علي حسين
وأنا أقرأ جدول اعمال برلماننا الموقر لجلسة " اليوم " الاحد، ايقنت ان الخراب الذي نعيشه هو خراب سياسي بامتياز، فالنواب الشيعة الذين يريدون التصويت على تعديل قانون الاحوال الشخصية سيتنازلون للنواب السنة الذين يطالبون باقرار قانون العفو،وسيجاملون النواب الاكراد من اجل اقرار قانون اعادة العقارات الى اصحابها، البرلمان الذي لم يستطع انتخاب رئيس له ، لأن بعض الكتل تريد اعادة محمود المشهداني الى الواجهة ، هؤلاء وجدناهم يسرعون إلى قبة البرلمان من أجل أن تبقى المرأة مجرد هامش في المجتمع.
تخيل جنابك أن برلمانا يعترض فيه اكثر من 120 نائبا على تعديل قانون الاحوال الشخصية، لكن المتحكم بامور البرلمان محسن المندلاوي يرفض الاستماع الى اصوات المعترضين ، ويقرر العبث باحوال وامور نسوة العراق ، بينما الكتل السياسية قررت الصمت، لأن السكوت من ذهب ومناصب وامتيازات ! ليس لدي موقف شخصي من البرلمان ، ولكنني أرى أنه يجسد ذلك التناقض المخيف في التعامل مع قضايا المرأة، فهن يتحدث في بياناته عن ضرورة أن تحصل المراة على كافةحقوقها ، لكنه بالمقابل يؤيد مبدأ الرجال قوامون على النساء، وهم أصحاب الحق القيادي في الأسرة.
في كل مرة أصدّع رؤوسكم بموضوعة تجارب الشعوب، وأضع المقارنات والمفارقات بين ما جرى في بلاد الرافدين التي كانت أول بلد عربي يضع سيدة على كرسي الوزارة، وأقصد نزيهة الدليمي، ويرفع من شأن النساء. في ذلك الحين كانت نزيهة الدليمي تؤكد في كل اجتماعات مجلس الوزراء، أن المساواة لا تعني فقط التعليم والحصول على فرص العمل، لكنها تغيير النظرة القاصرة التي ينظرها المجتمع إلى المرأة، باعتبارها ناقصة عقل ودين.. سيسخر مني البعض حتما ويقول يارجل: هل يعقل أن النائبات في البرلمان العراقي يعرفن سيدة عراقية اسمها "نزيهة الدليمي"؟، بل أن البعض منهن "يكفّرن" الدليمي لأنها ساهمت في تشريع قانون الأحوال الشخصية لعام 1959 .
وربما يقول البعض إن المرأة في العراق تحتل منذ سنوات ربع مقاعد البرلمان، لكن ياسادة للأسف تتشكل الحكومات وتنحل من دون أن ينتبه أحد إلى أن المرأة يجب أن تكون ممثلة فيها. والمؤسف أنه عندما أعطيت حقها البرلماني، طلب منها الساسة أن تظل مجرد رقم على الهامش، ويتم إذلالها وحرقها وإهانتها، ونقرأ في الأخبار أن أحزاباً وتكتلات سياسية عدة لا تزال تعارض قرار قانون العنف الأسري، وهذه الأحزاب نفسها تتباكى في الفضائيات على حقوق المرأة، لكنها في البرلمان تجد أن قانوناً يحمي المرأة من العنف يشكل خطراً على المجتمع. الجميع يرون في المرأة "ضلعاً أعوج" يجب تقويمه.