سايبا ومخبر سري
مجلس محافظة الديوانية وبعد اجتماعات واتصالات ومشاورات مع الجهات المعنية لبحث سبل ضمان امنها ومنع تنفيذ حوادث التفجير اعلن اعتماد سواق التاكسي من نوع سايبا وغيرها من السيارات الصفر مخبرين سريين لتزويد الاجهزة الامنية بالمعلومات الاستخبارية لاحباط محاولات الارهابيين .
خطوة مجلس المحافظة بحسب الخبراء الامنيين تعبر عن حرصهم على حماية المواطنين وممتلكاتهم ، لكنها فقدت سريتها باعلان تفاصيلها ، فليس من المعقول ان يكشف اعضاء المجلس عن خططهم" السرية جدا " لان ذلك لا ينسجم مع متطلبات العمل السري في ادارة الملف الامني .
كان النظام السابق يعتمد على العديد من سواق سيارات الاجرة كمخبرين سريين ، وهذا التوجه ادركه العراقيون سواء في العاصمة بغداد او غيرها من المحافظات ، واحدهم حينما يستقل سيارة اجرة يتقمص دور "الصاموط لاموط" لا يتحدث مع السائق ولا يرد على اي سؤال ، ولا يعلق على ما يبثه الراديو من اناشيد وبيانات وانتصارات في جبهة الحرب ، وعادة ما يكون نزوله في مكان اخر غير المقصود لتضليل السائق عن موقع منزله او مكان عمله .
واجراء مجلس المحافظة لا يختلف من حيث الشكل والمضمون عن تلك القصة الشهيرة التي حصلت في اكثر من بلد عربي ، عندما نادى سواق الحافلات " المطار السري" ففضحوا ماكان يدور في الغرف المغلقة لمواجهة العدو الصهيوني .
يقال ان الفرد العربي وخصوصا بعد انتكاسة 5 حزيران فقد الثقة بالزعماء والقادة ، لانهم سبب النكبة على "الصعيد القومي" ، وعلى المستوى الشخصي كانوا وراء اسباب الفقر والحرمان وانتشار الامية ، وحتى انتهاك حقوق الانسان ، والحديث عن الديمقراطية، كان يعد من المحرمات لذلك لجأت السلطة في اكثر من بلد الى استخدام سواق التاكسي ، وغيرهم ليكونوا عيونا ساهرة لا تعرف النوم للاخبار عمن يحاول ان يهدد عرش الملك او كرسي الرئيس او يخطط لتنفيذ انقلاب عسكري ينطلق من المطار السري .
لاحد العراقيين قصة مع احد سواق التاكسي المجندين من قبل السلطة قبل ان تشهد البلاد الزمن الديمقراطي ، كادت تقدمه لمحكمة الثورة ، فهو اثناء ركوب السيارة اخذ يتحدث عن ارتفاع الاسعار ، وحرمانه من تناول اللحوم الحمراء والبيضاء ، واسترسل في الحديث عن فوائد الفجل والكراث ، واستهجن المثل الشائع الذي يشير الى ان الفقير يكفيه الخبز والبصل لادامة حياته ، سائق سيارة الاجرة انتبه لخطورة حديث الرجل على الامن الوطني ، فسأله عن عمله ومكان منزله ، وان كان منتميا للحزب القائد ، الرجل ادرك المغزى من تلك الاسئلة ، ومع سرعة السيارة البرازيلي ، اخذ يردد الاغاني والاناشيد لدفع الشبهات عنه، والتخلص من المأزق الامني وبعد ان انتهى من ترديد الاغاني ، اخبر السائق بانه قبل ايام ، هرب من مستشفى الشماعية ، واخذ يصرخ باعلى صوته ياناس اني مخبل ، وتكرار مثل هذا الصراخ في الديوانية وغيرها من المحافظات امر وارد عندما يصبح ابو السايبا مخبرا سريا يعمل لصالح الاجهزة الامنية .