علي حسين
ليس صحيحاً أن الحياة السياسية في العراق كلها قاتمة، فهناك جوانب مضحكة كثيرة، بل وساخرة، ولمن لا يصدق عليه متابعة " الجنرال " السابق عبد الكريم خلف الذي كنت أظن أنه سيقرر الاختفاء من المشهد ، ويجلس في البيت يتمتع بتقاعده ويشاهد التلفزيون ويرى كيف ان كبار المسؤولين في العالم يقدمون استقالتهم واعتذارهم لمجرد خطأ بسيط ، ولكن ماذا نفعل مع السيد خلف الذي تعود منذ سنوات على ان ينتقل من قناة الى اخرى وكان أيام حيدر العبادي يشتم الحكومة ويطالب العراقيين بالاحتجاج واقتحام المنطقة الخضراء وسحل المسؤولين جميعا .. وبعد سنوات قليلة عندما جلس على كرسي الناطق باسم الحكومة اعتبر الاحتجاجات رجس من عمل الشيطان ، وطالب يقطع رأس كل من يقترب من المنطقة الخضراء
اكاذيب كثيرة سوّقها " الجنرال " خلف ، وكان اخرها اتهامه التتظاهرين بانهم من جيل القادسية ، وانهم ينتمون الى البعث وينفذون اجندة امريكية وصهيونية ، بل ذهب به الخيال الى حد القول ان احتجاجات تشرين اندلعت لدعم الاعتداءات الصهيونية على غزة ولبنان .. ولم يتوقف عند هذا الحد بل اخذ في طريقه دولا مثل السعودية والامارات ومصر رافعا سيفه الخشبي وفي وجوه الجميع ، . وانا اسمع تصريحات عبد الكريم خلف تذكرت حوارا تلفزيونيا اجرته احدى القنوات مع النائب السابق رحيم الدراجي يقول لمقدم البرنامج وبالحرلرف الواحد : " عبدالكريم خلف لم يكن امام جامع بل كان "بعثياً" وقد اتاني كي اتوسط له لعدم الاجتثاث والان يقول على المتظاهرين بعثية !! " .
للأسف لم يجد عبد الكريم خلف أدنى مبرر لتصنيف المحتجين على أنهم إرهابيين، بل وجدنا أن بعض القنوات تشجع خلف على الاساءة لبلدان عربية يرتبط العراق معها بعلاقات دبلوماسية واقتصادية.
حديث السيد الناطق يثبت أن التشويش ليس لا يريد ان يغادر عقول السادة الناطقين حتى بعد تقاعدهم ، فالرجل يتصور انه يتصورون يتجدث بكلام يأخذه الناس على محمل الجد، وربما كان التشويش أوضح في عقول وأفئدة من يتوهمون أن مصير هذا البلد معلق على ما يدور في الطلعات التلفزيونية التي يطل من خلالها عبد الكريم خلف على المشاهدين .وأحسب أن ما قاله الناطق السابق لا يختلف في شيء عمّا يقوله يقوله البعض ضد احتجاجات تشرين ، فهي مجرد جمل مزوقة ومرتبة تضاف إلى أرشيف كوميديا السياسوة العراقية . ذلك أن فقرات العرض الذي يقدمه عبد الكريم خلف باتت محفوظة، ابتسامة خفيفة من السيد موجهة لجمهوره من العراقيين، يعقبها كلام كبير جدا عن ضرورة الوقوف بوجه المتظاهرين الذين يشكلون خطرا على البلاد والعباد
لقد أضعنا أكثر من عشرين عاما في خطابات مقززة ، وكان في استطاعتنا أن ننطلق الى المستقبل ، لكننا قررنا أن نعيش فصولا كوميدية مع سيادة الناطق السابق .