 ذي قار/ حسين العامل

حذرت إدارة محافظة ذي قار من كارثة بيئية واقتصادية ناجمة عن شح المياه في المناطق الزراعية، وتوقعت تعرض خمس وحدات إدارية لكوارث ونزوح سكاني إذا لم تُعالَج أزمة المياه فورًا. وطالبت وزارة الموارد المائية بتشكيل غرفة عمليات مشتركة مع المحافظة.
وقال نائب محافظ ذي قار رزاق كشيش الغزي خلال متابعته مناسيب المياه في الأنهار الرئيسية والفرعية في قضاء الإصلاح بحضور قائمقام القضاء ودوائر الموارد المائية والزراعة: «واقع الحال لمناسيب المياه في قضاء الإصلاح مزرٍ، وعلى وزارة الموارد المائية أن تستنفر كل جهودها بالتنسيق مع الدوائر المعنية وإدارة المحافظة، ولا سيما في مناطق صدر البدعة»، محذرًا من وقوع كوارث في خمسة أقضية من أقضية محافظة ذي قار نتيجة شح المياه. واستطرد الغزي: «ما نمر به مأساة لا يمكن السكوت عليها»، وأضاف: «نحن في مواجهة خطر كبير يتمثل بشح كبير في المياه في قضاء الإصلاح، وإن واقع حال الشحة يتكلم عن نفسه»، وأردف: «من دون حملة كبيرة سنعرض المدينة بالكامل للعطش والهجرة السكانية».
ويرى نائب محافظ ذي قار أن «السكان المحليين لا يتوقعون الحصول على مياه للزراعة في ظل الوضع الحالي»، مشيرًا إلى أن «قضاء الإصلاح من أكبر الوحدات الإدارية في المساحات الزراعية، ولا سيما في زراعة محصولي الحنطة والشعير».
وتابع الغزي: «مشكلتنا الأساسية في كل عام تتمثل بعدم العدالة في توزيع الحصص المائية في المحافظات»، ملمحًا إلى التجاوزات الحاصلة من قبل محافظة واسط على حصة ذي قار من مياه نهر دجلة.
واسترسل: «محافظة واسط محافظة زراعية، ولكي لا نقع في حرج مع إخوتنا في واسط، ندعو وزارة الموارد المائية إلى تشكيل غرفة عمليات ابتداءً من اليوم، كون الواقع واضحًا، وعدم وصول المياه إلى المناطق الزراعية يشكل خللاً بينًا».
وأبدى نائب المحافظ تعاونه مع وزارة الموارد المائية لمعالجة الأزمة عبر تشكيل غرفة عمليات مشتركة، محذرًا من هجرة كبيرة للسكان المحليين ما لم تقم وزارة الموارد المائية بإطلاق المزيد من كميات المياه وتوزيعها بعدالة.
وبيّن أن «ملف المياه ملف اتحادي ويتطلب تدخل وزارة الموارد المائية بصورة فاعلة لتدارك الأزمة الراهنة التي قد تستفحل في حال لم تُعالج بالسرعة الممكنة»، واستطرد: «نحن أمام تحدٍّ كبير، وعلى الدولة العراقية أن تنتصب على قدميها لمواجهة هذا الأمر».
ويرى الغزي أن «الجهد المحلي في محافظة ذي قار أدى ما عليه من كري وتطهير الأنهار ورفع التجاوزات واستخدام نظام المراشنة»، وأردف: «غير أن المياه شحيحة».
ولفت إلى أنه «تم توجيه دائرة إنعاش الأهوار والجهات المعنية بمنع أي نشاط زراعي في مناطق الأهوار، كون ذلك سيستهلك المزيد من المياه التي هي غير كافية لتغطية حاجة الخطة الزراعية المخصصة للمحافظة»، محذرًا من المخاطر البيئية الناجمة عن التجاوز على المياه المخصصة لإنعاش الأهوار.
وشهدت محافظة ذي قار خلال الأعوام الأخيرة تقليصًا كبيرًا في مساحات الخطة الزراعية نتيجة الأزمة المائية التي تمر بها البلاد، إذ جرى تحديد حصتها للموسم الشتوي الحالي بـ137 ألف دونم بعد أن كانت خطتها تُقدَّر بنحو 500 ألف دونم قبل بضع سنوات. وقال مدير زراعة ذي قار محمد عباس إن «الخطة الزراعية التي تم إقرارها من قبل اللجنة المركزية المشتركة في بغداد بواقع 137 ألف دونم لمحصولي الحنطة والشعير». وأوضح عباس في تصريح إعلامي تابعته (المدى) أن «المساحة المقررة تتوزع بواقع 120 ألف دونم لمحصول الحنطة و17 ألف دونم لمحصول الشعير».
وأضاف مدير زراعة ذي قار: «من المقرر أن تتم المباشرة بزراعة محصول الشعير في منتصف تشرين الأول الحالي، أما الحنطة فيكون في منتصف تشرين الثاني المقبل».
وتواجه الخطة الزراعية في محافظة ذي قار خلال مواسم الجفاف جملة من التحديات، أبرزها تذبذب مناسيب المياه وتجاوز المحافظات الأخرى على الحصة المائية الخاصة بالمحافظة، ناهيك عن تجاوز عدد كبير من الفلاحين على الحصص المائية المخصصة للمناطق الواقعة في ذنائب الأنهار.
وكان مصدر بيئي في محافظة ذي قار كشف (مطلع آب 2024) عن جفاف 85 بالمئة من مساحات الأهوار في المحافظات الجنوبية الثلاث، محذرًا من مخاطر الجفاف على حياة السكان المحليين والتنوع الأحيائي.
الأهوار العراقية، ومن بينها أهوار محافظة ذي قار، تواجه جملة من التحديات الناجمة عن أزمة المياه والتغيرات المناخية خلال السنوات الأخيرة، إذ تعرضت مساحات شاسعة من مناطق الأهوار في المحافظة المذكورة إلى الجفاف وتضرر مئات القرى من شح المياه، ناهيك عن نزوح وهجرة آلاف الأسر من مناطق سكناها، إذ فقد معظم سكان الأهوار والقرى التي تعرضت للجفاف خلال الأعوام المذكورة مصادر دخلهم المتمثلة بالزراعة وصيد الأسماك وتربية المواشي، إذ تسبب الجفاف بنفوق معظم الثروة السمكية وفتكت الأمراض بقطعان الجاموس التي تشتهر مناطق الأهوار بتربيتها، فيما تسببت العواصف الغبارية بمشاكل صحية وحالات اختناق لما تبقى من سكان الأهوار والمدن المجاورة.