الطيب حيث تقول :rnأعيذها نظرات منك صادقة        أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram