ذي قار / حسين العامل
رغم تغييب العشرات من ناشطي تظاهرات الناصرية في المعتقلات أحيا الاف المتظاهرين الذكرى الخامسة لانطلاق تظاهرات تشرين وذلك وسط انتشار واسع للقوات الامنية في محيط ساحة الحبوبي، وهو ما عزته قيادة الشرطة لتوفير المزيد من الحماية للمتظاهرين.
واحتشد آلاف المتظاهرين في ساحة الحبوبي وسط الناصرية، عصر يوم الجمعة، لإحياء الذكرى الخامسة لانطلاق المرحلة الثانية من تظاهرات تشرين، ولم يمكث المتظاهرون وقتا طويلا في ساحة الحبوبي اذ سرعان ما عادوا الى مركز انطلاقهم قرب جامعة العين، وذلك لتجنب الاحتكاك بالقوات الامنية التي انتشرت بكثافة في محيط ميدان التظاهرات في ساحة الحبوبي، وبذلك حالوا دون تكرار سيناريو المصادمات مع القوات الامنية الذي شهدته تظاهرات الاسابيع المنصرمة التي خرجت لتطالب بوقف الملاحقات الامنية لناشطي التظاهرات والافراج عن عشرات المعتقلين.
وقال أحد المتظاهرين لـ(المدى)، ان "متظاهري الناصرية يصرون على احياء ذكرى تشرين رغم ما يواجهونه من اعتقالات تعسفية ودعاوى كيدية"، مؤكدا ان "تشرين مستمرة طالما هناك حقوق مشروعة للوطن والشعب بذمة الحكومة والطبقة السياسية".
مشددا على اهمية تحقيق الاصلاح السياسي وانهاء مظاهر المحاصصة وظواهر الفساد السياسي والمالي الذي نهب ثروات البلاد وأنهك مؤسسات الدولة على حد قوله، واضاف ان " المشاركين بتظاهرات تشرين خرجوا لاسترداد هيبة وكرامة الوطن وبناء وطن معافى لا يخضع للإرادات الخارجية"، وأردف " وها نحن اليوم متمسكون بنفس المطالب وثابتون في ميدان التظاهرات ولم يهدأ لنا بال الا بتحقيقها".
ومن جانبه تحدث الناشط في تظاهرات ذي قار عادل عبيد فارس عن اثر تشرين في الحركة الاحتجاجية والمطلبية واوضح للمدى ان "تشرين صرخة المظلومين والفقراء بوجه الفساد والفاسدين الذين جعلوا من البلاد غنيمه لجشعهم الذي لا ينتهي"، واضاف ان "تشرين تتجدد في مفهومها وطموحها واهدافها التي لابد أن تكتمل وأهمها المطالبة بتفعيل مؤسسات النزاهة والقضاء للتصدي لسرقات كارثيه عرفت بسرقات القرن والتي لا يزال مرتكبوها احرار يتنقلون من بلد لآخر".
ودعا المشاركون بالتظاهرات الى الافراج عن المعتقلين والكف عن المداهمات لدور المتظاهرين والغاء الدعاوى الكيدية التي تلاحق ناشطو التظاهرات، فيما رددوا جملة من الاهازيج والهتافات من بينها (الصوت صوتك يا وطن ما يعلى صوت، ما تخوفنه المناية كلمن بيومه يموت) و، (تبرد الثورة وتردها الناصرية) و (بالروح بالدم نفديك يا عراق) و (الشامت لا يشمت ما طاحت تشرين) و (لو عالوا بينه نرد لأيام الثورة) و (الذيل يظل يتراجف لو كالوا تشرين) وغيرها ما الهتافات والاهازيج.
وبالمقابل اصدرت قيادة شرطة ذي قار بيانا توضح فيه اسباب الانتشار الامني الكثيف واوضحت في بيانها " تـود قيادة شرطة محافظة ذي قار ان توضح ان القوات الامنية المنتشرة وسط مدينة الناصرية هي لحماية المتظاهرين وتوفير الاجواء الملائمة لهم ولا توجد هنالك مظاهر مسلحة".
واضافت القيادة في بيانها "علما بعد ساعات من الآن ستعود القوات الامنية للمباشرة بواجباتها الاعتيادية"، داعية المواطنين الى التعاون مع القوات الامنية.
وشهدت مدينة الناصرية طيلة الاسبوعيين المنصرمين تصاعدًا في التوتر إثر مواجهات بين القوات الأمنية وآلاف المتظاهرين المحتجين على الدعاوى الكيدية والمداهمات الأمنية التي تستهدف الناشطين، اذ أسفرت حملة قمع الاحتجاجات، عن إصابة العشرات من المحتجين وعدد من القوات الأمنية، بينما تتحدث اوساط المتظاهرين ومصادر رسمية في مجلس محافظة ذي قار عن اعتقال العشرات من أبرز ناشطي التظاهرات في محافظة ذي قار وترحيلهم الى مراكز احتجاز في العاصمة بغداد. اذ أعلن عضو مجلس محافظة ذي قار، أحمد الخفاجي مطلع الاسبوع المنصرم ، عن اعتقال 70 متظاهراً خلال يومين، مبينا أن " 14 معتقلا تم ترحيلهم إلى العاصمة بغداد، فيما لا تزال باقي الحالات قيد المتابعة من قبل الجهات المعنية في ذي قار".
فيما كشف محافظ ذي قار مرتضى الإبراهيمي يوم الخميس المنصرم (24 تشرين الاول 2024) عن إلقاء القبض على 1000 متهم مطلوب للقضاء في أطار الحملة الأمنية الجارية في محافظة ذي قار منذ عشرة أيام، واوضح الإبراهيمي خلال مؤتمر عشائري عقد في قضاء النصر شمال المحافظة إن "إجراءات تفعيل مذكرات إلقاء القبض البالغ عددها 4314 مذكرة مستمرة من قبل الأجهزة الأمنية".
واندلعت التظاهرات العراقية في مرحلتها الاولى في الاول من تشرين الاول 2019، في 10 محافظات وسطى وجنوبية وجرى تعليق التظاهرات نحو 20 يوما للمشاركة بزيارة اربعينية الامام الحسين (ع) لتعاود بعدها الانطلاق في 25 تشرين الاول من العام نفسه، واعرب المتظاهرون في حينها عن الاحتجاج على تردي واقع الخدمات وتفاقم معدلات الفقر والبطالة، واهانة الكفاءات العلمية، وتمادي الطبقة السياسية في انتهاج سياسة المحاصصة الحزبية والطائفية وهدر المال العام وحماية الفاسدين ناهيك عن الولاءات الاقليمية التي جعلت من العراق حديقة خلفية لدول الجوار.
وشهدت تظاهرات تشرين عمليات عنف غير مسبوقة، لا سيما بعد دخول جماعات مسلحة، وُصفت بـ"الطرف الثالث"، على خط قتل وقمع واختطاف المحتجين والناشطين. وأدت أعمال العنف والقمع إلى مقتل نحو 800 متظاهر، وإصابة أكثر من 30 ألفاً، وأكثر من 3 آلاف معتقل ومختطف ومغيب. في وقت لم تُحاسَب فيه أية جهة متورطة بهذه الأعمال.
فيما قدر رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي اجمالي ضحايا تظاهرات تشرين بأكثر من 600 شهيد من المتظاهرين، وأكثر من 3500 إصابة تؤدي إلى الإعاقة، وأكثر من 24 ألف إصابة بسيطة، وذلك في لقاء صحفي منشور في صحيفة الشرق الاوسط بتاريخ 11 آذار 2023.
ويبلغ إجمالي حصيلة ضحايا التظاهرات في محافظة ذي قار اكثر من 140 شهيداً فيما سجلت المؤسسات الصحية نحو 5000 إصابة بين صفوف المتظاهرين معظمها ناجمة عن الرصاص الحي والقنابل الدخانية هذا ناهيك عن جرائم الاختطاف والاغتيال التي استهدفت الناشطين في تظاهرات ذي قار ولاسيما سجاد العراقي وفرج البدري.