عبدالله السكوتيكانت الصدفة كبيرة ولا تخلو من المعجزة حين غادر أبو العلاء المعري معرة النعمان ليلتقي فارس الخيل و الليل وابن البيداء ، الذي طمح طماحا كبيرا ، وحسد جسده عدة مرات لأنه احتوى نفسه الكبيرة ، كان لقاء يستحق التأمل والسفر عبر التاريخ ، فقد دافع المعري عن أبي الطيب في مجلس الشريف الرضي حين عرّض بالشريف بقوله :
لك يا منازل في القلوب منازل أقفرت أنت وهنّ منك أواهل يعلمن ذاك وماعلمت وإنما أولاكما يبكي عليه العاقلrnولم يكن أبو العلاء يقصد هذين البيتين ، وإنما أراد بيتا هو صميم القصيدة ، حيث يقول أبو الطيب :rnوإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كاملrnفسحل على إثرها سحلا أدماه ، ورمي به خارج الدار ، شكره أبو الطيب على موقفه الكبير ، وأراد أن يضيفه على قدح من الشاي في شارع المتنبي ، فتشابكا يدا بيد ، وصعدا سلما مليئا بصور الشعراء والفنانين يفضي إلى باحة قد رتبت ترتيبا أنيقا ، فانتشرت مجلدات الكتب الضخمة على رفوف تحيط بالباحة ، وقد انتظم عدد من الرواد في خطوط منتظمة ، وهو يستمعون إلى مداخلات ومحاضرات أساتذة ، وأصدقاء لشخصية كبيرة احتفت بها إحدى المؤسسات الثقافية ، شخصية ابن الماء والطين كما عبر عنه بعض الحاضرين ، انه الأستاذ عبد الجبار عبد الله ، كان المتنبي يهمس في أذن أبي العلاء وهو يقوده إلى ركن الباحة حيث توجد ( الكافتريا ) : إنهم يحتفون بمبدعيهم ، في حين كان المعري مشغوفا بالمتنبي وشاكرا للمعجزة التي جمعته به ، وكان يخاطبه ، مخاطبة التلميذ لأستاذه الكبير ، تصفح المتنبي الكتب وبدت دهشته للأغلفة الأنيقة ولجمال الكتب مظهرا ومخبرا ، وبدأ يناول أبا العلاء الكتاب تلو الآخر ليمتع أنامله بملمسها الناعم ، وهو يقول إنهم أشجار مثمرة ، وهذا يذكرني بحكاية مفادها : أن غابة كانت تحتوي على الكثير من الأشجار المثمرة ، فزرعت في وسطها شجرة صفصاف ، فأثارت هذه الشجرة حفيظة الأشجار المثمرة للصوت المزعج والضوضاء التي تصدرها ، خصوصا عند هبوب الريح ! فاتفقت أشجار التفاح والبرتقال أن ترفع دعوى قضائية ضد الصفصاف ، وذهبتا إلى صاحب الغابة تشكوانها ، فاستمع الرجل إلى الشكوى بروية وعلّق قائلا : أنتما شجرتان مثمرتان ، ويأتيكما الناس طمعا في ثماركما والنظر إلى جمال منظركما ، فما الذي يجلب الناس إلى شجرة الصفصاف سوى الضوضاء التي تثيرها والجعجعة التي تقوم بها ، صفق المعري بحرارة وهو يقول : لقد رأينا وتلمسنا في شارعك العتيد يا متنبي كثيرا من الإثمار والأشجار ، وسمعنا ضوضاء أشجار الصفصاف في أماكن أخرى ، وعلمنا أنها تصدر من غير المثمرين الذين يعتاشون على موائد غيرهم ، وتأكدنا أنهم يريدون الاستئثار بكل شيء والسيطرة على كل شيء ، لأنهم لايحسنون سوى إثارة الضوضاء لجلب انتباه الآخرين ، وأنت تدري يا أبا الطيب كم حسدوك على مجدك ، هم ذاتهم من يشوش على عقول الناس ، لأنهم لايمتلكون سوى التشويش وإثارة المنازعات ليغطوا بذلك على الأصوات النشاز التي يطلقونها ولكن لنتأسى بقولك يا أبا الطيب حيث تقول :rnأعيذها نظرات منك صادقة أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
هواء فـي شبك :( بين المتنبي وأبي العلاء )

نشر في: 18 يناير, 2011: 07:16 م