TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فـارزة: ما الذي تبحث عنه الحكومة في اتحاد الأدباء؟

فـارزة: ما الذي تبحث عنه الحكومة في اتحاد الأدباء؟

نشر في: 19 يناير, 2011: 10:06 م

 علي حسين تعطي الدولة ممثلة برئيس الجمهورية  إشارة ايجابية من خلال بيان ندد بما تتعرض له الحريات من انتهاك ، فيما  الحكومة التي تعتبر نفسها فوق الدولة والقانون  تتجه لأقصى اليمين من خلال إصرارها على انتهاك الدستور، فلم يمر يوم على بيان الرئاسة  الذي اشر بصراحة على التجاوزات التي حدثت على الحقوق والحريات في بغداد ومدن أخرى
 مطالبا الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لصون الحريات والحقوق المدنية، حتى توجهت فيالق مجلس محافظة بغداد لمحاصرة اتحاد الأدباء واقتحامه ، وإذا كانت المرة الأولى بحجة غلق نادي الاتحاد ، فالحجة الآن هي الوقوف بوجه المنادين بالحريات المدنية وإشهار عصا الطاعة بوجه المثقفين الذين قرروا أن يكشفوا زيف شعارات بعض المسؤولين  ، والهدف الثاني من المداهمة هو بالتأكيد إيصال رسالة للجميع أن لا سلطة فوق سلطة مجلس محافظة بغداد الذي قرر أن يمضي بمسرحيته الكوميدية حتى آخر الشوط.   هكذا أصبح اللعب الآن على المكشوف، جهات في الحكومة   قررت أن تكون هي صاحبة القول الفصل في بغداد والعديد من المحافظات. فبعد أن كان الكلام كثيرا وغزيرا عن الإجراءات التعسفية التي اتخذتها بعض مجالس المحافظات ، عادت الحكومة  لحذف كلمة الحرية  من قاموس العراقيين  لتضع مكانها كلمة  " الحشمة " ، مع تشديد على منع كل مظاهر المجتمع المدني. والواضح الآن أن الحكومة وضعت كل الأطراف التي تنادي بالحريات المدنية  رهن نيران مجالس المحافظات وبالأخص المحافظات التي تسيطر عليها قائمة دولة القانون ، من خلال سلسلة من التدابير بدأت بإظهار العين الحمراء للمثقفين والإعلاميين ثم تشكيل لجان أشبه بالمليشيات المسلحة تقتحم المؤسسات الثقافية وتعتدي على كل من يقف في وجهها ، إذن الحكومة تسعى إلى  وضع المسامير والزجاج المكسور تحت أقدام المؤسسات الإعلامية التي تحاول كشف ملفات الفساد والرشاوى والإشارة إلى أصحاب الشهادات المزورة وسارقي المال العام ،  فلا يمكن النظر إلى  صمت رئيس الوزراء عما جرى خلال الأسابيع الماضية بمعزل عن حزمة الإجراءات والقرارات  التعسفية  التي اتخذتها العديد من مجالس المحافظات وبعض الوزارات.كتبنا أكثر من مرة إن الاستبداد لا يخرب الحاضر فقط ولكنه يخرب المستقبل أيضا. ذلك أنه حين يطول به الأجل في السلطة فإن القائمين عليه يسعون إلى تفكيك مؤسسات المجتمع وأجهزة الإدارة وإعادة تركيبها بحيث تتحول في نهاية المطاف إلى أدوات لبسط الاستبداد والتمكين له. وفى مسعاهم ذلك فإنهم يستأصلون بدائلهم أولا بأول، بحيث ينغلق عليهم الأفق، ويظل استمرارهم هو الخيار الوحيد المطروح على الجميع..ما يجري هذه الأيام كوميديا من النوع الخفيف ترافقها مواقف مربكة ومزعجة ومضحكة أيضا . ولا يمكن أن نفسر ذلك بأنه من باب عشق المفاجآت الذي تصر عليه الحكومة . لان المفهوم البسيط لما يجري أن هناك مسؤولين داخل الحكومة يكرهون الديمقراطية ويحرمونها ويجرمونها .. فيما هم يعيشون  ويكنزون الذهب والفضة  بفضل الديمقراطية والتغيير. في الوقت الذي تتعرض  فيه البلاد إلى هجمات إرهابية .. رافقها صمت حكومي على هروب عدد من مجرمي القاعدة من احد المعتقلات في البصرة، وما تعانيه مدن العراق من انقطاع للكهرباء وصل إلى 20 ساعة في اليوم وغياب مطلق للخدمات وبطالة دفع شباب حياتهم من جرائها في تكريت ، وسط كل هذا تستنفر مليشيات محافظة بغداد قواتها لتصول  صولة رجل واحد على اتحاد الأدباء وقبلها صممت على إرهاب منظمة مسيحية لا لشيء إلا لإصرار أصحابها على العيش في بغداد التي يريد لها بعض المسؤولين أن تتحول إلى قندهار.على الحكومة أن تدرك جيدا أن الديمقراطية هي الحل، وهي التي تمنح الحاكم والمواطن الأمن والطمأنينة، فتجعل الأول ينام قرير العين، والثاني مطمئنا على مستقبل أبنائه وحمايتهم من الخوف من مداهمات ميليشيات مجالس المحافظات ومن ظنون الحكومة التي لاتزال تصر على أن مجرمي القاعدة الذين هربوا من سجون البصرة وجدوا في اتحاد الأدباء ملاذا آمنا وان المسؤولين في الاتحاد سيسعون إلى مساومة الحكومة من اجل الحصول على مناصب في حكومة لاتزال تسير على قدم واحدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram