TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: المخرجون عندما يقعون في غرام الأدب

كلاكيت: المخرجون عندما يقعون في غرام الأدب

نشر في: 24 أكتوبر, 2024: 12:12 ص

 علاء المفرجي

  • 1 -
    في هذا الحيز سنسلط الضوء على بعض الأعمال الأدبية والتي عولجت في السينما، مرات ومرات، من وجهة نظر سينمائية بالطبع، وكذلك عند بعض مؤلفية هذه الأعمال، التي لم تلفت نظر مخرجي السينما لولا الشهرة التي حققتها كعمل أدبي..
    ولعل ما بدأت به هنا هي رواية حجر الصبر للأفغاني عتيق رحيمي، كونه هو المخرج للرواية،
    فالسينما في أفغانستان أحيانا تختزل بصورة مبدع مثل عتيق رحيمي الأديب الذي ولج السينما بعدة الأدب، فكان ان طبع اسلوبه السينمائي بما هو شعر، حيث تتجلى في أفلامه الرغبة في التأمل، ولعل هذا كان واضحا في فيلمه (حجر الصبر) الذي كان الحدث الأهم في مهرجان أبو ظبي السينمائي في دورته الأخيرة.
    ولاعجب ان يقف عتيق بوصفه ممثلا لسينما حقيقية بدأت تؤكد حضورا مهما في المشهد السينمائي العالمي، خاصة وهو التجسيد الحقيقي للظرف الذي يعيشه بلده، ففي كل ما كتب وما صنع من أفلام كان يغترف موضوعاتها من قلب الأحداث التي مر بها بلده ومن حجم المآسي التي خلفتها الحروب، ولعل فيلمه الأخير حجر الصبر يقف في صورة انسحاق الإنسان الأفغاني تحت وطأة التشدد الديني، وصرامة التقاليد المتزمتة التي هي انعكاس لهيمنة قوى التخلف في هذا البلد.
    واذا كانت السينما الأفغانية قد فاجأت العالم قبل سنوات من خلال فيلم (أسامة) الذي نال احد اهم جوائز مهرجان كان في حينها، من جهة موضوعه المتفرد والجريء، فان هذه السينما مع عتيق رحيمي بدأت بخطى ثابتة لتأكيد حضورها المتميز.
    إذا كانت أفغانستان قد احتلت في السنوات العشر الأخيرة، صدارة الأخبار السياسية بوصفها الحاضنة الرئيسة للإرهاب العالمي، وتداعياته المختلفة في العالم.. فإن هذا لم يمنع من أن يكون لها وجه آخر، يصارع من أجل أن يلغي الانطباع السائد بتخلفها عن ركب الحضارة.. ومثل هذا الجانب يتجلى في أكثر من نشاط ثقافي حضاري، أدهش العالم.. هو نتاج طبيعي للآلام والنكبات التي مرّ بها هذا البلد، من جهة تمثلها وانعكاسها إبداعاً يوثق لسنوات الكارثة.
    ويخطئ من يظن أن إخفاء العالم بمثل هذه الومضات في الإبداع، هو لدواع واعتبارات سياسية، من خلال نظرة فاحصة للأعمال الإبداعية لمثقفين أفغان تسيدت منصات الجوائز في التظاهرات الثقافية العالمية..
    عتيق رحيمي.. هو احد أهم الأسماء التي ذهبت بأفغانستان إلى حيث الجمال والإبداع.. طفل كابل هذا الذي عاصر مآسي بلده وذاق أهله ويلات الحروب والغزوات ماضياً وحاضراً كان لعائلته نصيب وافر منها.. استطاع أن يوثق جمالياً فجيعة بلده(الفاشل) باصطلاح السياسة.. ليفرض حضوراً لافتاً في المحافل الأدبية والفنية..
    ترك بلده بعد أن عاش ويلات الاحتلال السوفييتي له، ليستقر في فرنسا كلاجئ سياسي.. ويكتب تعليمه من قلعته العلمية السوريون.. لتكتمل أدوات الإبداع لديه، ويدشنها في روايته (الأرض والرماد)،و(ألف بيت من الأحلام والرعب)،و(الصورة الخيالية) ثم(صخرة الصبر) التي استحقت عن جدارة جائزة(غونكور)..
    وهي بوح شعري وحزين يعكس الشغف الرائع للحرية.. في بلد يعرف طعمها. إصرار طفل كابل هذا في ان يجمع المجد من كل أطرافه، جعله يذهب بعيداً حينما يتولى بنفسه أفلمة إحدى رواياته وهي (الأرض والرماد) لتكون حدثاً سينمائياً يحظى بتكريم اعرق المهرجانات السينمائية. وهو الفيلم الثالث خلال السنوات العشر الأخيرة بين أربعة أفلام أدهشت بها هذا البلد عشاق السينما وهي (أسامة)،و(حرب الأفيون)،و(طفل كابل)… (الأرض والرماد) يتحدث بلغة شاعرية تتجلى منها صور باذخة التعبير، عن أوضاع بلده الاجتماعية..
    عتيق رحيمي.. مبدع بمواصفات بلد تحرقه السياسة.. بمجد مبدعين من طراز رحيمي في سعيهم لان تكون النار سلاماً على شعب تغربت جذوره بعيداً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قتل مفرزة إرهابية بضربة جوية بين حدود صلاح الدين وكركوك

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الطيران العراقي يقصف أهدافا لداعش قرب داقوق في كركوك

"إسرائيل" تستعد لإطلاق سراح عناصر من حزب الله مقابل تحرير مختطفة في العراق

حالة جوية ممطرة في طريقها إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: بروتوكولات مقهى ريش

العمود الثامن: جيوب نظيفة!!

العمود الثامن: الفشل بامتياز

قناطر: كسل وغباء "رأس المال" العراقي

الديمقراطية..لا تصلح لشعب يحكمه فاسدون

العمود الثامن: القاهرة واستذكار بغداد

 علي حسين تقيم معظم البلدان متاحف لفنونها وحضارتها، ومتاحف اخرى تحتفظ فيها بكنوز الفن العالمي، لكي تذكّر الأجيال القادمة بالذين نثروا ألوانهم وأقاموا النصب المرمرية، لأن الذاكرة البشرية بحاجة إلى تذكّر ان التاريخ...
علي حسين

كلاكيت: عدي رشيد في «أناشيد آدم» سعي للنهوض بوعي المتلقي من أجل إثارة الأسئلة

 علاء المفرجي تأريخ السينما العراقية طويلا قياسا الى مثيلاتها باقي شعوب المنطقة، فالسينما العراقية لم تبدأ بالإنتاج إلا في منتصف الأربعينيات، ولم يكن الإنتاج الأول، إلا انتاجا مشتركا مع مصر، ولم تستطع منذ...
علاء المفرجي

المنظومة السلطوية في العراق والتغيير المطلوب

د. كاظم المقدادي (2-2)التغيير الجذري ضرورة اًنية وملحةمطلب التغيير الجذري والشامل للمنظومة السلطوية في العراق، الهادف لأقامة الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة والعدالة الإجتماعية،الضامنة للحياة الحرة الكريمة والمستقبل الأفضل لكافة أبناء وبات شعبنا، دون...
د. كاظم المقدادي

الشُّعوبيَة والشّعبويَّة.. لكلٍّ زمنه

رشيد الخيون يعيد اِصطلاح "الشَّعبوبيَّة" اليوم إلى الأذهان الحركة "الشُّعوبيَّة" في الأمس البعيد، مع أنَّ كلاً له زمنه ودلالته، كلاهما منحوتان مِن "الشَّعب" و"الشُّعوب". نَعتَ البعضُ بالشَّعبويَّة الرئيسَ الأميركيّ دونالد ترامب، في حملته الانتخابيّة...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram